“إسرائيل” والاستقواء بالسعودية لتصفية قضية فلسطين
د. غازي حسين
الصراع العربي مع الصهيونية العالمية صراع بين غزاة أجانب جاؤوا من وراء البحار بأكاذيب رسّخها الاستعمار الأوروبي و كتبة التوراة والتلمود و المؤسسون الصهاينة و باستغلال الدين اليهودي، وبدعم مطلق من الدول الاستعمارية والمسيحية الصهيونية واليمين السياسي الأمريكي والإدارات الأمريكية وأتباعها من الأمراء والملوك العرب مقابل تأسيس عروشهم وحمايتها، والتزامهم بدعم الهجرة اليهودية وتهويد فلسطين العربية والتطبيع والتحالف مع العدو ونفط الخليج وأمواله لدعم الاقتصادات الغربية على حساب الشعوب العربية والإسلامية وبين سكان فلسطين الأصليين وأصحابها الشرعيين وأمتنا العربية والإسلامية والأحرار في العالم.
مزّقت الولايات المتحدة الأمريكية وبقية الدول الغربية الساحة العربية والفلسطينية بين دول وقعت اتفاقات إذعان في كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة ودول عربية أخرى في الخليج تنتظر دورها، وبين دول ممانعة ومقاومة لم تتخل عن عروبة فلسطين ومدينة القدس التي أسسها العرب قبل ظهور اليهودية والمسيحية والإسلام.
فتّتت أمريكا و “إسرائيل” وأتباعهم من العرب والقيادات الفلسطينية الفاشلة والمتحجرة و المتصهينة الساحة الفلسطينية إلى اتجاهين:
الأول: اتجاه قيادة فتح القيادة المهيمنة على منظمة التحرير الفلسطينية وبعض الفصائل الأخرى والملتزمة باتفاق الإذعان في أوسلو.
الثاني: فصائل المقاومة وعددها سبعة وتؤمن بتحرير كل فلسطين التاريخية وزوال إسرائيل.
تسيطر اليهودية الأمريكية ويهود الإدارات الأمريكية و”إسرائيل” على الولايات المتحدة الأمريكية التي تسيطر على العالم الغربي ودول الخليج العربية.
رفض القائد العربي جمال عبد الناصر تجزئة الصراع العربي الصهيوني بعد حرب حزيران العدوانية عام 1967 إلى نزاع إسرائيلي – مصري، و إسرائيلي- فلسطيني، و إسرائيلي– سوري، و إسرائيلي– أردني، إلى أن جاء السادات ووقّع اتفاقيتي الإذعان في كامب ديفيد، وحقق للعدو الصهيوني تجزئة الصراع وتوقيع اتفاقات منفردة في كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة، وإقامة العلاقات الدبلوماسية وتطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني عدو الله والرسل والمواطن والشعب الفلسطيني والعروبة والإسلام والمسيحية الشرقية والقانون الدولي والبشرية جمعاء.وفتح الباب لهرولة دول الخليج وشعوبها للتطبيع والتحالف مع العدو.
قادت اتفاقات الإذعان إلى تجزئة الصراع وموافقة الأمراء والملوك العرب على الحل الصهيوني تحقيقا للاستراتيجية الأمريكية حماية لعروشهم .
استسلم النظام العربي الرسمي وآل سعود وثاني ونهيان للمشروع الصهيوني والى ضم القدس والجولان وغور الأردن والبحر الميت وسرقة مياه الاردن وفلسطين والجولان ولبنان وصفقة القرن.
رفعت قيادة منظمة التحرير القرار الفلسطيني المستقل و فلسطنة قضية فلسطين وفصلها عن بعديها العربي والإسلامي تماماً كما فعل أنور السادات عندما أراد توقيع اتفاقيتي الإذعان في كامب ديفيد، واستسلم للإدارتين الأمريكية والإسرائيلية، ويعمل هؤلاء على الاعتراف بالعدو والتعايش وتطبيع العلاقات معه والتخلّي عن المقاومة المسلحة ونعتها بالإرهاب ومحاربتها، وأخذت الدول العربية التي تقودها النعاج وأنصاف الرجال تصيغ قوانينها ومصالحها الاقتصادية بما يخدم العدو الإسرائيلي خلافاً لمبادئ القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وجميع العهود والمواثيق والقرارات الدولية وقوانين المقاطعة العربية للعدو الإسرائيلي.
تنازلت السعودية والإمارات والبحرين عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني التي تبنتها الأمم المتحدة ورسّختها في قراراتها وتبنّوا مخططات و مصالح وأطماع الولايات المتحدة واليهودية الأمريكية وإسرائيل في فلسطين العربية وفي القدس والمسجد الأقصى المبارك لإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه و اسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال نيوم السعودية ومشروع الشرق الاوسط الجديد.
ساهمت قيادة منظمة التحرير ومؤسساتها وأموالها تسهيل مهمتهم ومواقفهم لقاء دولارات النفط المسمومة وأموال الدول المانحة واستمرارهم في مناصبهم، وأخذ هؤلاء القادة جميعهم يتعاملون مع إسرائيل باسم “سلام الشجعان” والعقلانية والواقعية الكاذبة ومصالح الشعب الفلسطيني العليا، ووقفوا ضد المقاومة الفلسطينية واللبنانية المسلحة و نعتوها بالإرهاب وتبنّوا الحل الصهيوني لقضية فلسطين لضمان الحماية الأمريكية لعروشهم ومصالحهم وامتيازاتهم إلى أن جاءت إدارة ترامب اليهودية وتطرح صفقة القرن لتهويد فلسطين والتطبيع والتحالف مع اسرائيل وفرض هيمنتها على الوطن العربي..
تحوّلت بعض الجيوش العربية إلى شرطة لحماية أمن الاحتلال الإسرائيلي لكل فلسطين التاريخية، وتجاهلوا الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني المظلوم بشكل مخزي ومهين واستسلام كامل أمام قادة العدو الإسرائيلي والإدارات الامريكية.
تحولت الجامعة العربية في عهود عمرو موسى ونبيل العربي وأبو الغيط إلى أداة بيد أمريكا لقيادة النظام العربي بزعامة السعودية وقطر لإنهاء الصراع والموافقة على تهويد القدس
وبالمقابل تخلّت إسرائيل عن مقولة “الأرض مقابل السلام” التي طرحها حزب العمل الصهيوني بعد حرب حزيران عام 1967 وتبنّاها مؤتمر مدريد .
بدأ النظام العربي الرسمي بقيادة آل سعود وثاني ونهيان بمرحلة خطيرة من حياة الشعب والأمة والأجيال القادمة منذ الحرب العالمية على العراق في عام 2003 والحرب الكونية على سورية 2011 بإرسال المجموعات الوهابية التكفيرية والمجموعات التكفيرية الأخرى إلى العراق وسورية وليبيا ومصر وتونس لتدمير دولها الوطنية وجيوشها العربية الكبيرة بدولارات دول الخليج النفطية، وبإدارة أجهزة المخابرات المركزية والغربية والخليجية والإسرائيلية.
وتحوّلت أجهزة الأمن الفلسطينية وجيوش أنظمة اتفاقات الإذعان إلى قوّات للدفاع عن أمن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين ومواجهة دول محور المقاومة وحركات المقاومة والتحرير الوطني العربية.
وإزاء التنازلات الهائلة التي قدّمها النظام العربي الرسمي وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية للعدو الإسرائيلي الذي جاء من وراء البحار والغريب عن المنطقة والدخيل عليها غيّر قادة إسرائيل استراتيجية حزب العمل “الأرض مقابل السلام” وطرح الليكوديون والسفاح شارون والفاشي نتنياهو سلام القوة والسلام مقابل السلام والتعايش مقابل التعايش والسلام الاقتصادي وتهويد كل فلسطين من البحر إلى النهر بما فيها الغور والبحر الميت وقناة البحرين.
فوجئت إسرائيل بحجم التنازلات التي قدمها الحكاّام العرب وقيادة أوسلو في اتفاقات الإذعان وحجم التعاون العلني و المتصاعد بين مملكة آل سعود وإسرائيل لمواجهة حركات المقاومة وإيران، ومن حجم الاستسلام العربي الرسمي في المبادرة العربية التي قدمتها السعودية ووضع أسسها الصحفي اليهودي توماس فريدمان وزادت من همجيتها واستعمارها وعنصريتها وارهابها ووصلت إلى القناعة بأن القيادات العربية مستعدة للتحالف وتطبيع العلاقات معها قبل التوصّل إلى الحل الإسرائيلي لقضية فلسطين والاستقواء بهم على المفاوض الفلسطيني المروّض والمهزوم والضعيف وغير الشرعي و ابتزازه لحمله على الموافقة على صفقة القرن الذي تطرحه إدارة ترامب اليهودية ، مما يرسّخ الوجود الإسرائيلي ويلحق أفدح الأضرار بالشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية و بالأمة العربية.