هل استنفذ اللاجئون الفلسطينيون جميع الوسائل في مواجهة قرارات “الاونروا” الظالمة…!!!؟
عثمان بدر
سؤال يفرض نفسه بعد ان نفّذ ابناء المخيمات سلسلة من الخطوات والاجراءات بدءاً من الاعتصام والتظاهر ومروراً باغلاق بعض مقار “الاونروا” ومنع بعض الموظفين من الوصول الى عملهم،بالاضافة الى تسليم “مذكرات” مطلبية لمن يهمهم الامر،ورغم ذلك فان “الاونروا” لم تتراجع بعد عن قراراتها الظالمة والمجحفة والتي تتنافى مع ابسط حقوق الانسان،لا بل لم تتراجع حتى عن جزءٍ منها ولو ك”جائزة ترضيّة” للاجئين المغبونين والمظلومين…
وفي البداية دعونا نتفق ان هذه القرارات ليس صادرة عن “الاونروا” او منها،بل هي قرارات سياسية بامتياز صدرت منذ تسعينات القرن الماضي ولا سيما بعد توقيع “اتفاقيات اوسلو” عن “المجتمع الدولي” و”الدول المانحة” وبدأ تطبيقها رويداً رويدا منذ ذلك الحين الى ان وصلنا الى ما نحن فيه وعليه وفي كل “تخفيض للخدمات” كنا نبتلع “الطعم” ويمر الامر مرور الكرام و”الاونروا” ليست صاحبة القرار بل من يقوم بتنفيذه باعتبار انها الجهة المكلفة دولياً ب”اغاثة وتشغيل اللاجئيين الفلسطينين”…
العجز المالي المفتعل هو الذريعة وانهاء “الاونروا” هو الهدف وما بين هذا وذاك يبدأ التفكير الجدّي بمستقبل اللاجئين الفلسطينين…فما الذي يُخطط لهم..!!؟ وماذا يريد العالم منهم…!!؟
معلوم،انه اثر النكبة الكبرى التي حلّت بالشعب الفلسطيني عام 1948،واعلان ما يُسمّى ب”دولة اسرائيل” صدرت مجموعة من القرارات الدوليّة ومنها القرار الذي يحمل الرقم 194 وينص على عودة “من يريد” العودة من اللاجئين الى ديارهم ووممتلكاتهم و”التعويض المالي” على من “لا يريد العودة”،وقد بقي هذا القرار كغيره من القرارات التي تتعلّق بالقضية الفلسطينية “حبراً على ورق” ولم يجرِ تنفيذ اي من بنوده رغم انه واقعاً لا يُعبّر عن رغبة اللاجئين…
وبعد توقيع “اتفاقيات اوسلو” بدأنا نسمع ب”معزوفة” جديدة تتحدّث عن “استحالة” عودة اكثر من خمسة ملايين لاجيء فلسطيني الى “دولة اسرائيل”،ومنذ سنوات بدأنا نسمع هذه “المعزوفة” نفسها على لسان بعض “المسؤولين الفلسطينين” وعلى رأسهم “رئيس السلطة الفلسطينية” محمود عباس الذي تحدّث غير مرّة وفي مناسبات عدّة عن “استحالة” عودة اللاجئين الى “اراضي دولة اسرائيل” لا بل ذهب الى ما هو ابعد من ذلك بكثير اذ انه في احدى المقابلات التلفزيونية قال ما حرفيته :”يتهمونني بانني ساغرق دولة اسرائيل باللاجئين وهذا كلام غير صحيح…”،وبعيداً عن كونه قد اعتبر ان “تمسّكه بحق عودة اللاجئين” اتهاماً وقد نفاه بشدّة وحاول تبرئة نفسه من هذا “الاتهام المشين والمعيب والمخزي” فان هذا يعني الموافقة العلنيّة غير القابلة للتأويل من “القيادة الفلسطينية” على “شطب حق العودة”،وهذا بدوره يعني الموافقة “الضمنيّة” من قبل “القيادة الفلسطينية” على انهاء “الاونروا” باعتبار انها شاهد اساس على النكبة واللجوء،خاصّة وان “قضية اللاجئين” هي العقبة الكبرى امام ما يُسمّى ب”الحال النهائي” واما تطبيق ما يُسمّى ب(صفقة القرن) التي تشي المعلومات ان (السلطة الفلسطينية) موافقة عليها وان الاعتراض (اللفظي) عليها ليس الاّ من باب حفظ ما تبقّى ما ماء الوجه والظهور امام الشعب الفلسطيني بمظهر (المدافع عن حقوقه)…
لا شك ان “المجتمع الدولي” يدرك خطورة التخلّي الكلي والفوري ودفعة واحدة عن “اللاجئين الفلسطينين” ويعرف الابعاد السلبية الكبرى التي قد تتأتى عن مثل هذه الخطوة،لذلك فانه سيعمد الى احالة “ملف” اللاجئين الفلسطينين” الى “المفوضيّة الساميّة للاجئين” الى اجلِ مسمّى ريثما يتم حل هذه القضية بشكل كلي ونهائي،وبهذا فان “اللاجيء الفلسطيني” يصبح شأنه شأن اي “لاجيء” في هذا العالم ولا يملك اي “حق” سوى “حق الحياة بلجوء”…
لستُ اقول هذا الكلام بقصد “دب اليأس” و”القنوط” في قلوب ونفوس “اللاجئين” بل ليعرفوا حقيقة ما يُخطط لهم وماذا يُراد منهم،وعندما “يُعرف السبب يبطل العجب” او كما يقولون فان معرفة “الداء نصف الدواء”…
قطعاً لم يستنفذ اللاجئون الفلسطينيون جميع الوسائل في مواجهة قرارات “الاونروا” آلآثمة والغاشمة والظالمة،فهناك الكثير من “اوراق” القوّة التي يملكها “ابناء المخيمات” ومنها : التظاهر ونصب”خيم” اعتصامات امام سفارات الدول المانحة و”اعلان العصيان المدني”،الزام “الدول المضيفة” بالتدخل لدى “الدول المانحة” لان ما يجري حتما لن يكون في صالحها او لمصلحتها،رفع “دعاوى قضائية” بحق “الاونروا” ومن خلف قراراتها الجائرة على اعلى المستويات المختصّة،واجبار “منظمات حقوق الانسان” بالتدخل السريع لرأب الصدع لا سيما وان جميع هذه القرارات تتنافى وتتعارض مع حقوق الانسان وقد سقط بنتيجتها بعض الضحايا من اللاجئين على ابواب المستشفيات وفي البيوت نظراُ لعدم استطاعة الاهل على تطبيب او علاج مرضاهم على نفقتهم الخاصّة،وللاشارة هنا،فانه ووفقاً لاحكام القانون الدولي فانه يمكن لكل لاجيء على حده ان يرفع دعوى قضائية بحق “الاونروا” ومن ثم يتم تعزيزها بدعوى “جماعيّة” وهذا يعني انه بات على “المحامين” و”القانونين” الفلسطينيين التحرك وعدم الاكتفاء بالتفرج على ما يجري او الوقوف مكتوفي الايدي وهم بغالبيتهم من اصحاب الصيت الحسن والسمعة الجيدة والوطنية والمواقف الثوريّة…!!!
تأخرنا كثيراً في الدفاع عن انفسنا وعن عائلاتنا وعن فلذات اكبادنا وعن حقوقنا الوطنيّة والشخصيّة والفرديّة والجماعية،ولكن ان تأتي متاخراً خيراً من ان لا تاتي وهذا يستدعي اعلان (انتفاضة اللاجئين)،وحذارِ..حذارِ من “ابر المورفين” كتلك (الابر) التي لطالما تم حقن شبابنا بها في السر والعلن من اجل وأد تحركاتهم و(انتفاضاتهم) في الوطن المحتل وفي خارجه…!!!!