أطفال أسرى في سجون الاحتلال الصهيوني
عميرة أيسر*
من المواضيع الغير مطروقة في إعلامناَ العربي كثيراً هو ملف الأسرى الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم بعد و بالتالي لم يصلوا بعد لمرحلة سنَّ التكليف القانوني أو الشرعي، في سجون الاحتلال الصهيوني العبري، فهؤلاء الذين حرموا من طفولتهم و تعليمهم وأن يعيشوا حياة طبيعية مثل أقرانهم في من أطفال العالم، يجدون أنفسهم وأحياناً بدون جرم اقترفوه في سجون لا تتوفر على أدنى شروط الكرامة الإنسانية، وذلك بحسب التقارير الدورية الصادرة عن المنظمات الحقوقية الدولية، أو الجمعيات التي تعني بالدفاع عن حقوق هؤلاء الأطفال المعتقلين إدارياً أو جنائياً، وبعضهم محكومون بسنوات سجن طويلة جداً، وهناك تقارير دورية لمنظمة اليونيسيف تفصح سوء المعاملة التي يتلقاها هؤلاء الأطفال والذين يقدر عددهم بحوالي 400 طفل سجين، و يتوزعون على ثلاثة سجون وهي عوشر ومجدو وهاشارون.
فأطفال فلسطين الأبية المعتقلين في هذه السجون السيِّئة السمعة والصيت داخلياً وخارجياً، يتعرضون لمختلف أنواع المضايقات والتنكيل بهم سواءً من الناحية الجسدية أو النفسية، ويعيشون ظروفاً قاسية جداً، ويفتقرون لأبسط حقوقهم المكفولة لهم قانوناً، كحقهم في توكيل محامين للدفاع عنهم أو رؤية أسرهم بشكل منتظم كما تنص على ذلك كل اللوائح والقوانين الدولية المتعقلة بحقوق السجناء، وحسب أقوال: رئيس نادي الأسير الفلسطيني الأستاذ قدوة فارس فإن هؤلاء الأطفال يتعرضون لمحاولات استنطاق مستمرة من طرف الضباط الصهاينة، للاعتراف بجرائم وعمليات مقاومة بطولية تستهدف الجنود الصهاينة هم لم يرتكبونها أصلاً ولا يعرفون عنها أي شيء، إذ أن هناك العشرات من الأطفال من تم اقتيادهم مباشرة إلى سجون الاحتلال حتى دون تحقيق أو محاكمات كما هو متعارف عليه في القوانين الصهيونية، وهناك من دوهموا وجرت عمليات اعتقالهم وهم على مقاعد الدراسة أو في بيوتهم، فالكيان العبري الاستعماري يروج في العالم بأنه يحترم حقوق الآخرين ويدافع عن حقوق الأطفال، طبعاً أطفال الكيان الغاصب، أما أطفال فلسطين فيدخلون ضمن تصنيفات أبناء الغويم أو الأغيار وبالتالي لا قيمة إنسانية لهم، ويجب إبادتهم واعتقالهم والتنكيل بهم، لأن هؤلاء حسب وجهة نظر العقيدة السِّياسية والعسكرية لصهاينة قد يتحولون إلى مشاريع شهادة أو إلى مقاومين محتملين أو إلى كوادر علمية أو معرفية أو ثقافية أو فنية قد تخدم قضية شعبهم لذلك يجب تدمير مستقبلهم، وهم لا يزالون عبارة عن براعم لا تعرف بعد الوجه القذر والإجرامي لإسرائيل، هذه السياسة الخبيثة تجد الكثير من الدَّعم والمساندة من طرف مثقفين ونخب وأحزاب سياسية كبيرة في تل أبيب، كأحزاب الليكود وكاديما وحتىَّ داخل قيادات حزب العمل اليساري.
عمليات الاعتقال الإداري التي تتم دون إجراء محاكمات مسبقة وهو حكم ظالم وجائر شرعنه الاحتلال، ولمدة تتراوح ما بين 3 إلى 6 أشهر قابلة للتجديد، وذلك بدعوى أن الطفل المعتقل يشكل خطراً على أمن إسرائيل، فالاحتلال الصهيوني والذي سرع من وتيرة اعتقال الأطفال منذ سنة 2014، حيث يقبع في الزنازين الصهيونية أكثر من 150 طفلاً وهم دون سن 15 سنة، فمدينة القدس التي تشهد منذ شهر أكتوبر سنة 2015 ما طلق عليه انتفاضة السكاكين شهدت أكبر نسبة اعتقالات في صفوف الأطفال قد قام بها الاحتلال في ظرف السنوات القليلة الماضية، إذ جرت عملية اعتقال حوالي 900 طفلاً إدارياً، أكثرهم قد تمَّ اعتقالهم وهم في حالات دفاع على النفس أو لحماية المسجد الأقصى المبارك.
في حين تعرض أكثر من 760 طفلاً للاعتقال في سنة 2013، وفي سنة 2016 جرى اعتقال أكثر من 600 طفل فلسطيني من أبناء القدس، بينهم حوالي 9 أطفال وهم دون سن 14سنة، كما جرت عمليات اعتقال كذلك لفتيات قاصرات وأصغرهنَّ هي الطفلة منار شويكي ذات 15 ربيعاً، والتي لا تزال معتقلة في سجون الاحتلال الصهيوني المجرم، وكذلك فإن الاحتلال الإسرائيلي يحاول تجنيد هؤلاء الأطفال ليصبحوا عملاء لجهاز الموساد الصهيوني أو مختلف الأجهزة الأمنية التابعة له.
وذلك من خلال وضعهم في زنازين تضمّ ضباط صهاينة يتقنون اللهجة الفلسطينية بشكل كبير، وإيهامهم بأنهم من المقاومة الفلسطينية ثم يقومون بعملية استدراجهم لوقوع في فخ، ووحل الخيانة والعمالة والتطبيع، وبالرغم من كل ما يتعرض له الأطفال الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي من تعذيب وحشي وتحرش جنسي وحرمانهم من النوم لساعات طويلة وإيقاظهم في ساعات مبكرة، وذلك بواسطة استخدام خراطيم المياه الباردة وخاصة في أوقات الشتاء، ولكن لا يزال ضمير الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها والتي تعني بالدفاع عن حقوق الأطفال و جمعيات حقوق الإنسان، متفرجة على معاناتهم تلك ولا تحرك ساكنة لإنقاذهم، أو لمساعدتهم أو لفرض عقوبات اقتصادية أو سياسية أو حتى عسكرية لإجبار الكيان الصهيوني المحتل على إطلاق سراحهم، ما دام أن الأمم المتحدة ليست إلا كياناً سياسياً هزيلاً وضعيفاً ويدافع عن مصالح الدول الغربية الاستعمارية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي يؤكد كل قادتها وأخرهم دونالد ترامب، على دعمهم الكامل واللامحدود لكل ما تقوم به إسرائيل في سبيل الحفاظ على أمنها، حتىَّ ولو كان ذلك على حساب أطفال أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم يعيشون فوق أرض عربية محتلة، ويرفضون العيش تحت سلطة الاحتلال الصهيوني الغاشم.
*كاتب جزائري