لصوص الأرض والتاريخ يستهدفون أقدم أشجار الزيتون الرومية في فلسطين…!
نواف الزرو*
يتجدد المشهد يوميا…بل وفي كل ساعة…بل ربما في كل دقيقة، حيث تشن عصابات المستوطنين الصهاينة -وتحت حماية وغطاء الجيش الصهيوني-موجات متلاحقة من الهجمات والاعتداءات اليومية على الشعب الفلسطيني في أنحاء الضفة الغربية وفي كل الميادين، منها على الأرض ومنه ضد الإنسان الفلسطيني، ومنها ضد الحجر الفلسطيني، ومنها على الشجر الفلسطيني، ويبرز هنا على نحو خاص تلك الهجمات المتصلة على مدار الساعة على شجرة الزيتون الفلسطينية، فلا يمر يوم إلا ونسمع ان المستوطنين قاموا بحرق 400 او 500 شجرة زيتون أو انهم قاموا باقتلاع 200 او 300 او 1000 شجرة زيتون شمالي الضفة أو جنوبها في محافظة الخليل…وهكذا. بل وتتحدث صورة قلمية حول حرب الزيتون الصهيونية،ان المستوطنين دمروا في ليلة واحدة جهد أفراد عائلة استمر 20 عاماً، ويقومون باقتلاع أشجار الزيتون تحت جنح الظلام…!
وفي المشهد الفلسطيني الماثل اليوم في الضفة الغربية نتابع عمليا حروبا احتلالية مفتوحة ضد الإنسان والحجر والشجر، ولعل الحرب الاحتلالية ضد شجرة الزيتون الفلسطينية هي الأشد ضراوة في هذه الأيام ، كونها رمزا للأرض والشعب والذاكرة والتاريخ والاقتصاد والصمود…!
فالذي نشهده هناك على امتداد مساحة الضفة حربا شاملة على عائلة الزيتون الفلسطينية ، حيث يحترق”النفط الاخضر” الفلسطيني بنيران المستوطنين وجنود الاحتلال، وحيث تتحول مواسم قطف الزيتون الفلسطيني الى مواسم رعب وقتل ودماء… وتتحول الشجرة المباركة الى ضحية للاقتلاع و التدمير على يد لصوص الأرض والتاريخ …
وحسب الشهادات الفلسطينية فإن الاحتلال يستهدف نوعا خاصا من شجر الزيتون يزيد عمره عن عمر أقدم تاريخ مكتوب لليهود في فلسطين، فاخذت الارض تبكي اصحابها واشجار الزيتون تتناثر اشلاؤها تحت التراب تحت وطاة جنازير الدبابات واسنان الجرافات، وتؤكد الشهادات والتقارير انه لم تشهد شجرة في التاريخ حربا شرسة وعداءا مستحكما كما تشهد شجرة الزيتون الفلسطينية، فهناك الالاف من اشجار الزيتون يجري اقتلاعها من جذورها بدقة متناهية ومن ثم يجري سرقتها ونقلها الى”اسرائيل”على وجه السرعة .
وتحدث تقرير فلسطيني عن سرقة الاحتلال لأشجار الزيتون، وخاصة المعمرة منها، والتي لم تسلم من قطع وتدمير وسرقة لثمارها، والأخطر تنفيذ مخطط ينسب تلك الشجرة إلى تاريخ الشعب اليهودي، واعتبارها بما يسمونه رمزا لوجودهم في الأراضي المحتلة، وذلك عبر سرقة الأشجار الرومية، سواءً من خلال اقتلاعها المباشر، او عبر طرق اخرى.
وفي سياق هذه اللصوصية الصهيونية، قامت مجموعة من جنود الاحتلال الإسرائيلي المتواجدين على طول الجدار الفاصل المحيط ببلدة قطنة على سبيل المثال بحرق عدة أشجار زيتون رومية معمرة يبلغ عمرها مئات السنين، وذكر مجلس قروي قطنة ان الجنود، وعلى مرأى ومسمع المواطنين، قاموا بتجميع الأعشاب اليابسة والحطب ووضعها داخل جذع الزيتونة أو ما يعرف بـ(طابون الزيتونة)، وأشعال النار فيها”.
وفي هذا السياق أيضا تأتي حكاية أقدم وأكبر شجرة زيتون بفلسطين يستهدفها الاحتلال، وحسب تقرير فلسطيني فان أهالي قرية الولجة غرب مدينة بيت لحم في الضفة الغربية يعتزون برعايتهم لما يقولون إنها أقدم وأكبر شجرة زيتون بفلسطين، وقد خصصت وزارة الزراعة الفلسطينية موظفا ليرعى الشجرة التي يتناقل الأهالي بشأنها الحكايات والأساطير، وتختلف التقديرات حول عمر الشجرة، حيث ينقل البعض عن خبراء دوليين أن عمرها يزيد على ثلاثة آلاف عام، في حين قدر آخرون عمرها بخمسة آلاف عام، ويتفق الجميع في كل الأحوال على أنها أقدم وأضخم شجرة زيتون في فلسطين، ويقول المسؤول عن الشجرة صلاح أبو علي “إن ملكيتها تعود لابن عمه داهود أبو علي الذي ورثها عن والده محمد حسين أبو علي، وهو يؤكد أن لها ميزات خاصة أهمها أن زيتها مميز ولونه يشبه السمن، وإن كانت قلة الأمطار في السنوات الآخيرة قد أدت إلى تراجع إنتاجها.
أما السكان فيطلقون على الشجرة اسم “شجرة البدوي” نسبة لشيخ صوفي كان له أتباع بفلسطين واسمه الشيخ أحمد البدوي، ولد في المغرب وتوفي في مصر عام 267 هـ، و يتناقلون الحكايات حول كرامات ينسبونها له.
من جهته أوضح سكرتير مجلس محلي الولجة مجدي أبو التين أن الشجرة تغطي مساحة لا تقل عن سبعين مترا وتنتشر جذوعها لمساحات أوسع، موضحا أن خبراء يابانيين قدروا عمر الشجرة بعد الفحص قبل سنوات بنحو خمسة آلاف سنة، ويتحدث أبو التين عن أساطير انتشرت حول هذه الشجرة، كما يشير إلى روايات غير مؤكدة بأنها أنتجت في بعض السنوات نحو طن وربع الطن من الزيتون، لكنها هذه الأيام لا تنتج إلا نحو 350 كيلوغراما.
ولكن مع حلول موسم قطف الزيتون في كل عام، وتزايد اعتداءات الاحتلال والمستوطنين، تتزايد مخاوف السكان من استيلاء الاحتلال على الشجرة خاصة بعد قراره مصادرة مساحات من الأراضي في محيط البلدة لصالح الجدار الفاصل وتوسيع القدس المحتلة.
وتشير التقارير الفلسطينية إلى أن جرافات واليات عسكرية اسرائيلية ضخمة تقوم بعمليات تجريف واسعة النطاق في اراضي قرية الولجة من أجل استكمال جدار الفصل العنصري الذي يحيط بالقرية.
وتبقى الأرض الفلسطينية تبكي أصحابها.. وشجرة الزيتون تئن تحت وطأة جنازير الجرافات الاحتلالية وتتناثر اشلاؤها تحت التراب في كل دقيقة تقريبا، او تسرق وتنقل للتهويد في فناء إحدى المستعمرات أو في باحات القصور والفلل في تل أبيب.
صدقت شولاميت الوني حينما وصفت الاسرائيلين ب”الشعب الشرير” وقالت:”نعم نحن شريرون ، ما نفعله في الضفة هو قمة الشر وهو يفوق ما صنعه الآخرون باليهود/ صحيفة “يديعوت30/11/2009″، وحينما ندًدت أيضا بالمستوطنين الذين يقتلعون أشجار الزيتون الفلسطينية قائلة: “إن الاقتلاع عمل لا أخلاقي وهو انتهاك حتى للشريعة”.