من الجسور المفتوحة إلى فك الارتباط وإعادته مع صفقة القرن (حلقة 1)
عرب الصفقة من المشاركة في التآمر إلى المشاركة في العدوان
موشيه ديان أيقونة دعاة الدولة الواحدة
د. عادل سمارة
موشيه ديان وزير حرب العدو الأسبق، هو صانع ما يسمى “الجسور المفتوحة”. أصر على هذا منذ حرب حزيران 1967. وبقيت الجسور مفتوحة مع الأردن من حينه كبوابة إلى الوطن العربي واتسعت عبر كامب ديفيد و أوسلو ووادي عربة وحتى اليوم.
كانت سياسة الجسور الخبيثة بداية التطبيع العلني وبالتالي التأسيس لجعل فلسطين “دولة واحدة لكل مستوطنيها” ، كانت هذه سياسة العدو سواء علنية أو سرية، المهم أنها هكذا عملياً.فعلى أو من هذه الجسور، أخذ يمر الشرفاء والبسطاء وبالطبع يتسرَّب العملاء. والمهم أنها جسدت التطبيع دون أن يكترث لذلك أحداً حيث امتصت التناقض التناحري ليصبح الكيان دولة جارة وحدودية.وإلا، ما معنى القبول بفتح الجسور!
تكرَّس هذا الدور الخطير لجسور التطبيع، وهو الخطر الذي لم يتنبه له أحد إلى أن تم تسجيل الحركة الوطنية المصرية رفضها للتطبيع إثر اتفاقات كامب ديفيد.
في المستوى الفلسطيني لم تتنبه سوى قلة ضئيلة لتقف ضد التطبيع. بل إن الكثير من قيادات م.ت.ف قد مارست التطبيع سرا وعلانية دون أن يتم التنبه الحقيقي لذلك أو تماهيا مع ذلك.
كان الشهيد المرتحل ناجي العلي ربما أول من قاوم التطبيع حتى بدمه حيث اغتيل في لندن يوم 22 تموز 1987 الساعة الخامسة مساء. ولشدة خوف وحقد التطبيع منه وعليه حِيْلَ دون تنفيذ وصيته بان يُوارى الثرى في مخيم عين الحلوة في لبنان طالما لا سبيل بعد لينغرس في تراب فلسطين. وكانت الماساة أعمق حيث تم دفنه في ضريح بجانب مقبرة للجنود الإمبرباليين القتلى في الحرب الإمبريالية الثانية .
ما من أحد التقط مقصد ديان بالطبع بفتح الجسور ليربطه كتأسيس للتطبيع. وحيث قبلت به السلطات الأردنية شاركها الجميع بالصمت على ذلك!
وقد تكون هذه السطور أول محاولة لتناول هذا الأمر الخطير. فإثر هزيمة حزيران 1967 دار جدل حاد في حكومة الكيان وخاصة بين موشيه ديان وزير الحربية وبنحاس سابير وزير المالية. كان راي سابير هو الإبقاء على الحدود وعدم الاندماج الاقتصادي بين منطقة الاحتلال الأول 1948 و الثاني 1967 بحيث يتم استغلال المحتل 1967 اقتصاديا ولكن دون أن يعتمد الاحتلال على قوة عمل فلسطينية، ولكي تبقى “اسرائيل” دولة يهودية نقية، بينما كانت سياسة ديان هي دمج او الحاق اقتصاد المناطق بالكيان لاحتجاز تطورها وبقاء الحدود مفتوحة بين المحتل 1967 والمحتل 1948 بما في ذلك تشغيل قوة العمل المحلية في اقتصاد الكيان من جهة، وفتح الجسور مع الأردن من جهة ثانية مما يعني ضم المحتل 1967 بشكل غير مباشر أو على الأقل كان تأسيساً لبقاء الاحتلال بغض النظر عن صفة البقاء.
( See. Adel Samara:Industrialization of the West Bank: A Marxist Socio-Economic Analysis, 1991)
قامت نظرية ديان على ثلاثة عناصر:
الأول: تشغيل العمال في الكيان ليتم امتصاص قوة العمل الشابة التي لا عمل لها في المحتل 1967 كي لا ينخرط الشباب في المقاومة المسلحة، وليس ما تسمى اليوم زورا وتشويها “المقاومة السلمية” التي تكاد تكون مغازلة العدو أي المقاومة بالتطبيع! أو على طريقة الأنجزة.
والثاني: فتح الجسور مع النظام الأردني كي يتم طرد قوة العمل الفائضة عن السوقين المحلي والعدو ليخرجوا للعمل سواء في الخليج العربي أو الشتات على اعتبار أن خروجهم قد يعني عدم العودة و/أو تحويل نقوداً لأسرهم أو لُحاق اسرهم بهم ومن ثم عدم عودتهم.
والثالث: تطبيع العرب تدريجيا للقبول بالكيان الصهيوني ككيان طبيعي وذلك بدءا بالفلسطينيين والأردنيين.
أما هذا القبول فكان من تجلياته شعارات مجموع الأنظمة العربية : العودة إلى حدود 5 حزيران، إنقاذ ما يمكن إنقاذه، السلام خيار استراتيجي، أما فلسطينيا فكاننت تجلياته: سلطة وطنية على كل شبر محرر في الضفة والقطاع، ثم سلطة وطنية بدون تحرير اي شبر ، ثم دولة فلسطينية في الضفة والقطاع، اي استبدال التحرير بالاستدوال، وأخيرا دولة واحدة، ودولة مع المستوطنين كما وثُّق العميل اللبناني د. يحي غدار في وثيقة “التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة”!!.
بالمقابل، فإن مفاعيل سياسة الجسور المفتوحة قد تدحرجت مع الزمن الاحتلالي لتصبح آلية تفريغ الأرض المحتلة 1967 ما أمكن من أهلها سواء لضرورة العمل أو بسبب الاعتقال ومصادرة الأرض واقتلاع الأشجار، وعدم التشغيل داخل الكيان(مرة نعم ومرة لا). هذه السياسات التي اسميتها بالإزاحة وصولا إلى قرار كثير من الفلسطينيين للانزياح الذاتي(أنظر عدة أعداد من مجلة كنعان) وذلك بدلا من الطرد المباشر كما حصل 1948.
من هنا، فالجسور المفتوحة هي مشروع تطبيعي على صعيد جماعي غطت على ألوان عديدة من التطبيع والتي في مجموعها وفرادتها تصفية للقضية الوطنية الفلسطينية.
قد لا نحتاج للشرح اليوم حيث يتدفق الكثير من العرب للتطبيع مع الكيان تحت فذلكات وضيعة من طراز “أنهم يزورون السجين” وهم كعرب خاصة، وخاصة جدا، يعرفون السجون كثيرا في وطن القمع، ويعرفون أن دور من ليس في السجن هو تخليص السجين وليس زيارته، وهذا يعني تحرير فلسطين وليس تحريرهم كزوار من عروبتهم.
من هنا فالجسور المفتوحة هي تقويض للنضال الوطني ذهابا وغيابا.
عبر الجسور، يتم تمرير العديد من المعاصي، سواء تمرير المستعربين من المخابرات الصهيونية إلى الوطن العربي، مرور الكثير من العملاء للصهيوني والذين يتم تسريبهم إلى أوساط المقاومة على أنهم “أبطالا وبطلات”، وهم مشروع اختراق، واليوم يتم تمرير صفقة القرن عبر تذويب الأردن.