«الشاباك» يوجّه مخابرات السلطة: معاً للقضاء على «الشعبية»
بعد عملية «بوبين» الشهيرة، وإعلان العدو إلقاء القبض على الخلية المسؤولة عن تنفيذها، وما أعقبه من حملة شرسة على كوادر «الجبهة الشعبية» في الضفة، قرّر «الشاباك» الاستعانة بمخابرات السلطة الفلسطينية أيضاً ضمن مشروع القضاء على الجبهة هناك
اجتماعات مخابرات السلطة و«الشاباك» أفضت إلى تكثيف العمل الاستخباري ضدّ كلّ ناشطي «الشعبية»، وبخاصة مَن تَثبت له أيّ علاقة بعملية «بوبين»، وتحديداً العاملين في مؤسسات يتهمها الاحتلال بأنها مقرّبة من الجبهة مثل: «اتحاد لجان العمل الصحي»، ومؤسسة «الضمير»، والاتحاد الزراعي. فبعد العملية (راجع: حملة إسرائيلية شرسة على «الشعبية»: ممنوعٌ عودة «الرفاق» إلى الضفة، 19/12/2019)، راقب العدو العديد من القيادات والكوادر في رام الله وبعض ضواحي القدس وبيت لحم، بِمَن فيهم القيادية البارزة خالدة جرار (اعتُقلت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وهي متهمة بقيادة التنظيم في الضفة)، وبعض الأسرى المحررين الذين اعتقلوا مجدداً على خلفيات عديدة والتُقطت صور لهم في المناسبات الاجتماعية والوطنية. هذه المعلومات كانت مضمّنة في تقرير قدّمه الاحتلال إلى السلطة عن الناشطين الذين تمّت مراقبتهم. تلت ذلك اجتماعات أخرى بين ضباط مخابرات فلسطينيين وإسرائيليين قرّروا «تشكيل غرفة عمليات مشتركة هدفها منع أيّ عمليات مستقبلية للجبهة، ومراقبة كلّ ناشطيها، وبالتحديد الأسرى السابقين الذين سبق أن نفذوا عمليات وخرجوا من سجون العدو، إضافة إلى طلاب جامعة بيرزيت وبخاصة أعضاء كتلة القطب الطلابي». أيضاً، تقرّرت مراقبة المؤسسات بطريقة مكثفة، إلى حدّ وضع هيكلية كاملة لكلّ موظفيها، ووظائفهم، ورصيد البنوك الخاص بكلّ منهم، وحركة تنقّله، والوارد والصادر على بريده الإلكتروني، وخصوصاً منهم المديرين والمسؤولين الماليين والباحثين الاجتماعيين، فيما أخذت السلطة على عاتقها مراقبة نشاط أعضاء بارزين من شبان وشابات على مواقع التواصل الاجتماعي، وإعداد تقرير مرقّم لكلّ شخص منهم و«مدى خطورته وتحريضه على الاحتلال»، على أن يرسَل كلّ ما تقدّم في تقارير دورية إلى العدو.
وتعتقد الجبهة، وفق ما يقول مصدر قيادي فيها، أن «هذا جزء من الهجمة على المقاومة، وهو ليس معزولاً عن الهجمة المستمرّة على الأسرى وتضييق الحصار على غزة، لكنه تعبير عن قلق الاحتلال والسلطة من تنامي أيّ دور لقوى ثورية لا تخضع لثنائية فتح – حماس، ولا سيما أنهم لا يريدون أيّ طريق يساري ثوري مقاوم بقوة وإرث الشعبية». ويلفت المصدر إلى أنه «جرت بالفعل هجمة غير مسبوقة على ما سمّاه العدو عشّ الدبابير»، في إشارة إلى مخيم الدهيشة، حتى «وصل الأمر إلى مراقبة واستدعاء الأشبال (الفتية والمراهقين)… كلّ هذا لخدمة فرض مشروع الاستسلام». أما عن دور السلطة، فيشير إلى أن الأخيرة «تدرك أن برنامج الشعبية يتناقض تماماً مع مشروعها للعودة من جديد إلى التسوية… ما يحدث الآن من السلطة والاحتلال يذكّر بالشعار نفسه في 1985، وهو عام تصفية الشعبية التي تصدّرت مواجهة مشروع روابط القرى، لكن هذا المشروع فشل أمام صخرة صمود قياداتنا وكوادرنا، بل ينسب إلى الشعبية شرف أنها من أنهت روابط القرى باعتراف العدو». ويضيف: «نؤكد للسلطة أنه لا يمكن تصفية الشعبية بسبب جذورها التاريخية الكفاحية الضاربة في التربة الفلسطينية، فهي ليست تنظيماً طارئاً… ندعو إلى وحدة قوى المقاومة المسلحة في الضفة وتشكيل أرضية خصبة لتنامي الفعل المقاوم».
وسبق للسلطة أن استهدفت نشاط «الشعبية» عام 2002، عقب اغتيال الأخيرة وزير السياحة الإسرائيلي آنذاك رحبعام زئيفي. ففي مطلع ذلك العام، اعتقلت أجهزة السلطة منفذي عملية الاغتيال (مجدي الريماوي وحمدي القرعان وباسل الأسمر، إلى جانب الأمين العام أحمد سعدات والقائد العام لـ«كتائب أبو علي مصطفى» عاهد أبو غلمة)، وقدّمتهم إلى المحاكمة العسكرية. وبعد صدور الحكم سُجنوا في «سجن أريحا» الذي اجتاحه الجيش الإسرائيلي واعتقلهم منه في آذار/ مارس 2006، وهم منذ ذلك الوقت أسرى لديه.
المصدر الأخبار اللبنانية