أقلام الوطن
ثورة يناير التى نفتقدها كثيرا
محمد سيف الدولة
- نفتقد الميدان ودفء الصحبة ووحدة اللُحمة وحلاوة الروح ونقاء الناس والشعور بالعزوة والاندماج والأمان وقوة الظهر وسط كل هذه الملايين من الناس الطيبين.
- والشعور بالفخر للانتماء لمثل هذا الشعب العظيم، ولكوننا جزءا من كل الشعوب العربية الثائرة.
- نفتقد التحرر من الخوف والقهر، حين كان الجميع يعملون للشعب ألف حساب.
- وذلك الإحساس الرائع بمعنى العزة والكرامة للمرة الاولى منذ عقود طويلة.
- والتمتع بكل هذه الحريات التى لم يكن لها أسقف او قيود او حدود الا وعى الناس وضمائرها.
- نفتقد التحام الأهالى وتضامنهم واللجان الشعبية فى الشوارع والمنازل والحواري.
- ووقفة الطوابير الطويلة الممتدة للاستفتاءات والانتخابات، واختفاء التزوير، والاطمئنان الى النتائج وعدم معرفة المرشح الناجح مسبقا، وعدم تدخل اجهزة الدولة لصالح مرشح بعينه.
- ونفتقد المناظرات الرئاسية، وتعدد المرشحين، وتساوى الفرص.
- نفتقد الانتخابات.
- ووجود برلمان حقيقى يراقب السلطة التنفيذية ولا يخضع لها.
- والحق فى تاسيس الاحزاب والتنوع الكبير والواسع فى برامجها وافكارها.
- والحق فى ابداء الرأى وفى الكلام وفى التقاط انفاس لا يعدونها علينا.
- نفتقد الحق فى الاختلاف، والتعايش والتحاور بين المختلفين بدون استبعاد أو انقسام او كراهية او تخوين او تكفير.
- نفتقد حرية وحيوية وثراء مدينة الانتاج الاعلامى، وتعدد وتنوع الضيوف والآراء والاتجاهات فى قنواتها وبرامجها، بدون رقيب او توجيه.
- نفتقد الشفافية الكاملة، حين كان يدار كل شئ على الهواء امام اعين الجميع، بعيدا عن الكواليس والغرف المغلقة.
- والعصف الذهنى اليومى بين كل الأطياف والتيارات والاحزاب والشخصيات حول كل صغيرة وكبيرة، ومشاركة الرأى العام فى صناعة القرار.
- والندوات والمؤتمرات والتجمعات والفاعليات فى كل ربوع مصر من قرى واحياء ونقابات وجامعات ومقرات الاحزاب.
- نفتقد الحياة السياسية.
- نفتقد الصحف والصحافة والصحفيين وصفحات ومقالات الرأى.
- نفتقد نقابة الصحفيين وحرياتها وقاعاتها ومؤتمراتها وسلالمها.
- نفتقد عودة العمل السياسى الى الجامعات بعد ما يزيد عن 30 عاما من الحظر.
- والتحرر من حرس الجامعة ومن التدخل الامنى فى الانتخابات الطلابية.
- وانتخاب اعضاء هيئات التدريس فى الجامعات بدلا من تعيينها.
- ونفتخر بملحمة حصار سفارة (اسرائيل) واغلاقها وإنزال علمها.
- وتبادل الزيارات مع فلسطين عبر معبر رفح.
- ونفتقد مشاعر الرعب التى اجتاحت العدو الصهيونى من الثورة المصرية، وتوقف تصدير الغاز المصرى اليه.
- نفتقد حقنا فى حب فلسطين وفى كراهية اسرائيل.
- نفتقد خوف ورفض صندوق النقد الدولى إعطاء اى قرض للحكومة قبل التأكد من قبول وموافقة القوى الشعبية والسياسية المصرية.
- نفتقد قاموس الثورة الجميل: (ميدان التحرير، المليونية، ارفع راسك فوق، الشعب يريد، التظاهر والمتظاهرين .. )
- نفتقد ارتفاع الشعور بالتفاؤل والأمل فى المستقبل الى عنان السماء.
- نفتقد تراجع الرغبة فى الهجرة بين الشباب بل وعودة الطيور المهاجرة للمشاركة فى الثورة.
- نفتقد الشعور بالسكينة والنوم بعمق بدون خوف من زوار الفجر.
***
نفتقدها ونترحم على شهدائها، ونحزن على تعثرها ونندم على اخطائها وخطياها، ونحلم بحرياتها ومكتسباتها ونستلهم روحها ومبادئها فى كل ما نفكر فيه او نقوم به.
*****
القاهرة فى 25 يناير 2020