أقلام الوطن
جرائم الصهيونية (3)
د. أنيسة فخرو*
الصهيونية حركة عالمية، وفي كل بلد عربي وأجنبي، يوجد صهاينة، من مختلف الجنسيات والأديان، وعندما نسلط الضوء على جرائم الصهونية من أجل من يدّعي أن الصهاينة لم يفعلوا لنا نحن العرب شيئا أبدا، فإننا بكل وضوح لا نُبرأ الامبراطورية العثمانية، ولا الامبراطورية الساسانية، من الجرائم التي ارتكبوها بحق شعوب الأقطار العربية التي احتلوها، لكنهما انهزمتا وخرجتا صاغرتين من الأراضي العربية، ولأن العرب منذ أول توقيع على اتفاقية التطبيع مع العدو الصهيوني1978م، وهم في تراجع وضعف ومذلة، لذلك عادت محاولات تركيا وإيران المستميتة لفرض هيمنتهما بشكل مباشر وغير مباشر على العرب.
ولقد استفاد المحتل الصهيوني من تجارب المحتلين الذين سبقوه، فجاء بالأذكايب ونسبها للتوراة والتلمود، وسرق وقتل ونهب باسم الدين اليهودي، وشرد مئات الآلآف من الشعب الفلسطيني مدعيا بأن أرض فلسطين بلا شعب، لشعب بلا أرض!
لا وألف لا، فلسطين كانت ضمن سوريا الكبرى، وستظل فلسطين من البحر إلى النهر أرض عربية، كما سيظل الجولان ومزارع شبعا وكل الأراضي التي سرقها واحتلها الصهاينة أراض عربية خالصة إلى يوم الدين.
الكارثة عندما تكون الخيانة العربية مجرد وجهة نظر، وعندما يلبس الصهاينة العرب عباءة السلام المسموم، وعندما تُشوه الضحية ويُمجد الذئب، يختار الذباب الالكتروني والطابور الخامس، القلة المفسدة من الفلسطينين والقليل السيئ والمضر بالقضية الفلسطينية، ويروّجون له في وسائل التواصل، ويتمسخرون على القضية، ويتركون أو يتناسون التضحيات الجليلة لغالبية الشعب الفلسطيني، يغمضون أعينهم على آلاف الشهداء وآلاف المعتقلين ومعاناة اللاجئين في المخيمات.
ونقول لكل من يروج أن الشعب الفلسطيني باع الأرض لليهود، أن يعودوا للوثائق العثمانية التي تثبت أن الشعب الفلسطيني لم يفرط في أرضه شبرا واحدا.
ولمن يدّعي من الصهاينة العرب أن الشعب الفلسطيني لم يقاوم، نأتي على ذكر ما قام به جهاز المخابرات الصهيوني الموساد، وباعتراف منه، منذ الستينات حتى نهاية التسعينيات، ومن عمليات الاغتيالات السياسية للقيادات الفلسطينية في فتح والجبهة الشعبية والديمقراطية:
-في عام 1968، أقدم الموساد على عملية سرية، حيث وظفوا طبيبا نفسيا لغسل دماغ سجين فلسطيني لقتل الرئيس السابق ياسر عرفات، وقضى الطبيب ثلاثة أشهر في تنويم السجين مغناطيسيا، مرددا عليه جملة: عرفات فاسد يجب إزاحته، ودربوا السجين على إطلاق الرصاص على صور عرفات في غرفة سرية، وفي 19 ديسمبر 1968، تم تهريب السجين عبر نهر الأردن لكي يتسلل إلى مقر عرفات، وبعد خمس ساعات، وصلتهم الأخبار، فقد توجه السجين مباشرة إلى مركز الشرطة واتهم الموساد بمحاولة غسل دماغه، فحققت العملية فشلا ذريعا، وبعد ذاك حاولوا قتل عرفات عشرات المحاولات، إلى أن استطاعوا قتله بالسُم وهو محاصر في 11 نوفمبر 2004م. ولم يتحرك العالم الغربي احتجاجا على قتله بالسم، كما يفعلون الآن ضد قتل المعارض الروسي.
– في 1972م، تم اغتيال المناضل في الشعبية الأديب غسان كنفاني، والطفلة ابنة اخته في بيروت، بتفجير سيارته بواسطة عبوة ناسفة. واغتيال وائل زعيتر، عضو منظمة التحرير، بالرصاص عند مدخل شقته في روما. واغتيال الدكتور محمود همشري، ممثل المنظمة في فرنسا، بإخفاء قنبلة في جهازه الخلوي في باريس.
-وفي عام 1973م، تم اغتيال حسين البشير، ممثل فتح في قبرص، بزرع قنبلة في غرفته بالفندق في نيقوسيا، واغتيال من كوادر الشعبية: الدكتور باسل الكبيسي، البرفسور في القانون، بالرصاص في باريس. واغتيال بالرصاص كل من المناضلين: محمد يوسف النجار، عضو منظمة التحرير الفلسطينية، وكمال عدوان عضو لجنة مركزية فتح، وكمال ناصر المتحدث الرسمي للمنظمة. واغتيال زيد مقصي، ممثل فتح في قبرص، في غرفته بالفندق في أثينا. واغتيال محمد بودية، عن طريق لغم تحت مقعد سيارته في باريس، واغتيال أحمد بوشيقي بالرصاص، وهو شخص عادي تم الاشتباه به على أنه المناضل علي حسن سلامة، القيادي في المنظمة، الذي تم اغتياله عن طريق تفجير سيارة في بيروت في 22 يناير 1979.
وفي 11 يوليو 1973 يُلقي الأمن اللبناني القبض على ألمانى يحمل جواز سفر مزور باسم (أورلخ لوسبرغ)، واسمه الحقيقي (حجاي هداس)، وكان ضمن شبكة كيدون لاغتيال سعيد السبع في لبنان، الذي اغتيل في 30 يونيو 1995 بالسُم.
-وبتاريخ 10 يناير 1978م اغتيال وديع حداد مؤسس الجبهة الشعبية، عن طريق مادة سامة في معجون الأسنان، وفي كل مرة كان المناضل يفرش أسنانه، تتفاعل كميات السُم لتأخذ طريقها من خلال اللثة إلى مجرى دمه، وبمرور الأيام تدهورت صحته، فاتصل أصدقائه بالشرطة السرية لألمانيا الشرقية، التي نقلته إلى مستشفى في برلين، وبعد 10 أيام حصل له نزيف حاد أدى إلى وفاته.
-اغتيال المناضلة دلال المغربي بطلق ناري في 1978م.
– في 9 يونيو 1986 اغتيال خالد نزال، القائد في الجبهة الديمقراطية في أثينا.
-في 16 أبريل 1988 تم اغتيال المناضل أبو جهاد، من خلال فرقة كوماندوز صهيونية في تونس.
-14 يناير 1991 اغتيال المناضلين: صلاح خلف وهايل عبد الحميد وأبو محمد العمري في تونس.
-8 يونيو 1992 اغتيال عاطف بسيسو بالرصاص في فرنسا.
ومن الاغتيالات في حركة الجهاد وحماس كل من:
-24 نوفمبر 1993 اغتيال عماد عقل، القائد في حماس.
-26 أكتوبر 1995 اغتيال فتحي الشقاقي، من الجهاد الإسلامي، حيث قُتل بالرصاص أمام فندق في مالطا.
-6 يناير 1996 اغتيال يحيى عياش من حماس عن طريق تفجير جهازه الخلوي.
-25 سبتمبر 1997 محاولة اغتيال خالد مشعل في الأردن عبر محاولة تسميمه.
والعدو الصهيوني يُطلق مسمى (عربي) على كل فلسطيني، وكل عربي في نظرهم دمه حلال، ولا يفرق الصهاينة بين أي فصيل فلسطيني، فلا فرق عندهم بين فتح أوالشعبية أوالجهاد أوحماس، كلهم أعداء في نظرهم، كما يستبيح الصهاينة الدم العربي في كل أرض عربية وأجنبية كفرنسا ومالطا واليونان.
ونؤكد أن العامل الذاتي هو الأساس، ونعرف إن كل ثورات العالم لابد من دول مجاورة تناصرها، ودول عظمى تساندها، ونعرف إن فلسطين محاصرة من كل الجهات، لذا على قيادات الفصائل الفلسطينية أن تعتمد على ذاتها وتوحد قواها وجهودها، إذا كانت لديها فعلا رغبة حقيقية في مواجهة الصهيونية بكل جنسياتها، لتحقيق النصر الحق.
*سفيرة المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام
الجزء الثاني