تحاليل و تقارير ساخنه
هل ماتت “الصفقة النهائية” لترامب قبل أن تولد؟
نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن ثلاثة مسؤولين بارزين أن إدارة ترامب تضع اللمسات الأخيرة على خطتها للسلام، التي طال انتظارها، في الشرق الأوسط. ومن المرجح أن يقدمها الرئيس ترامب قريبا رغم المخاطرة بالرفض السريع من جانب الفلسطينيين.
وبينما لم يُحدَد التوقيت الدقيق لإطلاق الخطة، قال هؤلاء المسؤولون إن التحدي الأكثر إلحاحا للبيت الأبيض هو كيفية إطلاقها حتى لا يعلن عن وفاتها عند ولادتها. ولا يزال الفلسطينيون غاضبين من قرار الرئيس الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقد رفضوا إلحاح البيت الأبيض بالعودة إلى طاولة المفاوضات. وتدرس الإدارة الكشف عن الوثيقة على أمل أن تضغط على الفلسطينيين للعودة.
عامل تعقيد آخر هو الوضع السياسي المتسارع في إسرائيل. فقد يدعو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يواجه اتهامات بالفساد، إلى إجراء انتخابات مبكرة لمحاولة الفوز بولاية أخرى ودعم موقفه. ويقول محللون إن متاعبه القانونية ستجعله أقل ميلًا لتقديم تنازلات للفلسطينيين لأن ذلك قد ينفر قاعدته اليمينية.
لكن تسارع وتيرة النشاط داخل البيت الأبيض يوحي بأنه، وبغض النظر عن الرياح السياسية المعاكسة، بأن ترامب سيكشف قريبا عن مخطط تفصيلي قال عنه أحد مساعديه الكبار إنه يهدف لمساعدة الإسرائيليين والفلسطينيين على الالتفاف حول الفخاخ والعقبات وصولا إلى اتفاق، وشبهه المساعد بـ Waze، وهو برنامج الملاحة الذي طوره الإسرائيليون، والذي يساعد السائقين على تجاوز الاختناقات المرورية.
ويرى الرئيس الأمريكي أن الوجهة النهائية هي “الصفقة النهائية”، لكن العديد من المحللين يعتبرونها القضية النهائية المفقودة. ويأتي هذا الجهد في الوقت الذي يحاول فيه ترامب معالجة مشكلة أخرى مستعصية على الحل، ألا وهي برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية، حيث قبل دعوة الأسبوع الماضي للقاء زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة لإجراء المفاوضات.
وبينما رفض المسؤولون مناقشة مضمون الخطة، تماشيا مع غطاء السرية الذي احتفظوا به منذ تولي ترامب السلطة، قالوا إنهم لن يكون لديهم مجموعة من المبادئ التوجيهية، مثل مبادرة السلام العربية التي أقرتها في البداية جامعة الدول العربية في عام 2002، والتي رسمت الخطوط العريضة للاتفاق وترك التفاصيل للطرفين. فعلى سبيل المثال، لن تدعو الخطة إلى حل الدولتين ليكون أحد أهدافها، على الرغم من أنه سيحدد مسارات لإنشاء دولتين. كما إنها لن تدعو إلى “حل عادل ومنصف” للاجئين الفلسطينيين، رغم أنها ستقدم خطوات للتعامل مع قضية اللاجئين.
ووصف مساعدو ترمب الوثيقة بأنها متعددة الصفحات، وتضم مرفقات، وتقترح حلولا لجميع النزاعات الرئيسة: الحدود والأمن واللاجئين ووضع القدس. وتوقعوا أن يجد كل من الإسرائيليين والفلسطينيين أشياء في الخطة للقبول بها أو معارضتها.
ويقوم البيت الأبيض، في التفاصيل الدقيقة، بقلب الصيغة التقليدية لصنع السلام رأسا على عقب. فقد تجنب الرؤساء الأميركيون السابقون من بيل كلنتون إلى جورج بوش تجاوز “حدود السكتات الدماغية واسعة النطاق”، وذلك قوفا من أن يمنح ذلك كلا الجانبين فرصة للمزيد من الاعتراض، لكنَ المسؤولين قالوا إن ذلك لم يعد كافيا.
وتقول الصحيفة إنه أنه ليس لدى المساعدين الذين كتبوا الخطة، وهم جاريد كوشنر, وجيسون غرينبلات, وديفيد فريدمان- خبرة في الدبلوماسية عندما تولوا مهامهم في هذا السياق. كما لم يطلع أي شخص خارج الإدارة على الوثيقة، نقلا عن مسؤولين، وذلك رغم التقاء كوشنر وغرينبلات وفريدمان عدة ساعات مع نتنياهو في منزل قرب البيت الأبيض الأحد الماضي، أو قبل يوم واحد من لقائه ترمب.
وقد أخبر نتنياهو حكومته أنه “لا توجد خطة سلام أمريكية ملموسة على الطاولة”، وفقاً للقناة العاشرة. وقال مسؤولون أمريكيون إن تخطيطهم لم يمليه الزعماء الأجانب. ومع ذلك، لا يزال ترامب يبدو ملتزمًا. رحب رئيس الوزراء بالمكتب البيضاوي ، وأصر على أنه لا يزال لديه “فرصة جيدة جدا” للتوسط في التوصل إلى اتفاق. وقال: “أعتقد أن الفلسطينيين يريدون العودة إلى طاولة المفاوضات بشكل سيء جدا”، ولكن هناك القليل من الأدلة لدعم ذلك. إذ بالاعتراف بالقدس وتسريع خطط نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب، كما يقول الفلسطينيون، فقد خسرت الولايات المتحدة دور الوسيط ذي مصداقية.
يرى محللون أن الجانب الأميركي – الإسرائيلي، في أحسن الاحتمالات، ما زال يعمل على “إدارة الصراع”، ولا يفكر في مسألة “حل الصراع”، أما في أسوئها فإنّه يريد حل القضية الفلسطينية بالعودة لتعريفها على أنها قضية إنسانية لجوعى ولاجئين، هذا من دون الإغفال عن شق اقتصادي مالي يسعى له فريق الرئيس الأميركي، مخطط يتعلق باقتصاد الغاز.
وما يطرحونه لا علاقة له بـ”مبادرة سلام شاملة”، التي صدعوا بها رؤوس الفلسطينيين، بل خطط لتسكين وإدارة الصراع، أو لفرض تصورها وخططها لإخماد الصراع على أرض الواقع بتجزئة القضايا وفرض تصوراتها فيها، كما حدث بموضوع القدس، ويتوقع أن يحدث هذا مع المستوطنات، وفقا لتحليلات صحفية.