اغتيال الشهيد البطش وردود الأفعال الدولية الباهتة
عميرة أيسر*
العملية الغادرة التي قام الموساد الإسرائيلي بتنفيذها لتصفية الشهيد فادي البطش رحمه الله مهندس صناعة الصواريخ في حركة حماس الإسلامية، والذي من المرجح أن يكون قسم العمليات الخارجية في جهاز الموساد المسمى بقسم قايسارية المتخصص في عمليات الاغتيال الخارجي قد قام بتنفيذها، والذي يمتلك واحدة من أهم الوحدات المتخصصة في تنفيذ عمليات الاغتيالات، والتصفيات الجسدية في الكيان الصهيوني، وتسمى وحدة ريمون بحسب ما ذكرته صحيفة ديلي تلغراف البريطانية، وهي التي تتكون من 40 فرداً من بينهم 5 نساء فقط، وهي المسئولة عن اغتيال قائمة طويلة من شهداء المقاومة اللبنانية أو الفلسطينية، وعلى رأس هؤلاء الشهيد الحمساوي محمود المبحوح الذي تمت عملية تصفيته جسدياً في أحد فنادق دبي الراقية، والشهيد عماد مغنية الذي كان يشغل مسئول قسم العمليات الخارجية في حزب الله اللبناني، وذلك في العاصمة السورية دمشق. هذه الوحدة التي أمر الهالك أرييل شارون رئيس الوزراء الأسبق في الكيان الصهيوني بتأسيسها شخصياٌ، والتي قادها في حينه مائير داغان الذي أصبح فيما بعد رئيس جهاز الموساد الصهيوني واستقال سنة 2010م.
و التي قام عنصران ينتميان إليها بإطلاق النار على الشهيد البطش بعد مراقبة دقيقة لكل تحركاته ومواعيد دخوله وخروجه، والتنصت على اتصالاته الهاتفية، ورصد مكثف، مثلما تفعل كل وحدات الاغتيال المخابراتية المحترفة، قبل اقتناص أي هدف، اختارت هذه الوحدة ساعة الصفر عند خروجه من بيته متوجها لأداء صلاة الفجر، كما هي عادته دائماً، وهنا اقترب منه العميلان منه، وهما فوق دراجة نارية وأمطراه بوابل من الرصاص، وأردوه قتيلاً على الفور رحمة الله على روحه الطاهرة، وبحسب ما قاله السيِّد زاهد حميدي نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الماليزي، فإن إسرائيل التي لم يسمها علناً والتي ذكر عبارة دولة معادية للفلسطينيين مكانه، هي من تقف خلف تنفيذ هذه العملية الإجرامية المدبرة.
وأعلنت السفارة الفلسطينية في كوالالمبور العاصمة الماليزية بأن جثمان الشهيد فادي البطش سيتم نقله من مستشفى سيلاينج إلى مسجد ميدان إدمان، حيث اعتاد الشهيد فادي أن يصلي ثم سينقل عبر معبر رفح ليوارى الثرى في غزة، والشيء اللافت هنا هو الموقف العربي والدولي من عملية الاغتيال هذه، حيث مرت مرور الكرام في الأعلام العربي أو الغربي، ولم نسمع مسئولاً عربياً أو غربياً أدان هذه العملية الغادرة، واعتبرها عدواناً صريحاً على دولة مستقلة لها عضوية كاملة في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وهي بالتالي محمية من الاختراقات الأمنية والاستخبارتية، ومن تنفيذ عمليات الاغتيالات فوق أراضيها بموجب القانون الدولي.
وطالب الكاتب البريطاني الشهير أسا وينستانلي وذلك في مقاله له نشره في موقع ميدال إيست مونتور، المجتمع الدولي بأن يدين وبشدة العملية التي نفذها قتلة تابعون لوكالة تجسس إسرائيلية، حيث تم اغتيال أكاديمي فلسطيني يعمل كباحث في جامعة كوالالمبور بماليزيا وبدم بارد، ولكن كل هذه الدعوات التي وجهها العديد من الكتاب والباحثين سواء العرب أو الغربيين لإدانة هذه الجريمة البشعة، ومحاسبة من قاموا بها لم تجد آذانا صاغية لها. فعواصم القرار الغربي التي وضعت حركة حماس المقاومة على لائحة المنظمات الإرهابية، ستقف متفرجة كالعادة على ما حدث، بالرغم من أن الأمم المتحدة وفي الذكرى 50 لاحتلال تل أبيب للضفة الغربية وقطاع غزة، قد أصدرت تقريراً مطولاً يذكر بالتفصيل كل أصناف التعذيب التي يتعرض لها السُّكان الفلسطينيون القابعون تحت الحكم العسكري الصهيوني.
وسيستمر مسلسل الاغتيالات الصهيونية لكوادر المقاومة الفلسطينية، وبالتأكيد عملية فادي البطش الاستخباراتية لن تكون الأخيرة، ما دام أن الجناح العسكري لحركة حماس لم يقم بالرد و انتهاج سياسة المعاملة بالمثل، لأننا نقف أمام عدو همجي وحشي لا يفهم إلاَّ لغة القوة والرصاص، حتى يرتدع ولكم في تجربة حزب الله في جنوب لبنان خير مثال وعضة.
*كاتب صحافي جزائري