لم يريدون تثوير الشارع الأردني واستفزازه ؟
محمد شريف الجيوسي
يخال المواطن الأردني أن البعض وهم يتخذون قراراتهم المتعلقة بلقمة خبز المواطن ومسائل معيشته بحدودها الدنيا ، لا يعيشون فيه أو ليسوا منه ، حيث يصرون على اتخاذ المزيد من القرارات والتشريعات ما يثقل كاهل المواطن وبخاصة الطبقتين الصغرى والمتوسطة وهي الإجراءات التي بدأت تمس أيضاً الأصول الإقتصادية في البلد وما تبقى من مؤسسات وطنية أو جهات مستثمرة فيه ، وستنعكس هذه الإجراءات والتشريعات بالضرورة على المواطن ، وعلى الإقتصاد الوطني بعامة ، وازدياد المديونية وهروب الاستثمارات وهجرة الشباب المتعلم منه وغير المتعلم .
لقد قُدمت العديد من الرؤى والدراسات والمشاريع العلمية لإصلاح النهج الإقتصادي والسياسي ، وللخروج من المأزق الشامل في البلد ، ومنها التوصيات التي قدمتها لجنة الحوار الرسمية والتي لم يطبق معظمها وما طبق منها جرى التراجع عن بعضه أو جرى تحويره .
إن وصفات برنامج (التصويب) التابعة للبنك وصندوق النقد الدوليين لم تنعكس على البلد على مدى 3 عقود سوى خرابا إثر خراب ، ويستدعي فشل وصفات الصندوق إعادة النظر في مجمل العلاقات به ومعه ومع الدول المهيمنة عليه ومؤسسات رأس المال العالمي ، باتجاه نهج سياسي واقتصادي شامل جديد وعلاقات إقلمية ودولية جديدة ، بما في ذلك محاربة الفساد والهدر والتهرب الضريبي من المنتفذين وإستعادة أموال الدولة المنهوبة وإلغاء المؤسسات الخاصة وضبط مدخرات الضمان وصندوق استثماراته، وإيلاء الزراعة والصناعة والحرف أولوية، واستثمار مقدرات البلد الأحفورية والسياحية وطنيا ، وتشجيع التعاون والمشاريع الصغيرة خارج معادلات التمويل الأجنبي .
إن البلد بنهجه الإقتصادي الراهن ماضٍ هرولة الى المجهول ، وكأنما وصفات البنك وصندوق النقد تريد ذلك ، تمهيداً إلى وضع اليد عليه وصولا إلى حالة شبيهة من الإنفلات الأمني والخراب كما حدث في الصومال وبلدان عربية عديدة، بعد أن كان الشعب العربي الأردني قد أفشل محاولات جره مرارا للفلتان الأمني ، مفضلا الإستقرار والأمن والأمان ، لكن الضغط المستمرعليه يبدو أنه يقصد به جره إلى ما لا يرغب وما قد حاذره تكرارا ، ما يعني أن هناك أيد خارجية من (حلفاء ) مفترضين كذبة ؛ يريدون شرا للبلد وشعبه ومستقبله ومؤسسة العرش فيه .
ويبدو أن هذا الاحتمال هو الأرجح ، حيث نشهد مشاريع كـ صفقة القرن وسحب الوصاية الأردنية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية ونقل السفارة الأمريكية من تل ابيب للقدس والضغط على الدول الأخرى للإقتداء بهم ، وتقنين المساعدات للأردن و فرض وصفات خانقة هدفها تثوير الشعب الأردني ، ومنعه من أخذ خياراته الحرة في استثمار طاقاته ونسج علاقاته ، كل ذلك هيأوا له ، تمهيداً لخلق حالة من الفلتان الأمني تستدعي تدخلاً أمريكيا إسرائيليا و .. ، والبقية لن تأتي إن شاء الله وسيخرج الأردن بوعي شعبه من بوتقة الأخوة الأعداء والأعداء الأعداء والصهاينة الأعداء ؛ وكل الذين رسموا إقتصاد البلد على هواهم وربطوا مواصفاته بمصالحهم وبمستقبل استقرارهم في المنطقة.
إن حماية الأردن تأتي من شعبه الصبور النبيل الوفي الواعي ، من الثقة به ، ( لا من الحلفاء الراهنين والعلاقات الحالية ) تأتي من إطلاق الحريات السياسية والإعلامية والحزبية بإصدار قوانين ديمقراطية حقيقية للإنتخابات النيابية والبلدية والأحزاب والإعلام ، وصولاً إلى مجيء ممثلي الشعب الحقيقيين للنيابة وتشكيل حكومات أكثرية حزبية ممثلة في البرلمان .