الجيش السوري يكسر الجرة
وأخيرا انطلقت الصواريخ السورية في مهمة هجومية وليس دفاعية نحو المواقع الصهيونية، وبهذا ستبدأ المعادلات العسكرية في المنطقة تتغير. صحيح أن الصواريخ السورية المضادة للطائرات انطلقت ضد طائرات العدو الصهيوني، والصواريخ المضادة انطقت لتسقط صواريخ صهيونية،
لكن تلك كانت نشاطات دفاعية. أما اليوم فيشكل انطلاق الصواريخ السورية نحو المعسكرات الصهيونية هجوما بامتياز وتحديا صارخا وواضحا للغطرسة الصهيونية التي اعتدنا عليها، والتي استهترت بالجيش السوري والعرب جميعا.
أصاب الصهاينة جمهور العرب في كل مكان بالإحباط الشديد، وأحيانا باليأس المهين بسبب تكرار هجومهم على المواقع السورية وقتل جنود وإداريين سوريين. لقد ألحقوا الذل والهوان بالعرب وبعثوا في قلوبهم الرعب وهم يتفرجون على القذائف الصهيونية تنهال على مواقع عسكرية ومدنية سورية دون أن يكون هناك حراك هجومي سوري يثأر لكرامة الناس وعزتهم. . تلك كانت عبارة المحبطين اليائسين، وعبارة المستهزئين والمتشفين الذين طالما باركوا القصف الصهيوني.
كنا دائما نقول إن كرامة الأمة ذات أولوية يجب عدم التفريط بها، ولهذا يجب الرد على الهجوم بهجوم حتى لو انتقم الصهاينة بالكثير من القتل والتدمير. كرامة الأمة لها علاقة وثيقة بالمعنويات التي تعزز الصمود إن ارتفعت، وتنتهي إلى الانهيار إذا استمرت بالتدهور. كنا نحسب أن الصهاينة سيردون على أي هجوم مضاد، وأن الخسائر ستقع في الجانب العربي الذي يرد، لكن كل الخسائر لا يعادل مفعولها السلبي المفعول السلبي المترافق مع عدم الرد. اليوم ظهرت ابتسامات الإنجاز على مباسم الجماهير العربية إلا من تلك التي حسمت نفسها على الصهاينة. ارتفعت معنويات الناس واستبشروا خيرا وتفاءلوا بأن المستقبل يخبئ للصهاينة ما لم يحسبوا له.
وبسبب هذا الرد سيفكر الكيان الصهيوني مرارا قبل أن يوجه ضربات عسكرية جديدة ضد الجيش السوري. ولنا تجربة مع حزب الله. الصهاينة يمتنعون عن ضرب حزب الله لأنهم يعلمون أن الحزب لا مفر يرد خلال فترة وجيزة على اعتداءاتهم. فلو سلكت سوريا ذات السلوك وأصرت على ضرب الصهاينة في كل مرة يعتدون بها، لما استهتر الصهاينة بسوريا وجيشها. هم الآن سيحسبون جيدا نتاج أعمالهم وذلك للأسباب التالية:
جبهة الصهاينة الداخلية هشة، ومن الصعب على جيشهم أن يدعو جماهيره إلى الهروب إلى الملاجئ بين الحين والآخر. إذا فعل ذلك فإنه سيبث الشعور بعدم الأمن في مواطنيه وتتحول حياتهم إلى هواجس أمنية تتحول إلى كوابيس, والعاقل العربي يقوم بنشاطات باستمرار من أجل إنهاك الصهاينة لكي يشكلوا ضغطا على سياسييهم وعسكرييهم.
الصهاينة ليسوا على استعداد لتحمل خسائر مثلما يتحمل العرب بخاصة أن الخسائر تؤثر سلبا على النشاطات الاقتصادية والتجارية ما يلحق أضرارا كبيرة في مستوى الدخل والإنتاج.
صد الهجوم بهجوم مكلف بالنسبة للصهاينة، وسيجدون يوما أن بقاءهم في الجولان يكلفهم أكثر بكثير من خروجهم. والصهاينة يوازنون بين مصالحهم الأمنية ومصالحهم الاقتصادية. الرد بهجوم يؤثر سلبا على أمنهم وعلى مصالحهم الاقتصادية، وبالتالي يتلقون الرسالة بأن الرد لا مفر قادم وسريعا، وعليهم إعادة بناء نفسية صهيونية جديدة تتلقى الضربات بدل تحقيق الإنجازات.
الثأر ضد الصهاينة يقوي من عزيمة فصائل المقاومة في فلسطين وفي جنوب لبنان. عندما يكون الجيش السوري قويا، تسند المقاومة ظهرها وتطمئن أنها ليست وحيدة في الميدان. ومثلما يستمد الجيش السوري قوته من المقاومة، تستمد المقاومة قوتها من الجيش السوري ومن كل جيش عربي مناصر للقضية الفلسطينية.
سيظهر علينا من يقول إن هذه الصواريخ التي انطلقت نحو الجولان المحتل إيرانية وليست سورية. المهم أنها انطلقت من الأرض السورية وضد عدونا جميعا وهو العدو الصهيوني، حتى لو كان الذي أطلقها من زيمبابوي.