صراحة فلسطينية جارحة
بشير شريف البرغوثي
من دخل ملعب التسوية الأمريكية منذ سنة 1973 بكل حماس كان يتصور أن بإمكانه أن يلعب كما يشاء … لذلك تجرأ على دخول لعبة أوسلو
إذن التهديد الفلسطيني بالإنسحاب من لعبة أوسلو لا معنى له الآن … عند حلول كارثة أوسلو لم تكن غزة بعيدة عن الضفة الغربية و لا كان الطرفان بعيدين عن عرب 1948 كما هو الآن . هناك تصدعات خلخلت الوحدة الوطنية من أساسها
عند حلول كارثة أوسلو كانت فلسطين تتجه نحو تعزيز الإقتصاد المحلي و المنزلي و المشاريع الإنتاجية الصغيرة .. لم تكن سلطات الإحتلال تسمح بإدخال أكثر من 400 دينار أردني مع الشخص الواحد .. الآن المجال مفتوح و لكن الوضع الإقتصادي للأسر الفلسطينية متدهور إلا لفئة نخبوية سياسية فقط
كانت الزراعة عصبا إنتاجيا مهما و الآن لا تشكل الزراعة أكثر من 1% من موازنة الأمن الوقائي الفلسطيني وحده
قبل أوسلو كان دخول الفلسطينيين من خارج فلسطين بتصاريح زيارة أعلى مما هو الآن ..
باختصار هناك تدهور عام و لا من يحاسب من الوجوه التي تم جلبها لإدارة المشروع الوطني الفلسطيني لم تجد مشروعا تديره فجلست بانتظار زيارة هنا او هناك او لإصدار بيان باهت هنا أو هناك يتم نزع دسمه بحيث لا يغضب إسرائيل و لا أمريكا و لا المانحين.
هذه الوجوه مع الإحترام لشخص كل وجه منها لن تستطيع تغيير دفة أوسلو و لا دفة الترامي أمام البيت الأبيض منذ سنة 1973 كما قلت لأن تلك السنة شهدت أول محادثات رسمية فلسطينية أمريكية في المغرب و كانت ” الثوابت ” الأمريكية واضحة من حيث ان وضع المنظمة لأمريكا هو وضع أمني فقط !! و كصانعة مشاكل مع دول الجوار.
و بالتالي فإن وجوه تلك المرحلة و من أسس لها لا يمكن أن يديروا الدفة الآن
و سأعرض عن حماس و الجهاد فلكل منهما أجندته الخاصة .. ذات البعد الإقليمي و الدولي .. و بالتالي لا يمكن للفصيلين ان يقودا أي تغيير وطني خالص
هكذا سنكرر أنفسنا كما فعلنا منذ وعد بلفور و حتى الآن .. نحن حتى لا نحاول أن نسأل : و إذا أفشلنا نحن بسواعدنا خطة ترامب فماذا بعدها؟ لا أحد لديه إجابة و لا طرف فلسطيني قادر على فرض إجابته لو كانت لديه إجابة
على الأرجح : سندفع ثمنا كبيرا مقابل تراجع جديد .. من المفارقات انه كلما ارتفع الثمن الذي ندفعه كلما زاد حجم التراجع الذي نحصل عليه
لم تكن تنقصنا الشجاعة و لكن كانت تنقصنا وحدة النوايا بين الجماهير و الكوادر و القيادة .. و جاءت الإمتيازات و الرتب المجانية و إحالات التقاعد و تهميش المناضلين الحقيقيين و شطب تاريخهم لتفاقم الوضع
دعونا من ردة الفعل على مشروع ترامب و دعونا نناقش ما يمكن لنا نحن عمله ..
لدينا الكثير و لكن ليس في ظل هذه التركيبة الحالية و لا في ظل الأطر الضيقة و النرجسية لدى الفصائل المتنفذة الممسكة بأختام الصرف المالي
كما هدأت ثورة 1936 و انتهت بهزيمة 1948 و لكن ذلك لم يمنع شعبنا من محاولة البدء من جديد .. فإن هذه الفترة ستمر و سنبدأ من جديد ذات يوم قريب
المهم أن نخرج الآن بأقل قدر من الخسائر و أن نثبت مطلبا واحدا : الحق في تقرير المصير لكل الفلسطينيين أينما كانوا .. فهو المطلب الوحيد غير الملتبس الآن … على الأقل هو أوضح من حدود الدولة المنشودة !