” حماية ” سياسة إسرائيلية ممنهجة لاستهداف المدنيين المشاركين في مسيرات العودة
أصدر مركز حماية لحقوق الإنسان تقرير حقوقي إحصائي رصد إستهداف المدنيين المشاركين في مسيرات العودة التي ابتدأت يوم الجمعة 30/3/2018 في خمس مناطق شرق قطاع غزة.
وقال التقرير أنه وفق التحقيقات الميدانية التي أجراها المركز فإن قوات الاحتلال الاسرائيلي تتعمد استهداف المدنيين المشاركين في مسيرات العودة الكبرى، حيث سجل باحثو المركز منذ بدء فعاليات المسيرة استشهاد (35) مدني، أحدهم صحافي، ومن بينهم (3) أطفال، كما أصيب أكثر من (3500) مصاباً، من بينهم (456) طفلاً، و(83) من النساء، و(47) صحافي، و(20) مسعفاً، ومن بينهم (1495) أصيبوا بالرصاص الحي، معظمهم تم استهدافهم من قبل القناص الإسرائيلي المتمركز خلف الخط الفاصل مع قطاع غزة، رغم تواجدهم على بعد مسافات تتراوح ما بين 300 إلى 700 متر من الخط الفاصل.
واستعرض التقرير مجموعة من الإفادات التي حصل عليها المركز من ذوي الشهداء وبعض المصابين، والتي تثبت أن قوات جيش الإحتلال الإسرائيلي تتعمد بشكل ممنهج إستهداف المدنيين الفلسطينين المشاركين في هذه المسيرات.
وتناول التقرير موقف القانون الدولي من إستهداف المدنيين المشاركين في مسيرات العودة، مبيناً أن القانون الدولي يكفل حماية خاصة للمدنيين، حيث بين التقرير ان المدنيون يتمتعون بالحماية من آثار العمليات العسكرية، وجميع حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي لإقليم الدول المتحاربة، حتى لو لم يواجه هذا الاحتلال مقاومة مسلحة، وبين التقرير ان اتفاقيات جنيف تطبق فيما يتعلق بالمدنيين على الدول الأعضاء وغير الأعضاء، وهي تكون بذلك عرفاً دولياً ملزماً للجميع.
وبين التقرير ان القانون الدولي الإنساني نص على وجوب حماية المدنيين من كل أشكال العنف والمعاملة المهينة بما فيها القتل.
كما جاء في التقرير انه لا يجوز وفق أحكام القانون الدولي إستهداف المدنيين؛ بهدف تحقيق المزايا الحربية، وتدمير القوة الدفاعية، أو بهدف الانتقام، إذ يجب اتخاذ كافة الاحتياطات الواجبة؛ لتجنيب المدنيين أي إستهداف، ولذلك يُحظر الهجوم العشوائي الذي لا يُميز بين المدنيين والعسكرين، كما يَحظر القانون الدولي استخدام الأسلحة العشوائية؛ كون أن هذه الأسلحة من شأنها أن تصيب العسكريين والمدنيين، دون تمييز بينهم .
وبين التقرير ان القانون الدولي الإنساني ضمن العديد من المبادئ لحماية المدنيين أهمها: ” مبدأ التمييز بين الأشخاص المدنيين والعسكريين” ، وكذلك مبدأ ” عدم التمييز بين الفئات المحمية” الذي يقضي بوجوب معاملة أطراف النزاع للأشخاص المدنيين دون تمييز على أساس الجنس، أو الجنسية، أو اللغة، أو الآراء السياسية والدينية، ومبدأ ” المحافظة على السلامة الجسدية للفئات المحمية ” والذي يقضي بالحفاظ على السلامة الجسدية للمدنيين، وعدم جواز ممارسة العنف ضد حياتهم أو صحتهم أو سلامتهم الجسدية .
وأكد التقرير قواعد القانون الدولي الإنساني أرست حماية خاصة لبعض الفئات من المدنيين مثل الأطفال والنساء، وأفراد الخدمات الطبية، وعمال الإغاثة الإنسانية، والصحفيين، وأفراد الدفاع المدني.
إلا أنه رغم هذه الحماية فإن قوات الإحتلال تتعمد استهدافهم دون أي سبب مشروع، واعتبر التقرير أن استمرار جيش الإحتلال باستهداف المدنيين هو نتيجة لإمعان المجتمع الدولي في تكريس ثقافة الإفلات من العقاب وعدم مسائلة الإحتلال على جرائمه المستمرة بحق المدنيين الفلسطينين .
وطالب مركز حماية في نهاية تقريره المجتمع الدولي بالوفاء بالتزاماته القانونية تجاه المدنيين الفلسطينين، وتوفير الحماية الدولية لهم، وضمان عدم إفلات قادة الإحتلال الإسرائيلي من العقاب والمسائلة عما أمروا بارتكابه من جرائم بحق المتظاهرين بمسيرات العودة، كما طالب المركز الدول العربية باتخاذ موقف جاد إزاء الإحتلال الإسرائيلي لردعه عن ارتكاب المزيد من الجرائم بحق المدنيين الفلسطينين، وبدوره دعا المركز المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بضرورة الإسراع في البدء بفتح تحقيق جدي في جرائم الإحتلال وانتهاكاته الجسيمة بحق المدنيين الفلسطينين ، وأخيراً دعا المركز إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق أممية للتحقيق في الجرائم التي تقترفها قوات الاحتلال ضد المدنيين في قطاع غزة، واتخاذ الإجراءات والآليات اللازمة لملاحقة مقترفيها.