بين البندقية القديمة و حاملها علاقة عشق لا يعرفها إلا من عاشها
بشير شريف البرغوثي
بين البندقية القديمة و حاملها علاقة عشق لا يعرفها إلا من عاشها .. لكن ما سر تلك العلاقة ؟ لماذا لا يبدل الثائر الحق بارودته القديمة بأحدث الرشاشات الآلية ؟ كما لايبدل العاشق معشوقته بملء الأرض صبايا ..
” تردف ” البندقية القديمة فتهز الكتف بعنف الثورة و عنفوان الشباب .. تعيد الدم إلى الوريد معجزة سماوية .. لا يتأفف المقاتل من ردف بارودته حتى لوخلعت كتفه من جذورها .. إنه يعشقها و يعشق سر الحياة عند نفض الدم في الوريد
ربما أخمصها أو كعبها الخشبي .. يسمح للمقاتل أن ينقش بإبرة التنظيف او السيخ .. اسم أمه و حبيبته و بلاده على كعب البندقية .. حنين ليس لمثله مثيل في أخماص الرشاشات الحديدية
ربما لأن البارودة القديمة فارعة الطول كقد الحبيبة .. و ليس ذلك لقوام الرشاشات الحديثة
ربما لأن البارودة القديمة خشبية الكعب تظل دافئة ..و تدفيء جسد المقاتل حين يحضنها تحت بطانيته العسكرية الخشنة كي يحلم بالوطن الدافيء و الشمس المشرقة
ربما لأن الرشاش الحديث وليد فورة نفط على حين ان البارودة القديمة جاءت من صهر إسورة ألجدة و خاتم الأم و قلادة عنق الحبيبة
ربما لأن البارودة العتيقة هي تواصل كفاح الآباء و الأجداد مع الأحفاد .. و ليست نتاج صفقة مشتريات بتمويل دول مانحة مانعة
لا أدري لكن رائحة خشبها العتيق لا تزال تعطر أنف الشهيد !!