أوراق أدبية
تطوان شجرة مقطوعة الأفنان

مصطفى منيغ
المغرب/

“تطوان” الأناقة ، الملفوفة بالمناظر الشَّيقة ، مَسّها شلل الإعاقة ، حالما انغمست مُكرهة في المرحلة وهي جد مُرهَقَة ،عن غير عادتها تخسر مكانتها لدى الوجهتين المؤديتين للغربيين أو المشارقة ، وتجد نفسها للضياع معانقة ، تنتقص أطرافها تخطيطات لم تكن لسلبياتها مشتاقة ، تَحَدَّت ناضَلَت وَلْوَلَت وما استطاعت إرجاع لمكتسباتها عبر العقود الستة ما سُرِقَ .
… من بضع سنين اتصل بي أحد أدباء المدينة المحافظ كالآلاف مثله على نفائسها الفنية و التراثية بشكل عام ولو من بعيد هامساً في أذني :
– لوحة “برتوشي”(Mariano Bertuch) سُرِقت من مقر مندوبية وزارة السياحة ، كل الغيورين عبروا فيما بيتهم عن شديد استياء ومع مرور الوقت سيزداد غضبهم وبعدها لا أحد يتكهن بما سيقع .
أجبته بهدوء :
– ستعود اللوحة لمكانها المعهود في هذا اليوم بالذات مرفوقة باسم مرتكب هذه الجريمة الشنعاء في حق تطوان التطوانيين .
ودعته متجها لمقر الولاية حيث استقبلني الوالي “الدكتور بلماحي” مبتسما ليحدثني قائلا:
– وصلني تقرير مفصل عما وقع وقد أخبرتُ وزارة الداخلية وكما ترى انتظر منها الجواب لأتصرف على ضوئه.
منفعلا بعض الشيء قاطعته:
– الغليان ، مع مرور الزمن ، يتوسع بين أسر وأهالي “تطوان” ، هذه المرة لن نسكت كسابقاتها سنخرج للميدان ، تعبيراً عن نفاذ الصبر بإرادة قوية ومصداقية عمق إيمان .
… محافظاً على نفس الابتسامة يواجهني مرددا:
لن يصل الأمر إلى هذا الحد سنعالج ما جرى بحوار منتهي بإعادة الأمور إلى نصابها والهدوء قد عَمَّ كل النفوس.
أستشف من كلامك سيادة الوالي (قلتُ له) أن السرقة غير عادية وفاعلها غير عادي، فلو كانت الواقعة غير ما أتصور لاتصلتَ برئيس الأمن الإقليمي ليتحَرَّى ويقوم بما يفرض عليه واجبه معتمداً على القوانين المعمول بها في هذا الصدد. هل ثمة ارتباط بين زيارة وزير السياحة اليهودي الديانة باختفاء اللوحة الشهيرة الغير مُقدرة بثمن المتروكة هدية من صاحبها معلمة مضافة لمعالم تطوان العالمة ، إن كان استنتاجي صحيحاً فعلى تطوان أن تحتاط مستقبلاً ٌ إذ لُعَب الطامعين تسيل غزيرة على نفائسها تُحفاً عَزَّ نظيرها في العالم أو وثائق ترسم للعقارات مالكيها بحبر إن مسحه تزوير الجاشعين ، فليس أمامهم إلا ملاقاة رب العالمين، يوم لا سلطان ولا جاه ينفع سوى تقديم ما اقترفته أيديهم ظلما وعدونا مما كانوا في دنياهم به كالمنعمين ، وهم في الواقع أتعس المجرمين .
… رن جرس الهاتف وعلى وقع ما سَمَعَ (بعد الانتهاء من المكالمة) طلب مني التوجه لمقر المندوبية المذكورة الكائنة بشارع محمد الخامس لاستقبل رفقة زملائي والزميلات عودة اللوحة التشكيلية لمكانها الذي انتُزِعت منه .