من التفكيك إلى تحويل الوطن إلى غرفة غاز
د. عادل سمارة
فلسطين المحتلة
إتفاقية الغازمرحلة من تحقيق حلم الصهيونية من النيل إلى الفرات ومخطط الإمبريالية الذي ينتقل من استهداف إلى استباحة وتدمير الوطن العربي من طنجة حتى الموصل. لقد كتبت عن الاندماج المهيمن منذ حصول اتفاقات أوسلو 1993، إن هزيمة الكيان وخاصة 2000 و 2006 في لبنان قد وضع حدا للتوسع الجغرافي للاستيطان ليتم تعويضه باندماج الكيان اندماجا مهيمنا في الوطن العربي.(انظرالتالي من كتابنا:ثورة مضادة إرهاصات أم ثورة، دار فضاءات، عمان 2013 ص ص 292-294)
الاندماج المهيمن للكيان الصهيوني:
نقصد هنا تلك الخطط والمحاولات من الثورة المضادة لجعل الكيان الصهيوني كياناً “طبيعيا” في الوطن العربي، ومن أجل ذلك يتم اعتماد التطبيع، والتخلي عن مقاطعة الكيان وعقد اتفاقات تسوية معه وإشراك الكيان في بنى تحتية مع الأقطار العربية وخاصة المحيطة بفلسطين المحتلة (دول الطويق) مثل الكهرباء والطرق والاتصالات…الخ.
والاندماج المهيمن يعني التوصل إلى استسلام عربي تجاه الكيان أي التخلي عن حق العودة وعن المقاومة وعن شن أيّة حرب تحريرية لتحرير فلسطين.
وفي حين أن من الطبيعي أن يكون هذا مخطط الكيان والمركز الرأسمالي المعولم من أجل هذا الاندماج، فإن الآليات الخطرة في تنفيذ هذا المخطط هي:
• الأنظمة العربية الحاكمة والتابعة والتي هي جزء من الثورة المضادة.
• القوى السياسية التي اعترفت وتدعو للاعتراف بالكيان الصهيوني وهي:
o كثير من التنظيمات الشيوعية العربية بجناحيها الموسكوفي والتروتسكي.
o كثير من القوى والمثقفين اللبراليين المتغربنين والمتخارجين.
o الكثير من قوى الدين السياسي، وهذه مستجدة على الأمر مثل حزب النهضة في تونس والإخوان المسلمين في مصر وليبيا…الخ.
• البرجوازية الكمبرادورية والطفيلية في الوطن العربي.
تقصد الصهيونية من تحقيق هذا الاندماج، أن تصبح دولة طبيعية في الوطن العربي لكي تتغلغل اقتصادياً في الأسواق العربية فتصبح هي القوة الأقوى عسكرياً واقتصادياً وخاصة تكنولوجياً في الوطن العربي.
لكن تطورات المقاومة والممانعة سحبت من الكيان تفرُّده وسيطرته الحربية، فلم يعد قادراً على إشعال الحرب أنَّى شاء، ولذا، يزيد تركيزه بدعم من المركز الرأسمالي المعولم على التغلغل الاقتصادي عبر متاجرة واستثمارات مشتركة مع أكثر عدد من البلدان العربية.
إنَّ مشروع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي صممته الولايات المتحدة 1994، ولاحقاً تحوله إلى الشرق الأوسط الجديد والكبير هي آليات لتحقيق هذا الاندماج المهيمن. ولعل أوضح مثال على ذلك اتفاقات ال كويز QIZ التي عقدتها الولايات المتحدة مع مصر والأردن بحيث تستقبل الولايات المتحدة منتجات من هذه الدول شريطة أن تحتوي ما لا يقل عن 10 بالمئة من مكونات صادراتها إلى الولايات المتحدة من الكيان الصهيوني.
تهدف سياسة أو مخطط الاندماج المهيمن إلى خلق واقع يشتمل على تشارك مصالح قاعدية مع الكيان الصهيوني بحيث فيما لو قُطعت تتضرر قطاعات مجتمعية مما يدفعها إلى الاعتراض على وقف هذه المصالح المشتركة. فإقامة شركات كهرباء مشتركة أو خطوط اتصالات يقود وقفها في حالة تجدد وجدِّية الصراع إلى احتجاج المتضررين.
إن الهدف من الاندماج المهيمن في التحليل الأخير هو شطب حق العودة، واعتراف العرب بالكيان وكل ذلك لإبقاء السيطرة الرأسمالية الغربية على هذا الوطن وبقائه مجزّأً وبقاء الكيان الصهيوني حارساً لتأبيد هذه التجزئة.