إصدارات جديدة
الإقتصاد السياسي لصعود و تهالك النيولبرالية
كتاب للجميع وخاصة طلبة الإقتصاد والماركسيين العروبيين

مقدمة
يفرض النظام العالمي، وخاصة بعد هيمنة الرأسمالية عليه بما هو وليدها، كما تفرض وقائع الحياة/الصراع علينا قرائته كوحدة لا كأجزاء منفردة حتى لو أجزاء كبيرة منه، الأمر الذي لا يسمح لأيٍ كان بالانحصار في بقعة أو وحدة سياسية قومية محددة مهما كان انتمائه لها وخبرته في تكوينها ومجريات حياتها اليومية. كيف لا وقد غزت الرأسمالية مختلف بقاع الكوكب وتحاول في الفضاء.
غالباً ما يواجه المرء تحدٍّ: أين يُركز في اية أطروحة أو تحليل وفي اية فترة عاشها؟ على المحلي أم العالمي حتى لو أخذ في كل بحث البعدين بل الأبعاد الثلاثة بالاعتبار:المحلي والقومي/الإقليمي والعالمي.
أما أن يخصص المرء بحثاً في العالمي وهو في ومن بقعة محددة وملتهبة بالمطلق في الكوكب فذلك أمر قد يبدو غريباً في نظر اي قارىء. هذا ما كان وأنا أُعد هذا الكتاب.
ولكن، هل حرب الإبادة ضد غزة/فلسطين ولبنان خاصة وسوريا واليمن وليبيا إن لم نقل الوطن العربي بأسره وبدرجات ضعيفة أو مُنبتَّة الصلة بالمركز الإمبريالي العالمي بل بكل الغرب، هل هذا الغرب كباني ومالك ومتحكم كثيراً بالنظام العالمي غائب عن هذه الحرب؟ أم هو جزء منها بل مقدمتها؟
من هنا يكون فهم الغرب، المركز، الإمبريالية من أهم وأول ما يجب أن نقرأ ونفهم ونرد. ومع ذلك، لم تغب غزة عني في كل يوم وليس فقط في الوقت الذي يُصرف للبحث، هذا أو غيره.
نحن في الأرض المحتلة إذا نمنا،صحونا، أكلنا،شربنا، ذهبنا للعمل، عدنا للبيت، قرأنا ، كتبنا، حضننا اطفالنا، أحفادنا ، إشترينا لهم دفاتر المدرسة…إلخ تكون غزة حاضرة ولبنان حاضرة واليمن وسوريا في كل هذا، في نسيج حياتنا اليومية وحتى إن ضحكنا نشعر باللَّوم الجوَّاني. ومع ذلك، بل ولذلك صار بالإمكان التوقف للحظة أو مشاهدة الفضائيات تقطُّعاً والقيام بعمل ما لا سيما وأن المرء لا هو مسؤول سياسي ولا مقاتلاً ميدانياً ومع ذلك تتلاطم الأفكار والشعور بالذنب والتقصير.
هذا ما خالطني وأنا أجمع شتات مادة هذا الكتاب! أشتغل عليه وقتاً وأعافُه وقتاً آخر، لكنني كثيراً ما بررت ذلك بأن لكل إنسان دوره في ظرف ما ووضع ما وإمكانات ما وكذلك واجب ما.
لن أقول إذا صح أن الغرب يقاتلنا قبل ونيابة عن الكيان الصهيوني بل هو هكذا حقاً وهذا للأسف لم يزل غير مفهوم لدى كثير منا نحن العرب مما يوجب المساهمة في فهم هذا الغرب من باب إقرأ عدوك واعرفه. وهذا يجعل الفرش الفكري مسألة ضرورية وحتمية لتصل إلى كل من يهتم ولا سيما من له دور وإنتماء وقرار لأنه يُدرك أن الصراع مديد. فهذا النظام يطارد مختلف الأمم وخاصة في بلدان المحيط، وقد يكون الشهيد وديع حداد أفضل من فهمه وردَّ عليه بقوله”وراء العدوفي كل مكان” نعم لأنه في كل مكان.
وراء العدو فكرياً كذلك، وهذا الكتاب هام بالتأكيد للمثقف المشتبك، المثقف المنتمي ميدانياً ولطلبة الاقتصاد السياسي والتنمية وعلم الإجتماع فربما في ما نكتب تصويب لتشويهات وحَوَل فكري نظري وحتى وطني تعرضوا له في قاعات الأكاديميا التي رنخت بالفكر الراسمالي عموماً وكذلك بمدارس طلاؤها يسارياً نقدياً مثل مدرسة فرانكفورت وجوهرها رأسمالي بل خادم لراس المال والصهيونية وهو ما إتضح في المواقف من الإبادة الجماعية ضد غزة ولبنان، وهو ضروري لمن يرى الحياة والصراع من توجه عميق ، من وعي نقدي وفي الحقيقة لأن هذا العمل وإن كان موجَّهاً لكل مهتم، لكنه لن يجذب متابعي السوشيال ميديا حيث يجري تغييبهم حتى عن ذواتهم الشخصية.
لذا، لا مناص من القول الفصل بمعنى وجوب مواجهة التعمية بالمعرفة وهذه عملية اشبه بحرب الغُوار، فالغواريون قليلي العدد والإمكانات ويعملون في ظروف مجافية في مواجهة قوى تفوقهم في كل ما هو مادي وحتى تقني ولكنهم يفوقونها بشرف الرفض وقرار الإشتباك بالوعي ايضاً وعقيدة الصدام، هي تخوض الإشتباك بين العقيدة وبين الإيديولوجيا بالمضمون السلبي والخاطىء لها كما أكد ماركس.
إضافة لما ورد أعلاه وجدت أن كتاباً يناقش ويُفنِّد النظام الراسمالي العالمي ملخصاً إلى حد كبير في الإمبريالية الأمريكية هو ضرورة تساهم في إستكمال معالجة الوضع العربي الذي قدمته في كتابين في العامين الماضيين: كتاب Arab”s Regime Arabs’Enemy 2023 وكتاب العروبة في مواجهة الأنظمة، الإمبريالية والإستشراق الإرهابي 2024.
فمعالجة الوضع العربي بل تحليله و نقده تشترط معالجة النظام العالمي ذلك على أمل تقديم ذخيرة معرفية لقوى المقاومة بل وللظهير الشعبي الضروري للمقاومة بقيادة حركة ثورية عروبية لا بد منها كي تستقيم وتصمد بالصد والرد والإشتباك في قادم أيام الوطن الكبير وخاصة على ضوء الإنكشاف المعيب للوضع الجماهيري العربي في مواجهة كل من إرهاب قوى الدين السياسي بدايةً وحرب الإبادة المعولمة ضد فلسطين ولبنان خاصة من جهة ثانية.
لا بد للقارىء العربي أن يعرف النظام العالمي الذي نعيشه ويتحكم بنا ويعادينا خاصة كعرب وكبلدان المحيط وحتى غيرها. ولاستكمال مادة الكتاب أضفت ملاحق عن الراسمالية الإمبريالية الأمريكية. وهكذا، فإنه لفهم العالم لا بد من فهم أمريكا.
أخيراً، أكرر ما بدأت به، فلم يكن سهلاً ولا ممتعاً أن يشد المرء على عقله وأعصابه ليُغمض العين عن غزة والضفة الغربية والضاحية الجنوبية وكل لبنان الجميل لكن له اشواكاً واليمن النموذج العروبي الفريد اليوم وسوريا شريان صمود لبنان، ثم يكتب في أمور فكرية بحتة! نعم ليس سهلاً لكنه ضروري، وهذه هي حرب غوار الثقافة والفكر وضرورة توفير فرش فكري ليوم قادم.
لقد تكررت بعض النقاط والأرقام في غير موضع للضرورة بالطبع.
يتضمن الفصل الأول طبيعة النظام الرأسمالي العالمي وآليات الهيمنة الأمريكية على العالم سواء بالدولار أو بالمدفع أو بأدوات الولايات المتحدة ولا سيما النظام السعودي.
ويعالج الفصل الثاني السياسات النيولبرالية تطبيقياً ووصولها إلى نهاية شوطها وتحولها إلى الفاشية والاستحداث كخطى ترقيعية وذلك بعد فيض خطاب تمجيد هذه الفلسفة/المدرسة ولجوئها إلى الترقيع في محاولة للجم التاريخ الذي يلجِم ولا يُلجَم.
ويعالج الفصل الثالث التساؤل عن مصير أو مآل تجمع بريكس هل تتحول دولة أو دولاً منه من الرأسمالية إلى إمبريالية وهل ضمنها دولاً إمبريالية حالياً؟.
وتضمن الفصل الرابع شرحاً لبعض الدول التي تبنت النيولرالية.
وأخيراً أضفنا ملحقين أحدهما عن الوضع الإجتماعي/الأسري الأمريكي وعن رؤية الطبقة الحاكمة هناك لذاتها ودورها والعالم ويتناول الثاني قراءة للفوضى الخلاقة وإسقاطاتها على الأمة العربية.
ملاحظة” طُبع قبيل احتلال سوريا
د. عادل سماره