واجبنا كنشطاء في دعم المــقــاومة إعلامياً، في مناسبة ارتقاء الحاج مــحــمــد عــفــيــف
د.إبراهيم علوش
ليس رثاءً، فإذا كان حزننا على ارتقاء الــسـيــد حـــســن نصرالله مؤجلاً، كما قال الحاج، فهو مؤجلٌ على الحاج مــحــمــد عــفــيــف أيضاً، فسلامٌ عليه، وعلى الــسـيــد حـــســن، وصفيه الهاشم، وكل الشهداء.
كذلك، لا يفوتنا مغزى اســتـشـهاد الحاج مــحــمــد عــفــيــف في مقر حزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان، لأن استهدافه هناك بالذات يبرز الصلة بين استهداف سورية في لبنان، واستهداف المــقــاومة في سورية، فهو دوماً استهدافٌ مزدوج، وهي عروةٌ وثقى بين سورية والمــقــاومة جاءت شــهــادة الحاج في مقر البعث لتؤكدها شراكةً في الحياة وفي الموت.
تصدى الحاج عفيف لملء الفراغ الذي أحدثه غياب القادة الكبار إعلامياً في عز الحرب، فكان الفارس الصعب في الزمن الصعب، وملأ مكانه ملياً، على الرغم من صعوبة الظرف وهيمنة الإعلام الأصفر والمعادي على فضاءات الخبر والتواصل.
علينا أن نسأل أنفسنا إذاً، بعيداً عن الحزن والرثاء، بماذا كان سيوصينا الحاج مــحــمــد عــفــيــف، لو قيض له أن يخاطبنا الآن، في مجال دعم المــقـاومة إعلامياً؟
لست بعلامٍ للغيوب، لكن ظني أن القيام بعملٍ واحد صغير، في مجال دعم المــقـاومة إعلامياً، كان سيسعد الحاج مــحــمــد عــفــيــف أكثر من مئة رثاءٍ جميل.
أود، في هذه المناسبة الجليلة، أن أوجه كلمة صغيرة لبعض المؤثرين الداعمين لمحور المــقــاومة الذين راحوا يطرحون في العلن تساؤلاتٍ من نوع: أين اجتياح الجليل؟ أين الصواريخ الكبيرة التي تدك ما بعد ما بعد حيفا؟ كيف تمكن العدو الصــهــيــوني من الوصول إلى كبار القيادات؟ إلخ…
هذه ليست مزايدة على أحد، ولا محاكمة ولا تخويناً لأحد، لكننا البعيدون عن الميدان أولاً، والذين لا نملك إلا دعم المــقــاومة عبر وسائل الإعلام والتواصل ثانياً، لا يجوز أن نتصرف كمحايدين، أو كحكام يراقبون مباراة رياضية من بعيد، ولا يجوز أن نفتي في الشأن الميداني أو الأمني، وتتلخص مهمتنا، في خضم المعركة الشرسة، في الحد الأدنى، في الذود عن المــقــاومة إعلامياً وسياسياً في وجه آلة ضخمة تقف خلفها دول عظمى وحركة صــهــيــونية عالمية.
لنفترض جدلاً أن العدو وجد ثغرات أمنية مكنته من استهداف قيادات كبيرة وبعض مخازن الصواريخ، ماذا بعد؟ هل نصر على محاسبة المــقــاوومة على ذلك هنا والآن؟ أم نشد على يديها حين تقرر الاستمرار في القتال بما تملك، بالرغم من الآلام والجراح؟ وهل الواحد يكون منا مشاركاً في تعزيز الصمود وصيانة الجبهة الداخلية، أم في الدفع نحو الانهيار؟
يا أخي لنفترض أنك تشاهد مباراة، وتمكن الفريق الآخر من تسجيل هدف في مرمى الفريق الذي تشجعه، هل تطالب بوقف المباراة من أجل محاسبة فريقك، أم تشجعه على المضي قدماً وعلى رد الصاع صاعين؟
مع كل المحبة والود، كلمة “مــقــاومة” تعني بالتعريف مواجهة غير متكافئة مع عدو متفوق عسكرياً وتكنولوجياً ومالياً، وهذه حالٌ يعيشها الشعب العربي الفلسطيني منذ أكثر من قرن، وعندما يقرر شعبٌ تبني هذا النهج، فإنه يعرف مسبقاً أنه يخوض مواجهة غير متكافئة.
إن واجبنا في الظروف الصعبة أن ندعو إلى استمرار القتال، وإلى تصعيد المــقــاومة، وإلى رص الصفوف، وإلى إعلان الفخر والاعتزاز بمــقــاومتنا وحواضنها الصامدة التي أعجزت العدو الصــهــيــوني وداعميه، والتي عطلت الحياة في الكيان الصــهــيــوني، وجعلت اقتصاده ينزف، ودفعت مئات الألوف من المستوطنين إلى الهرب من فلسطين المحتلة، وكبدته عشرات آلاف القتلى والجرحى، وأفشلت كل مشاريعه السياسية والعسكرية.
أما مسألة كيف تخاص المعركة في الميدان، أو في الظلال، فلنتركها لأربابها. وأما المحاسبة على الأداء، فلنتركها لأوانها.
فإما أن يقول الواحد منا خيراً بحق المــقــاومة وأهلها أو فليصمت، والأجدر، لحماية الناطقين الرسميين باسمها، أن يجد العدو أمامه ملايين الناطقين باسمها، حتى يصبح استهداف ناطق رسمي بعينه، من طرف العدو، بلا جدوى.
إنها المهمة التي انبرى لها الحاج مــحــمــد عــفــيــف بكفاءة واقتدار، وهو الأمر الذي يحملنا جميعاً واجب المــقــاومة إعلامياً، وواجب إعلاء رايتها، وصد الهجمات عنها، ونحن ملايين، وبإمكاننا جميعاً أن نساهم بحصتنا في هذا الواجب، كلٌ بحسب استطاعته.