تحاليل و تقارير ساخنه
امبراطورية “ابن زايد” الاستخباراتية.. أمريكا الراعي الأول !
سعى ولي العهد الإماراتي «محمد بن زايد» على مدار الستة أعوام الماضية، إلى إيلاء الجانب الأمني والاستخباراتي أهمية واسعة، عبر استقدام مئات الضباط الغربيين، ومنحهم أموالاً كثيرة مقابل العمل على تأسيس جهاز استخباراتي إماراتي، وتدريب الضباط الإماراتيين على التجسس وإخفاء هوياتهم.
لا تقف مساعي ولي العهد الإماراتى عند هذا الأمر، بل امتدت لتشمل خطوات أوسع نحو عقد مزيد من الصفقات في أجهزة التجسس وتقنيات المراقبة، والدفع بنجله على رأس المؤسسة الأمنية الأولى في بلاده، ضمن مسعاه لتأسيس مملكة من التجسس، ورفع كفاءة ضباطه، والحيلولة دون اختراق بلاده، أو نمو حركات احتجاجية داخلها.
سعت دولة الإمارات، خلال العام الماضي، إلى تأسيس كوادر إماراتية مُدربة على أحدث أساليب الاستخبارات، عبر الاستعانة بعشرات من ضباط الاستخبارات الأمريكية «سي آي إيه» واستضافتهم داخل مقار بالعاصمة الإماراتية مقابل مبالغ مالية طائلة نظير تهيئة هذه الكوادر تهيئة متكاملة، واطلاعهم على أدوات التجسس الحديثة وتقنياته، ومهارات التخفي، وإنشاء هويات التمويه.
“ما الاستخبارات؟”.. يبدأ يوم الضابط الإماراتي بندوة لأحد ضباط الاستخبارات الأمريكية السابق، في فيلا حديثة تقع شمال شرق أبوظبي، والتي يسعى فيها الضابط الغربي إلى صقل مهارات الإماراتيين المعرفية بمجال الاستخبارات، قبل أن تبدأ تدريبات عملية استكشافية مثل نوعية البحث عن الكنز، وذلك وفقاً لما كشفته مجلة «فورين بوليسي»، في تحقيق صحافي، أوضح كذلك أن الضباط الغربيين يعلمون الإماراتيين مهارات التخفي خلال المناسبات الدبلوماسية، وأنماط التعامل مع العناصر الاستخباراتية الأجنبية.
أما في نهاية الأسبوع؛ فيقطع الضباط والمجندون الإماراتيون مع ضباط السي آي إيه مدة زمنية نحو 30 دقيقة بالسيارة، على بعد كيلومترات خارج مدينة أبوظبي، ليجدوا أنفسهم داخل منشأة خاصة بالتدريب، مُجهزة بأحدث التجهيزات العسكرية، وساحات التدريب على إطلاق النار، والثكنات، ودورات قيادة المركبات، يُطلق عليها «الأكاديمية»، وفيها يتدرب المجندون الإماراتيون تحت مرأى قادتهم الغربيين على تدريبات عسكرية.
تتنوع الدورات التدريبية التي أعدها الخبراء الغربيون بين «خط تزويد المعلومات الأساسية»، والذي يتضمن معسكر تدريب فوري، إلى جانب مهارات تحرير التقارير، واستخلاص المعلومات، وتسجيل الملاحظات، وبرنامج خارجي للاستخبارات الأجنبية، ودورة حول طرق تسيير مكتب التحقيقات الفدرالية، ودورة شبه عسكرية.
مهارات التدريب التي سعى ضباط الاستخبارات الأمريكية إلى تعليمها للجنود والضباط الإماراتيين تضمنت، كذلك، إنشاء هويات التمويه لاستخدامها عند حضور الحفلات التي تحضرها الشخصيات الدبلوماسية، والكيفية التي ينبغي من خلالها التعامل مع المصادر الاستخباراتية، ومشاهدة مقاطع حول كيفية تجنيد المصادر الليبية. وتبلغ الأجور المالية للضباط الغربيين المسئولين عن هذه الدورات التدريبية نحو ألف دولار يومياً، بجانب تهيئة مكان الإقامة فى فندق خمس نجوم بأبوظبي أو فيلات مجهزة.
“لاري سانشيز” الضابط السابق في جهاز المخابرات، هو الحلقة الرئيسية في إعداد هذه المناهج التدريبية للضباط الإماراتيين؛ فالضابط الذي خدم سابقاً في جهاز الخدمة السرية لوكالة الاستخبارات المركزية، عميلاً سرياً يعمل تحت غطاء في وكالات ومنظمات أخرى، عمل مستشاراً لولي العهد الإماراتي، على مدار ستة أعوام ماضية، ومنحه الصلاحيات والأموال لإعداد دورات تدريبية للضباط والجنود الإماراتيين في مجال الاستخبارات، وبناء الهيكل الرئيسي لجهاز الاستخبارات الإماراتي.
واجتذب سانشيز عشرات الضباط السابقين في أجهزة الاستخبارات الأجنبية إلى الدولة الخليجية عبر إغراءات الأموال الطائلة، بجانب إريك برنس مؤسس «بلاك ووتر»، الذي قدم خدمات أمنية لدولة الإمارات من خلال إنشاء كتيبة تتألف من القوات الأجنبية تعمل لصالح ولي العهد، وكذلك ريتشارد كلارك، قيصر مكافحة الإرهاب سابقًا بالبيت الأبيض، الذي يعمل هو أيضًا مستشاراً كبيراً لولي عهد أبوظبي بصفته الرئيس التنفيذي لشركة غود هاربور الاستشارية للمخاطر الأمنية.
نجل «محمد بن زايد».. المسؤول الأول عن هندسة إمبراطورية الاستخبارات
سعى ولي العهد الإماراتي إلى تعزيز قبضته على الجهاز الأمني المسئول عن رصد المخاطر الأمنية، وإدارة كُل برامج التجسس، عبر تعيين نجله «اللواء خالد بن محمد آل نهيان»، رئيساً لجهاز أمن الدولة بدرجة وزير بدلاً من أخيه الشيخ هزاع بن زايد، في مرسوم اتحادي باسم رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد بتاريخ فبراير (شباط) 2016، بجانب تعيين الشيخ طحنون بن زايد مستشاراً للأمن الوطني، ويتبع مباشرة رئيس المجلس الأعلى للأمن الوطني.
وذهبت بعض التفسيرات لهذه التغييرات إلى إدراك ولي العهد الإماراتي توسع اضطرابات الأوضاع الأمنية، وعجز أخيه عن التحكم فيها تحكماً كاملاً، خصوصاً بعدما وصلت تدخلات الجهاز الأمني إلى دواوين بعض شيوخ الدولة والوزارات بلا استثناء، وهي المسألة التي رأى فيها ولي العهد أنها تفتقد الكثير من الخبرة المطلوبة.
هذا فضلاً عن التصعيد المبالغ فيه حيال بعض مواطني الدولة والأجانب، وتصدير ذلك في وسائل الإعلام بما يعطي صورة ذهنية سلبية حول الدولة الخليجية خصوصاً في الإعلام الغربي، والتي رسمت تقارير حقوقية مستندة إلى وقائع محددة، حول انتهاكاتها الواسعة بشأن خصوصية مواطني الدول الأجنبية على أراضيها.
ووفقاً لرواية الموقع الاستخباري الفرنسي «إنتليجنس أونلاين»، فإن قرار عزل هزاع ارتبط بتوصيات من حاكم دبي محمد بن راشد، الذي رأى في منهجه الأمني قدراً من «التعجرف»، خصوصاً تجاه مواطني الدول الأجنبية، مثل حال الصحفي الأردني تيسير النجار، ومواطنين أمريكيين تعرضوا لاعتقالات تعسفية وتعذيب، أدت إلى بيانات إدانة من جانب الخارجية الأمريكية للسلطات الإماراتية، وانتقادات واسعة من المنظمات الحقوقية الدولية.
وأتاحت خلفية نجل ولي العهد الإماراتي هذا الترقي داخل المناصب الأمنية، فقد تخرج خالد بن محمد آل نهيان من كلية «ساند هيرست» العسكرية العريقة في بريطانيا، التي اكتسب فيها خبرات عسكرية، ومهارات، وتدرج بعد ذلك في المناصب الأمنية ليصبح رئيس جهاز الأمن منذ عام 2007، ومُنح صلاحيات وسلطات واسعة للإشراف على بعض الشؤون الاستراتيجية للإمارة، وأبرزها مطاردة الإصلاحيين والناشطين المتهمين بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين وكذا بعض الأفراد المحسوبين على المجموعات الجهادية.
وعلى مدار العاميين الماضيين، نجح خالد بن زايد في التوسع في استخدام برامج التجسس، ورفع مهارات مئات من الضباط الإماراتيين في استخدام هذه التقنيات، وتكنيكات التجسس خارج بلدانهم، دون تصعيد تجاه مواطني الدول الأجنبية، وهو الأمر الذي انعكس على منحه سلطات أكبر، تمثلت في صدور قرار بتعيينه نائباً لمستشار الأمن الوطني في أوائل العام الماضي، فضلاً عن دعم داخلي تلقاه من جانب والده القابض على كل السلطات الأمنية، مع إشادات خارجية بقدرات الإمارات الأمنية، وتطورها على مدار الأعوام الأخيرة.
“وطن سرب”