الأورومتوسطي: على السلطات السعودية التوقف عن إصدار الأحكام التعسفية بالإعدام
جنيف- قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ المملكة العربية السعودية تنتهج تطبيق عقوبة الإعدام على أعمال لا تعد من الجرائم شديدة الخطورة كالسحر والشعوذة والمخدرات وفي إطار محاكمات تخلو غالباً من الكثير من ضمانات المحاكمة العادلة، ما يجعل تطبيق هذه العقوبة القاسية مشوباً بالتعسف والخطأ الذي لا يمكن تداركه، مشيراً إلى أنّ السعودية تعد واحدة من الدول الأعلى في تسجيل حالات الإعدام سنويًا.
ولفت الأورومتوسطي إلى إنه ومنذ بداية عام 2014، نفذت السعودية 600 حالة إعدام، أكثر من 30% منها كانت في قضايا مخدرات، وتم تسجيل إعدام 48 شخصًا منذ بداية العام الجاري (2018). ووفقًا لنظام العدالة الجنائية في السعودية، تنوعت تهم من تم إعدامهم بين ارتكابهم لجرائم قتل، أو تجارة المخدرات، والاغتصاب، والسحر، والشعوذة.
وأضاف الأورومتوسطي أن عام 2017 لوحده شهد إعدام ما يزيد عن 146 شخصًا، أي بمعدل 5 أشخاص في الأسبوع، منهم 64 شخصًا جرى إعدامهم على خلفية تهم تتعلق بتداول وتعاطي المخدرات، أو تهم تتعلق بالاغتصاب والشعوذة والسحر والزنا.
وأشار المرصد الحقوقي الدولي إلى أن السلطات السعودية لا تنشر إحصائيات رسمية عن مجمل الإعدامات التي يجري تنفذها في البلاد، وتكتفي بإصدار بيانات عن وزارة الداخلية السعودية بعد كل حادثة يتم فيها تنفيذ حكم الإعدام.
وذكر الأورومتوسطي إنه وثق عدة حوادث جرى فيها تنفيذ حكم الإعدام منذ بداية العام الحالي 2018، اعتراها نقص في حقوق المتهمين بالدفاع، أو شملت الحكم بالإعدام في قضايا لا تحتمل هذا الحكم، بما يتعارض مع التوجه العالمي لإلغاء هذه العقوبة أو تضييق تطبيقها إلى أبعد حد.
في شهر مارس/آذار الماضي، قالت الباكستانية “راضية حبيبي” لـ “Euronews“، إن زوجها أُجبر على تهريب المخدرات وقد تم إعدامه بعد أن قضى 14 عامًا في أحد السجون بالسعودية، وأضافت “زوجي كان يعمل في معمل للنسيج حين اتصل به بعض الأشخاص ادعوا بأنهم يريدون إرساله إلى العمرة مجانًا”، وتابعت القول أن زوجها “جرى استغلاله لإدخال المخدرات إلى السعودية. وقد تم القبض عليه في المطار واقتياده إلى مركز للشرطة حيث عُذب وعُلّق من قدميه”.
وفي شهر أبريل/نيسان الماضي، أعدمت وزارة الداخلية السعودية المواطن “سعيد بن أحمد كريري” وهو سعودي الجنسية بمدينة “بريدة” في منطقة القصيم، بعد أن تمت إدانته بفعل “الزنا” وإنجاب طفلة، وتهم أخرى بتعاطي “الحشيش” المخدر وشرب الكحول.
وبين الأورومتوسطي أنه التقى بعدد من المحامين في قضايا تم الحكم فيها بالإعدام، وبحسب إفاداتهم فإنه من النادر أن يُسمح للمحامين تقديم أي مساعدة للمشتبه به أثناء الاستجواب، ويمنعوا غالباً من تقديم أدلة للمحكمة بما من شأنه أن يساعد على تبرئة المشتبه به أثناء محاكمته، كما أن السلطات القضائية لا تبلغ المشتبه به بالتهم الموجهة إليه بشكل مفصل حتى بعد انطلاق جلسات المحاكمة.
ولفت المرصد إلى أن الميثاق العربي لحقوق الإنسان والذي صادقت عليه السعودية تضمن معاييرًا تنص على حظر استخدام عقوبة الإعدام إلا في الجرائم الأشد خطورة، وقد جاء حديث المقرر الخاص للأمم المتحدة عام 2012 متفقًا مع معايير هذا الميثاق حينما ذكر أن البلدان التي مازالت تستخدم عقوبة الإعدام ينبغي أن تجعلها مقتصرة على الجرائم شديدة الخطورة مثل القتل العمد، دون تطبيقها على الجرائم الأقل خطورة كالمخدرات والزنا وغيرها.
وقالت “سارة بريتشيت”، المتحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: “إن عقوبة الإعدام هي من العقوبات التي لا يمكن التراجع عن تنفيذها، وإذا ما تم التوسع في تطبيقها فإن ذلك يمكن أن يمثل اعتداء على الحق في الحياة. ينبغي قصر تطبيق هذه العقوبة على الحالات الاستثنائية فقط”.
وأضافت بريتشيت: “عقوبة الإعدام ليست دائما هي الحل لخفض معدلات الجريمة، بل على العكس تمامًا، تظهر العقوبات الأخرى نجاحًا ملحوظًا في خفض معدلات الجريمة داخل البلاد، مما يجعل عقوبة الإعدام عقوبة جائرة إذا ما طُبقت في كل الأحوال”.
وطالب الأورومتوسطي في نهاية بيانه السلطات السعودية أن تقيّد ممارسة عقوبة الإعدام بشكل تدريجي، وتجعلها قاصرة على الجرائم الأشد خطورة وفي الحالات الاستثنائية فقط، وأن يتم منح المتهمين الحق في الدفاع وأن تُوفر لهم ضمانات المحاكمة العادلة إلى أبعد حد.