أقلام مهجرية

الذكرى الثالثة والسبعون لتأسيس “حزب البعث العربي الاشتراكي” (7 نيسان/أبريل 1947)

محمود كعوش
محمود كعوش

محمود كعوش

الحديث عن تأسيس “حزب البعث العربي الاشتراكي” وفكره ومبادئه وتميزه ومراحل تطوره التاريخية يطول ويطول ولا تحده نهاية، إلا أنني بحكم مهنتي وحرصي الشديد والدائم على التطرق للأحداث العربية الكبيرة والمؤثرة إيجاباً بمسيرة العرب والعروبة والفكر القومي العربي بكل تجرد وموضوعية، وحرصي الشديد والدائم أيضاً على التذكير بها احتراماً للذاكرة العربية، وطنية كانت أم قومية، وكي لا ننسى، أستغل حلول الذكرى الثالثة والسبعين لتأسيس الحزب لأقدم فكرة بسيطة جداً عنه.
 
حزب البعث العربي الاشتراكي” هو حزب سياسي عربي تم تأسيسه في سورية، وسمي الحزب بحزب “البعث”، الذي يعني إحياء الوحدة العربية، وإنصهار جميع الاختلافات لخلق منظومة جديدة من القومية، التي تتبنى نهج الاشتراكية وتحارب الإمبريالية.
 
أسس الحزب الأستاذ ميشيل عفلق وثلة من المفكرين القوميين والوطنيين، حيث تم دمج كل من “حركة البعث العربي” و”حزب البعث العربي”؛ والذي تم تسميته “حزب البعث العربي”، ثم تم دمجه مع “الحزب العربي الاشتراكي” ليصبح اسمه أخيرًا “حزب البعث العربي الاشتراكي”، وشعار الحزب “الوحدة والحرية والاشتراكية”، وهدفة “أن يتم توحيد كلّ أقطار الوطن العربي في كيان واحد”، وقد تم تأسيس فروع للحزب في دول عربية مختلفة، ويدعو الحزب أيضًا للتحرر من التدخل والتبعية لغير العرب.

 

لمحة موجزة عن تأسيس الحزب

 

تم تأسيس حزب البعث عام 1932م بعد عودة المفكرين السوريين ميشيل عفلق وصلاح البيطار من فرنسا، حيث كانا يتابعان دراساتهما العليا في جامعاتها. وقد لاقت حركة التأسيس القبول والترحاب في سورية ومن ثم في العراق، وكان اسم الحركة “جماعة الإحياء العربي”، وتم إصدار مجلة خاصة بالحركة سُميت “الطليعة”.
وتأسس حزب “البعث العربي الاشتراكي” في سورية بصورة رسمية في السابع من شهر نيسان/أبريل عام 1947م، وذلك بعد انعقاد المؤتمر الأول له في دمشق، وهذه الصورة الرسمية مكّنت الحزب من الانتشار في دول أخرى غير سورية مثل العراق الأردن ولبنان بشكل أولي ليشمل بعد ذلك كل الدول العربية الأخرى. وفي عام 1953 اندمج الحزب مع “الحزب العربي الاشتراكي” ليصبح حزب علماني يركّز على القومية والوحدة، وقد حكم “حزب البعث العربي الاشتراكي” في سورية منذ عام 1963، أمّا في العراق فقد ظل الحزب يحكم فيه من ستينات القرن الماضي حتى عام 2003، حين غزى التحالف الدولي بقيادة أمريكا العراق وبسطت أمريكا نفوذه فيه وأطاحت بالنظام البعثي وحلت الجيش وحظرت نشاط الحزب العلني وعينت حاكماً عسكرياً له، ومكنت ثلة من الخونة والعملاء والمأجورين الذين عادوا إلى العراق على ظهور الدبابات الأمريكية والبريطانية من ركوب مطية السلطة فيه بالإكراه لتنفيذ سياسة سلطة الاحتلال الأمريكية.
 

ولمحة موجزة أيضاً عن مبادئه

 

لحزب البعث العربي الاشتراكي مبادئه الخاصة به التي حرص على تطبيقها خلال مسيرته السياسية الطويلة، ومما لا شك فيه أن بعض هذه المبادئ اتصفت بالحدة أحياناً، مما تطلّب القسوة في ممارستها.
فالحزب يؤمن بمبدأ العلمانية، الذي يعني في ما يعنيه فصل الدين عن سياسة الدولة، وذلك من مبدأ “الدين لله والوطن للجميع”. ويرى أنّ الدول العربية ترتبط معًا برابط القومية العربية، التي يرى أنّها السبيل لتحقيق الوحده والانسجام وتخطي كافة الاختلافات الفكرية أو الدينية أو الإقليمية، وهو من أجل تنفيذ ذلك سعى إلى السلطة في أكثر من بلد عربي ووصل إليها.
ويؤمن الحزب بضرورة الأخذ بالمنهج العلمي في الطرح والتطبيق والابتعاد كل البعد عن الخرافات لتكوين أجيال تؤمن برسالة القومية العربية وتحمل رسالتها الخالدة، كما يؤمن الحزب أيضًا إيماناً عميقاً بالثورة لتوحيد كافة الأقطار في دولة واحدة.
 

وبهذا كان تَميزُ الحزب

 

تميّز “حزب البعث العربي الاشتراكي” عن غيره من الأحزاب والتنظيمات السياسية التي عرفها الوطن العربي، بفهمه للواقع العربي فهماً موضوعياً، استند فيه إلى واقعية علمية راعى فيها خصوصية الأمة العربية، والتباين القائم في طبيعة المجتمع العربي إن كان ضمن القطر العربي الواحد أو ما بين قطر عربي وآخر.
ومن خلال هذا الفهم لم يتجاوز القطرية، وإنما أولاها أهمية كبيرة وعوّل عليها كثيراً في الوصول إلى المجتمع القومي. فبقدر ما يتم بناء هذا القطر بناءً سليماً ومعافى، بقدر ما يطمئن الحزب إلى بنائه القومي الصحيح.
وبالتالي لم تغب عن الحزب نظرته إلى المجتمع القومي المنشود الذي يقوم على أسس علمية وثورية، يتجلّى فيها البعد الإنساني الذي ينتفي فيه أي شكل من أشكال العنصرية والتعصب القومي التي عرفتها، أو مرّت فيها المجتمعات الغربية، إذ هدف ومن خلال هذا الفهم للوصول إلى “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة”، لها مكانتها على وجه هذه البسيطة بين بقية الأمم التي تشكّل المجتمع البشري، وكل أمة تسهم بما لديها في الحضارة الإنسانية وتطوّرها.
ومن هنا كان فهم “حزب البعث الاشتراكي” للأممية الحقة، التي لا تتعارض مع خصوصية الأمم والشعوب، وبالتالي تكون راعت العلاقة بين الجغرافيا والتاريخ، حيث يوظّف المفهوم القطري والقومي في خدمة المفهوم الأممي الإنساني، وليس الأممي الشمولي إن كان مثالياً أم مادياً، أو بالأحرى إن كانت أممية تقوم على أساس ديني أو على أساس مادي شيوعي.

محمود سعيد كعوش

من مواليد ميرون ـ صفد: الجليل الأعلى ـ فلسطين المحتلة،شهادات عليا . مكان الإقامة السابق : لبنان . ..مكان الإقامة الحالي : الدانمرك ـ اسكندنافيا . الكفاءة العلمية: درجتان جامعيتان في الإدارة والأدب الإنكليزي . عمل في مجالي التعليم العالي والترجمة والإعلام المكتوب والمسموع، إلى جانب الكتابة الصحفية وإعداد الدراسات والأبحاث السياسية والثقافية والإجتماعية . عمل في العديد من الصحف والمجلات العربية والبريطانية . عمل مديراً للإذاعة العربية الموجهة للجالية العربية في الدانمرك ومقدماً للأخبار والبرامج الحوارية فيها. له العديد من الدراسات والأبحاث في الفكر القومي العربي والشؤون العربية وبالأخص الفلسطينية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *