منع تصفية القضية الفلسطينية يجب أن يكون الهمّ الأساسيّ للقمة
مجلس إدارة مؤسسة القدس الدولية: منع تصفية القضية الفلسطينية يجب أن يكون الهمّ الأساسيّ للقمة العربية، وتيارات الأمة المؤتلِفة في هذه المؤسسة تدعو إلى حراك مفتوح لإسقاط قرار ترمب ومسار التطبيع
تدارس المجلس في اجتماعه التوجهات التطبيعية الكارثية التي يتبعها بعض العرب والمسلمين، ومحاولة اعتبار الكيان الصهيوني عضوًا طبيعيًّا في تحالف مصالح موهوم يراد بناؤه، في الوقت الذي يسعى الأخير وبغطاء وإسهامٍ أمريكيّيْن للوصول إلى تصفيةٍ تامةٍ للقضية الفلسطينية عبر تصفية أهم عناصرها وهما القدس وحق العودة، وهو السياق الذي جاء فيه قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمةً للكيان الصهيوني، وتوجهه لمحاولة إلغاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”؛ الأمر الذي ردت عليه الشعوب العربية والإسلامية وشعوب العالم الحُرّة بمسيراتٍ مليونية رفضت قرار ترامب من أندونيسيا إلى المغرب مرورًا بتركيا وإيران وماليزيا والأردن والكويت ولبنان واليمن وأوروبا وأمريكا وغيرها من بلدان العالم، وردّ عليه الشعب الفلسطيني بمقاومته المستمرة وبمسيرة العودة الكبرى. وبعد نقاشٍ معمّق صدر عن الاجتماع المواقف الآتية:
1- تتوجه المؤسسة إلى أبطال مسيرة العودة الكبرى في قطاع غزة، وروّاد فعاليات المسيرة في كل فلسطين وخارجها بالتحية والإجلال، وتنظر بعين الفخر إلى ضخامة التضحيات، وتأثير الوسائل الإبداعية في المواجهة، وترى أنّ المسيرة والفعاليات المرافقة لها أكدت حيوية المقاومة لدى الشعب الفلسطيني وأنصار حقّه، وقدرتهم على التصدي وابتكار الأساليب الخلّاقة في المواجهة، ووعيهم بطبيعة المعركة والصراع حيث فشلت محاولات إحداث فتنة بين المقاومة في غزة وحاضنتها الشعبية.
2- إن الردّ الشعبي العربي والإسلامي والدوليّ أظهر انحياز هذه الشعوب إلى الحقّ، وبيّن تمسك الشعوب العربية والإسلامية، وشعب فلسطين الأبي بثوابته بالقدس وحق العودة، وهذا الرد لا بد أن يجسده موقف سياسي موحد على رفض صفقة القرن التي يروّج لها ورفض التطبيع، وتأكيد خيار المقاومة بكل أشكالها نهجًا للعودة والتحرير.
3- يوجه مجلس إدارة مؤسسة القدس الدولية رسالةً مفتوحةً إلى القمة العربية المنعقدة في الدمّام بأن قضية فلسطين يجب أن تكون الموضوع الأساسي للقمة، وبأن حماية الوجود العربي والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس يجب أن تكون على رأس جدول أعمالها، وبأن الحد الأدنى الذي تنتظره الشعوب العربية منهم أمام هذا التحدي التاريخي هو رفض قرار ترامب رفضًا قاطعًا غير قابلٍ للتأويل، وإعلان مواجهة أي تداعيات فعلية لهذا القرار بما في ذلك نية أمريكا نقل سفارتها إلى القدس، وتأكيد عودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه التي طرد منها بقوة السلاح الغاشم، وبرعاية استعمارية غربية. وفي الوقت الذي تشتدّ فيه الهجمة على القدس والمقدسيين فإنّ القمة العربية مطالَبة بدعم حقيقيّ عاجل وجادّ لتثبيت أهل القدس؛ فقد فاقت المعاناة الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية للمقدسيين قدرة أي شعب أعزل على تحمّلها. لقد رسم السقف الدوليّ مستوى جيدًا من رفض قرار ترامب حول القدس عبر تصويت 128 دولة ضده في الأمم المتحدة، وتصويت 14 دولة ضده في مجلس الأمن، فلا يُعقَل أن تخرج الجامعة العربية بمواقف أدنى من الموقف الدوليّ وهي الجهة المعنية مباشرة بتهديد حقّ شعوبها بقدسها.
4- إن التوجه الذي تبديه بعض القوى العربية نحو التطبيع في ظل ممارسة صهيونية وأمريكية تصفوية للحق العربي والإسلامي في فلسطين هو تشجيع لهذه التصفية يصل حد المشاركة، وإن مؤسسة القدس الدولية توجه نداءها إلى الدول والأطراف المتضررة أكثر من غيرها من هذه التوجهات الكارثية، وعلى رأسها لبنان والأردن والسلطة الفلسطينية، إلى عملٍ جماعي مشترك للحؤول دون توفير أي تغطية لهذا التطبيع الكارثي، وللحفاظ على الحد الأدنى من التمسك بالثوابت، وهو أقل ما يُقبل من الحكومات العربية والإسلامية التي يفترض أن تكون حامي القدس والأقصى. وتؤكد المؤسسة أن أي محاولة للتساوق مع التطبيع وقرار ترمب حول القدس تضع الحكومات العربية التي تسير في هذا المسار في دائرة الطعن بشرعيتها وانتمائها من قبل شعوب الأمة، إذ لا شرعيّة لحاكم يتنازل عن القدس، أو يسكت على تضييعها، أو ينحرف بمبادئ الأمة للتصالح مع محتلِّها المجرم.
5- إنّ الظرف الراهن الذي تمرّ به القدس وفلسطين يُحتِّم على القوى والشخصيات والنُّخب الحُرّة في الأمة تنسيق الجهود، ورصّ الصفوف لمواجهة التحديات والمؤامرات، وندعو علماء الأمة إلى مواقف شُجاعة تجرِّم التطبيع، وتحثّ الجماهير على الانخراط في معركة الدفاع عن القدس وفلسطين، كما ندعو الإعلاميين والمثقفين والسياسيين وأهل القانون والروابط الشبابية والنسائية إلى صدّ الهجمة على قدسنا ومقدساتنا وقيمنا الأخلاقية والسياسية والوطنية.
6- تدعو المؤسسة إلى حراك شعبيّ فلسطيني وعربيّ وإسلاميّ مستمرّ، يصل ذروته في شهر أيار/مايو المقبل وتحديدًا اليوم الذي تنوي فيه أمريكا نقل سفارتها إلى القدس المحتلة في 14 أيار/مايو؛ من أجل إسقاط قرار ترمب وخيار التطبيع، وتدعو المؤسسة إلى استخدام وسائل المقاومة كافة لإفراغ مشروع الإدارة الأمريكية من مضمونه السياسي، كما تدعو الشعب الفلسطيني الصامد في المنافي واللجوء إلى استمرار التحامهم مع نضال شعبنا الفلسطيني في الداخل والمشاركة بكثافة في الفعاليات الدائمة لمسيرة العودة لا سيما في الذكرى السبعين للنكبة، والتحضير لمسيرات ضخمة تشابه مسيرات غزة تتجه لأقرب نقطة إلى فلسطين في دول الطوق.
7- نؤكد أن محاولات خنق المقاومة والمؤسسات الداعمة للحق العربي والإسلامي في القدس وفلسطين لن تتمكن من خنق صوت الحق، وأن التيارات العربية والإسلامية الكبرى المؤتلفة في هذه المؤسسة المباركة لن تسمح بتمرير المخطط الأمريكي بحسم مصير هذه المدينة لتكون عاصمة يهودية للاحتلال، ونؤكد أن هذه المؤسسة ستبقى ماضية في أداء رسالتها حتى تحرير القدس، لتنتقل بإذن الله من مقرّها المؤقت في بيروت إلى مقرّها الدائم في القدس المحررة كما نصّ نظامها الأساسي عند تأسيسها عام 2001.
8- تابع المجتمعون تطورات عمل المؤسسة، وقرروا استمرار الجهود وتكثيفها في مختلف المجالات، والتكامل مع جهود القوى الحيّة في الأمة من أجل مواجهة المخاطر المحدقة بالقدس وفلسطين والشعب الفلسطيني، وناقشوا مسارات العمل التفصيلية خلال الأشهر القليلة القادمة وصولًا إلى عقد المؤتمر التاسع لمجلس أمناء المؤسسة في بيروت، حيث زار وفدٌ من المؤسسة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون الذي أبدى كل ترحابٍ بانعقاد المؤتمر في بيروت، مؤكدًا أن الوقوف إلى جانب القدس ودعمها محل إجماعٍ بين كل اللبنانيين.
وفي الختام، إننا نؤمن أنّ الباطل مهما علا لن يتحول إلى حق، ولن يحوز الشرعية، ونثق بوعد الله بالتحرير، ووعي شعوبنا بإسقاط كل المؤامرات.