أوراق أدبية

المقاطعة ستزداد في تطوان مناعة

مصطفى منيغ
المغرب/
ما كان العيب في “تطوان” ولا جاء التقصير منها ، بل هي عوامل من صنع إنسان تصور أنه القمر المنير فوقها ، حَمَّلها فوق طاقتها ، مُرْغِما إياها ، أن تصبح قبيحة فيأتي عَلَناً  ليُجَمِّلَها ، شريطة أن تصومَ عن الكلامِ بغَلقِ فَمِها ، حتى ينتهي في السِر من مص دمها .
… كم هو شقي هذا الزمان أذل الشريفة وأهان خصوصياتها ، ولولا صُلب نضالها لضاع ماضيها قبل مستقبلها ، وإذا عاشت فبِما تبقَّى لها  ، من أسَرٍ أصيلة كريمة  التصقت بعشقها التصاقَ أوراقِ الشجر بأفنانها ، وما فَطِن من عزم الغدر بها ، أنها أقوى منه إن فكر في إلحاقها ، لغنائمه بكل مرافقها ، المتجمِّدة والمتحركة تاريخاً مدوناً في أسفار أم رقماً صحيحاً متبوعاً بصَفٍّ من الأصفار … اختصاراً بكل ما فيها . ذاك الانسان المختبئ بين جوانحي كل مغامر أراد الوصول على حسابها ، بسرعة البرق مستغلاً (من حين لآخر) غفلتها ، شعرتُ بوجوده على امتداد عقود  كتبتُ عنه ومَن شابهه ألف مقال ومقال لأتعرض بانتمائي إليها ، إلى ألف مضايقة عن ألف استفزاز وبين الألفين ما جعل أحد العمال يصرخ في وجهي قائلا : لم تعد “تطوان” تتسع لكلَيْنا إما أن تغادر أو أرحل .. أجبته واثقا من نفسي : لن تستطيعَ الرحيل فأنت  معيَّن هنا من لدن الملك بظهير أما أنا فمتعاقد مع “تطوان” أن تحتضنني فأرعاها .
… الأسوأ ونحن نلمس أن الهادئة “تطوان” بدأت في فقدان توازنها ، أمام خيبة أمل في ثلاث من مجالسها، المختتمة اجتماعات دوراتها ، العادية كالاستثنائية عند تطاحنات سياسية حزبية ما عمَّرت بيوتاً ولا أزاحت خَصاصاً ولا جعلت الساكنة مرتاحة لما آلت إليه أمورها ، من حالات ارتباك وصرف كل الطاقات من أجل زيارات ظرفية ما تكاد تنتهي حتى تعود مجمل الانتظارات وما للشعب التطواني من رغبات لنفس المستوى المغلف بالوعود ثم الوعود ثم الوعود ليوم لا شك موعود تكون فيه “تطوان” مستعدة لتحمل مسؤولياتها.
..انكشف الأمر ولا مناص من ترك الصمت جانبا ، إن كنا للحق أحبابا ، وعن الباطل أغرابا ، بالطبع  سنعالج المزلاج تحدياُ لمن تمثل حيالنا باباً ، فنخرج للحرية ممزقين ما كان  بالسوط والحديد حجاباً ، لا يُرِفَعُ إلا لتمتد الأيادي الآثمة تنتقي منا كالنساء رجالا  لمسح بلاطهم نهارا والرقص لمجونهم ليلا في مقامات لا يحضرها من لبس جلباباً ، ولا يشاركهم فيها إلا من استحوذ بعد مئات الهكتارات على عمال زادهم الأتفه من التافه فبولهم الفتات سبباً ، في تمكينهم ممن حولهم غيُّهم أربابا ، لا يعبؤون بحرمة الشريعة ولا قدسية الدين وهم بصريح العبارات كانوا في البدء بشراً لينقلبوا (بفرط الظلم والجشع وشراء الذمم والمناورات الدنيئة والافتراءات على الأبرياء الشرفاء بتلفيق تهم رخيصة  وأكل أرزاق الفقراء واليتامى)  ذُباباً ، يُرَشُّ انطلاقا من اليوم بالنضال السلمي (كحق من حقوق الإنسان) المدروس المتجاوز التقليدي ممن أفرزهم حب الوطن ألْباباً ، قادرة على ابتكار مثل “المقاطعة” بتطور تصاعدي يزداد مع الأيام مناعة وقدرة حتى اندحار مَن كانوا في “تطوان” أصواتا لا تُرفع بالأمر والنهي سواها ليعود أصحابها  سرابا .

(يتبع) 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *