صفقة القرن نسخة منقحة عن المفاوضات الفاشلة
على مشرحة الامام الشافعي والشاعر عمر ابو ريشة
عمر عبد القادر غندور*
لان الرأي العام والشرعية الدولية وحق الشعوب في تقرير مصيرها ليس في وعي الرئيس الاميركي، جاءت صفقته كالقضاء والقدر، وهي ليست كذلك، لكنها غير قابلة للحياة، رغم انف كبير المقاولين في العالم، للمناقشة او لإعادة النظر، واقله التدارس بين اصحاب الارض والمحتلين، وهي محاولة جديدة ونسخة منقحة لمفاوضات فاشلة منذ 27 عاما تاريخ انعقاد مفاوضات اوسلو عام 1993 افسدتها اسرائيل بعدم التزامها بعهودها ولعدم استعدادها للتنازل عن شبر واحد في الماضي والحاضر والمستقبل عن طريق التفاوض خاصة، ناهيك عن احتقارها لقرارات مجلس الامن الدولي رقم 242 تاريخ 1967 الذي دعا الى انسحاب اسرائيل من الارض التي احتلتها عام 1967 اضافة الى فشل مفاوضات السلام التي خُطت بدم الفلسطينيين والمسلمين برعاية الرئيس الاميركي اوباما 2013، واليوم يقود الرئيس ترامب صفقة القرن “التاريخية” بعد ان مهد لها بنقل السفارة الاميركية الى القدس وضم الجولان السوري الى الكيان الغاصب وبالتالي اعلان يهوديته، “وفي باله الضفة الغربية والاغوار” ولم يترك للعرب والامة الا القبول والطاعة وهو ما فعله اكثرهم، ويتطلع الى جرجرة الفلسطينيين وحبسهم في اصغر مساحة ممكنة من الارض، مقابل إضفاء الشرعية على ارض لا يملكها المُعطي الى من يملكها شرعا.
وبالامس انعقد في القاهرة مؤتمر وزراء الخارجية العرب للنظر في صفقة القدر، او القرن، وهم اعجز عن القيام بأي شيء، لا بل اكثرهم موافق على نجاح الصفقة ولا يجرؤ على معارضتها وخاصة البلاد العربية التي ليست على تماس مع فلسطين، وهذا السودان يُجري مباحثات مباشرة مع نتنياهو. اما الدول المجاورة لفلسطين هي تتحمل تبعات هذا الجوار وهي المملكة الاردنية الهاشمية الممسوكة بريطانيا ومصر التي تنأى بنفسها وفيها الازهر الشريف، وسورية التي تعرضت لحرب عالمية بسبب تأييدها للمقاومة الفلسطينية والاسلامية ولبنان المأزوم داخليا، والمعافى في تصديه وردعه. اما بقية البلاد العربية، فالتطبيع مع العدو بات من طبع هذه الانظمة.
بين مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة بمطلع العام الجاري 2020 ومؤتمر القمة العربية في الرباط عام 1974، اطلق شاعر العرب الاكبر قصيدته الخالدة وفيها بيت يقول:
خافوا على العارِ ان يُمحى فكان لهم على “الرباط” لدعم العارِ مؤتمر
واليوم بعد 46 عاما على قصيدة شاعرنا الكبير ماذا تغير في مروءة العرب وهمتهم وغيرتهم على انفسهم وعلى فلسطين والقدس؟
وهل هم اليوم افضل؟
وهل اليوم افضل من اعراب التناحر والتكفير قبل الف عام ؟
ولنبقى مع قصيدة عمر ابي ريشة رحمه الله:
يا للرِئاسات كم أغرت مناصبها
وكم كبارٌ على إغرائِها صَغروا
ناموا على بهرج الدنيا وما عَلِموا
أنَّ الفَراش على المصباح ينتحرُ
إنْ خُوطِبوا كَذِبوا أو طُولِبوا غَضِبوا
أو حُورِبوا هَربوا أو صُوحِبوا غَدروا
ولنتأمل ما قاله الامام الشافعي المولود عام 150 والمتوفي عام 204 هـ ، قال في العرب قبل نحو 1300 سنة :
عم الفساد جميع الناس ويحھم يا ليتَ شعريَ ماذا بعد ينتظر
إن وعدُوا أخلفوا أو حدثوا كذبوا أو عھدوا غدروا أو خاصموا فجروا
أو ائتمنتھم خانوا فكن رجلاً منھم على حذر قد ينفع الحذر
والف تحية لروح امامنا الشيخ الشافعي مؤسس علم اصول الفقه.
*رئيس اللقاء الاسلامي الوحدوي
بيروت في 04/01/2020