

د. عادل سماره
تنشغل الفضائيات و المنصات و عديد المحللين و مواقع و قنوات عديدة و خاصة في لبنان في معرفة مصير سلاح حزب الشهيد ذو العمامة السوداء بعد الحرب. لذا تُمطَر كوادر الحزب باسئلة قد يكون ظاهرها تشاطر الصحفي للفوز بخبر و قد يكون وراء البعض أخذ معلومة غير إعلامية بل أمنية ليبيعها، و في هذا السوق القذر بل و للرد على هذا السوق يضطر المتحدث باسم الحزب للصبر على هذه التفاهات و الأفخاخ بردود مرنة في دفاع عن موقف شريف من جهة و لكي يجد فرصة لنشر موقف الحزب من جهة ثانية!
و لكن لماذا؟
تتعدد الأسئلة لدرجة اختلاطها بالأجوبة بين:
هل سيسلِّم الحزب سلاحه للدولة?
و لماذا جرَّ الحزب العدو لما قام به من دمار؟
و الناس تعبت من الحرب
و هناك كثيرون ضد سلاح الحزب.
بل و الحزب أخذ لبنان لحروب الآخرين
أمَّا وصول الحضيض ففي قول رئيس لبنان “تعبنا من حروب الآخرين”، و اغتباط العقول الشكلانية بقوله “انا عربي و لبنان عربي”!! مُدهش أنت يا رجل. و لكن ربما تقصد أنك عربي و لكن لا عروبي، فمختلف حكام القطريات عرباً .
نعم لأن الهدف من وراء التفوُّه ب “حروب الآخرين” هو طائفي إقليمي قُطري مذهبي خبيث و متخلف و معادٍ للتاريخ و الحاضر و المستقبل. إن هؤلاء هم أدوات للإمبريالية والصهيونية ضد العروبة كي يبقى هذا الوطن مفككاً و مُقتتلاً و متجهاً طوعاً إلى مقصلة الإبادة.
الطائفي و المذهبي الدينسياسي جاهز ليكون أداة لقوي خارجي سواء من الإقليم أو الكوكب، و بالتالي هو متخارج غرباً او شرقا لا فرق.
مضطر ناطق باسم الحزب لتحمُّل تفاهات و جوسسة هذا الصحفي أو ذاك كي يُدافع عن الحزب اليوم و غداً. لكن من ينطقوا باسم الحزب ، في حدود ما نتابع، يقولون بأن الحزب دخل الحروب دفاعاً عن لبنان.و سيدافع الآن بعد الدولة عن لبنان.
و هنا يلاحظ المشاهد درجة من التهرب من تراث الحزب رغم وضوحه! فلماذا هذا إذن؟
لقد قاتل الحزب من أجل لبنان و فلسطين و سوريا و على الأقل هذا ما كان ذو العمامة ينطق به رغم ما كانت عليه من تقييدات .هذا ناهيك عن مواقف و أماكن الخطأ كالموقف من ليبيا القذافي.
صحيح ان الحزب دافع عن لبنان و خاصة أن العدوان ضد لبنان كان منذ 1948 اي قبل أن تنتقل المقاومة الفلسطينية بما هي “آخرين” كما يزعم الرئيس جوزيف عون كي يُرضي الصهيمريكي و النفطي. فطالما إعتدى الكيان على الجنوب اللبناني قبيل انتقال المقاومة الفلسطينية إلى هناك. بل إن اقتلاع مئات آلاف الفلسطينيين عام 1948 و طردهم إلى لبنان هو عدوان، و اقتلاع ملايين السوريين و هروبهم أو طردهم إلى لبنان 2011 في ثورة إرهاب الدينسياسي هو عدوان.
و عليه، فإن دفاع الحزب عن فلسطين هو موقف قومي مهما جرت تغطيته بالإسلام فقط و تجريده من العروبة. و لا أدري لماذا لا يفتخرون بما قاموا به و لماذا لا يقولون لثعالب المنصات إن أسئلتكم يجب أن تُرمى في وجوه الذين لم يدافعوا أو الذين صمتوا أو الذين وقفوا ضد فلسطين. و بأن الحزب قام بدوره و لا معنى لزعم أنه جر لبنان إلى الدمار.
هل يخجل الحزب من القول بأن فلسطين عربية و الحزب عربي و هذا واجبه؟ هل الأمر تراجع للمستوى القُطري بل الأقل من كياني لبنانياً؟ و المضحك ضَحِكاً مُرَّاً أن مرددي “حروب الآخرين” يتقوقعون وراء جملة أسوأ ضد اللبنانين الآخرين بقولهم “لا يشبهوننا”. و الحقيقة أنكم أنتم لا تشبهونهم.
ربما هذا مقتضى الظرف، و لكن هذا لا يجبُّ ماضي الحزب القريب جدا، لذا، يجب القول الصريح نحن دافعنا عن فلسطين و هذا واجبنا و دافعنا عن سوريا، و ها هو حالها اليوم بل ها هي قتيلة بالفعل، و اليوم تغيرت الظروف و بالتالي حين يتوفر المناخ المناسب سوف نكون حيث يجب أن نكن.
هل في ثقافة الحزب ما يلجمه عن ذكر أنه عربي و أن واجبه كعربي القتال لتحرير فلسطين؟ و أنه حتى لو هُزم فلا يشعر بحرج أو عار لأنه قاتل الغرب بل كل الثورة المضادة و مع ذلك لم يُهزم.
إنَّ خجَل الحزب من التصريح بأن واجبه كعربي النضال لفلسطين و سوريا يضعه في خانة من غامر و خرَّب لبنان و بالتالي يضع نفسه في موقف ضعيف أمام لبنانيين يعلنون أنهم فخورون بالعمالة.
إن عدم إستخدام الحزب و كثير من قوى المقاومة في الوطن العربي إسمها الحقيقي اي انها عربية و ليست فقط إسلامية هو إستخدام تنفيري للظهير الشعبي العربي الذي عليها إستمالته وبأن غيابه أو وضع وعيه في حال ضبابية يجعل إنتصار المقاومة صعباً لأن الظهير الشعبي هو العامود الفقري للنصر، بل و يقدِّم مبرراً لتخاذل الأنظمة العربية تجاه المقاومة. لعله مثار عجب أن يخجل من يناضل ضد الكيان أمام من يفتخر بأنه عميل للغرب و الكيان.بل إن عدم الإقرار بعروبة أي فصيل من أية مقاومة هو ضد العرب غير المسلمين و تنكُّراً لجاهزية و تراث الثوريين العروبيين منهم.
هذا الهروب من عروبة المقاومة هنا او هناك هو الذي منح سلطات السعودية الزعم أنها اقامت “التحالف العربي”!
بوسع الحزب القول اليوم: نحن لم و لن نتغير، و لأن تحرير فلسطين و الوطن العربي هو واجب جماعي، لقد جربنا ذلك بينما تخلت الأكثرية عن الواجب، لذا لا نخجل، و لكن لا بد من تغيير الظروف و حين يصطف الجميع لتأدية الواجب سنكون في المقدمة.
أخيراً، في هذه اللحظة الحاسمة من التاريخ على الحزب وكل عروبي أن يقف دفاعاً عن بل والعمل مع ثلاثي الكرامة و النضال المشرِّف: المقاوم اللبناني والمقاوم الفلسطيني و التصدي اليماني و على هؤلاء العودة للعروبة ،فمن رحم هذا الثلاثي تتبلور و تمتد حركة تحرير الوطن العربي بأسره. أنَ للمقاومة التي تتهرَّب من عروبتها أن تتخلَّص من اية ضغوطات خاصة بعد أن إتضح أن لا دمٍ جاهز ليسيل لتحرير الوطن الكبير سوى الدم العروبي.
ليكن النقد دائماً، إن النقد الجريىء هو حالة نبوئة حتمية للإنطلاقة الجديدة.
ملاحظة: مثالاً على التهرُّب بعض ما قاله السيد علي فياض عن علاقة الحزب بسوريا بقيادة الرئيس الأسد في مقابلة طويلة مع علي رزق: