بعد 27 عاماً.. أوسلو جديدة في مطبخٍ أمريكيٍّ بنكهةٍ عربية
في الثالث عشر من سبتمبر عام 1993 وقّعت منظمة التحرير الفلسطينية أول اتفاقية رسمية مباشرة بينها وبين الاحتلال الإسرائيلي، وسمي باتفاق “إعلان المبادئ الفلسطيني الإسرائيلي – أوسلو”، وذلك في مدينة واشنطن الأمريكية، وبحضور كلّ من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والرئيس الأمريكي بيل كلينتون، ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين.
شكّل اتفاق أوسلو نقطة تحول في العلاقة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، حيث نصّت الاتفاقية على عدة بنود أبرزها “منع المقاومة المسلحة ضد “إسرائيل”، واعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير كممثل شرعي للشعب الفلسطيني، وأن تعترف منظمة التحرير بسيادة “إسرائيل” على كافة الأراضي الفلسطينية ما عدا الضفة الغربية وغزة، إضافة إلى اعتراف “إسرائيل” بحق الفلسطينيين في إقامة حكم ذاتي، أصبح يعرف فيما بعد بالسلطة الفلسطينية”.
حوّلت اتفاقية أوسلو الكفاح الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي من مُسلّح إلى مفاوضات وتنسيق أمني لقمع العمل المسلح ضد الاحتلال، ومهدت الطريق للعديد من التنازلات عن حقوق الشعب الفلسطيني، حيث منعت النقاش في قضايا الأمن والقدس واللاجئين والحدود، وأجلتها إلى جولة مفاوضات لاحقة.
عارضت فصائل المقاومة الفلسطينية وشريحة كبيرة من الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج اتفاقية أوسلو، وحذرت من أن حل الدولتين الذي كان ينص عليه الاتفاق؛ سيقضي على حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة لأراضيهم المحتلة عام 1948.
أبو عامر: أوسلو أضاعت حق العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين
أكد الكاتب والمحلل السياسي الدكتور عدنان أبو عامر أن “اتفاقية أوسلو أضاعت حق العودة الفلسطيني بتجاهلها لحقوق ملايين من الفلسطينيين المتواجدين في الشتات، واعتبرت ألّا صلة لهم بالقضية وتعاملت فقط مع الفلسطينيين المتواجدين في الضفة الغربية وقطاع غزة”.
واعتقد أبو عامر أن الذكرى السابعة والعشرين لاتفاق أوسلو التي تتزامن مع صفقة القرن وموجة التطبيع العربي الإسرائيلي الحاصلة؛ “ليست مصادفة أو عفوية إنما هي مخططة ومرتب لها”.
وقال أبو عامر في حديث خاص مع “فلسطينيو الخارج”: ” إن اتفاق أوسلو كان له فضل السبق في أن يخط بدايات التطبيع العربي الإسرائيلي، وأن يفتح العواصم العربية أمام الكيان الصهيوني، وهو الذي جعل العرب يتجاوزون القضية الفلسطينية”.
وبيّن أن الاحتلال الإسرائيلي تجاوز جميع ما نص عليه اتفاق أوسلو في قضايا الاستيطان والحدود والدولة، “وهو ما يتطلب إنهاء هذا الاتفاق”.
وأوضح أن “اتفاق أوسلو كان أول الخطيئة وبداية الشرور على القضية الفلسطينية، ولولاه لما حصلت الكثير من التنازلات التي تبعته في سنوات وعقود لاحقة”.
شاكر: خطاب تبرير التطبيع الحالي بأوسلو خطاب هشّ ويحاول اختلاق الذرائع
“ما يجري الآن هو تصديق للتحذيرات التي أطلقت عندما تم التوجه لاتفاق أوسلو، والتحذير من أنّ ما يجري سوف يكون له تبعات شديدة الوطأة على القضية الفلسطينية، وسوف تسمح وتشجع لانزلاقات عربية وغير عربية نحو الاحتلال”، هكذا عبّر حسام شاكر الاستشاري الإعلامي والمختص في الشؤون الأوروبية عن ارتباط التطبيع العربي الإسرائيلي الحالي باتفاق أوسلو.
وقال شاكر لـ “فلسطينيو الخارج”: “إن خطاب تبرير التطبيع الحالي بأوسلو هو خطاب هش و يحاول اختلاق الذرائع”.
وبيّن شاكر أن خطوات التطبيع الجارية، هي تعبير عن “انزلاقات استراتيجية تكرّس الدور الإقليمي المتسيّد للاحتلال في المنطقة المدعومة أمريكياً”.
وأكد على أن التطبيع يمثل مخاطرة استراتيجية، وأنّ الذين طبّعوا من قبل لم يربحوا استراتيجياً من علاقاتهم التطبيعية.
وفيما يتعلق بمواجهة التطبيع قال شاكر: “من المهم جداً توعية الشعوب والجماهير بحقيقة ما يجري، وإدراك أن التطبيع يقتضي في المقام الأول كبت أنفاس الشعوب وخنقها ومنع حدوث أي حالة من التعبير الحر عن المواقف والآراء”.
وأضاف: “من المهم جداً إظهار كيف يتعارض التطبيع مع المصالح المباشرة للشعوب والأوساط والبلدان المعنية، وكيف يعبّر عن انزلاق قيَمي وخذلان لمبادئ الحق والعدل والالتزامات المبدئية بالنسبة للدول المعنية”.
حلوم: المطلوب إنهاء أوسلو وسحب الاعتراف بالاحتلال وإعادة بناء منظمة التحرير
وحول ضرورة إنهاء اتفاق أوسلو ودور فلسطينيي الخارج في ذلك؛ قال عضو الأمانة العامة وأمين العلاقات الخارجية للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج الدكتور ربحي حلوم: “إنه في ظل ما يتهدد الشعب الفلسطيني من مخاطر ومؤامرات، تنخرط فيها تباعاً أنظمة بعض الدول ممن تحرّكهم خيوط الإملاءات الصهيوأمريكية، وتستهدف وجود الفلسطينيين وطناً وشعباً، بات واضحاً أننا أمام استحقاق مُلِحٍّ يستوجب إنهاء حقبة أوسلو، فكراً، ونهجاً، ورموزاً، والتطهُّر من كل ما ترتب عليها من مخرجات وتبعات”.
ودعا حلوم في حديثه مع “فلسطينيو الخارج” إلى ضرورة إطلاق “نداءٍ جماهيري” يطالب بإلغاء فوري لاتفاق أوسلو وكل ما ترتب عليه من مخرجات، وإلغاء الاعتراف بالكيان الصهيوني وكافة أشكال التنسيق والتطبيع والتعامل مع الاحتلال.
وطالب حلوم بعقد ملتقىً وطني عاجل “تحضره كوكبة ممثِّلةٌ لكل أطياف الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، تنبثق عنه هيئة حكماء مقتدرة يَعهد الملتقى إليها مهمة إدارة المرحلة القادمة وتحديد أدواتها النضالية والسياسية، معززة بعمليات مقاومة وانتفاضة وعصيان مدني في الداخل”.
وشدد حلوم على أهميّة “إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، و هيكلة مؤسساتها وهيئاتها التنفيذية والرئاسية، ووضع خطط المواجهة للمرحلة المقبلة في منأى عن أوسلو ومخرجاتها، وإدارة المرحلة بكل ما تتطلّبه من مقومات نضالية وسياسية”.