إكتمل الاستهداف ، وانتهت المساكنة… من التلطي إلى التخطي الحلقة (7) الأخيرة
ما العمل أو أقل
د. عادل سمارة
لعله من قبيل الاستخفاف بالوعي ومن ثم الموقف الجمعي أن يزعم اياً كان أن بوسعه صياغة رؤية شاملة لما يجب عمله. فالتأريخ لما هو قادم من الاستحالة بمكان بينما هو ممكن الـتاريخ لما مضى هذا دون ان ندخل في تدقيق أو مصداقية تأريخ المؤرخين.
ولكن ثِقل الأحداث يُعطي تصريحاً بطرح خطوط عامة من جهة والتنبؤ بما قد يحدث ترتيبا عليها من جهة أخرى.
قد تصدم الكثيرين الحقيقة التالية وهي:
لولا أن هذه الأمة لم تمت لما كان كل هذا الاستهداف والعدوان المتواصلين ضدها، فاعداء الأمم لا يبذلون جهدا حتى في دفن ميت. ولولا رُعب سلطات التطبيع من شعبها لما هرولت لتستظل بمظلة الكيان الصهيوني الذي لا تغطيه مظلته لولا جسور الطائرات وحتى النووي الأمريكي والغربي عموماً. وإلا، أليس الكيان من رأسه نتنياهو إلى أخمصه مهمشي الفالاشا مجرد خدم للإمبريالية؟
ولكن، في الوقت الذي تقرأ قيادات الكيان تطورات الكوكب بدقة خبيثة وترسل إشارات عشق وتغنُّجٍ جديد للصين بناء على الشك الكبير لديها في بقاء الهيمنة الأمريكية، فإن الأنظمة المرتعدة فرائصها عاجزة عن رؤية التهالك، وإنْ التدريجي، للمركز الإمبريالي وعلى راسه الولايات المتحدة قائدة الإرهاب المعولم.
ولا تكتفي هذه الأنظمة بالترسب في قاع مستنقع التبعية، بل تتناكف وتقتتل فيما بينها سباقا على خدمة المشروع الإمبريالي في الوطن العربي.
ولأن فلسطين هي المستهدفة بموجتي التطبيع:
الموجة الأولى بقيادة البرجوازيات الكمبرادورية
والموجة الثانية تتصدرها سلطات عائلية قبلية في الكيانات العربية الصغيرة
فإن أول المطلوب هو فلسطينياً.
فبعد ثلاثة عقود على مؤتمر مدريد ومن ثم اتفاقات اوسلو وبروتوكول باريسن صار واضحا أن مسار التسوية قد انتهى إلى التصفية وبأن ما هو معروض على الفلسطينيين منذ 1977 حتى اليوم هو نفسه اي حكم ذاتي وأقل قليلا وقد يقل حتى التلاشي.
وإذا كان شمعون بيرس قد صرح في عمان عام 1993 بأنه لا يقلق من تسمية فلسطينيين للحكم الذاتي دولة أو إمبراطورية، فإن نتنياهو يكرر القول نفسه اليوم.
أما والأمر على هذا النحو وخاصة لأن م.ت.ف هي نفسها قد تورطت في التطبيع مع الكيان الصهيوني ووفرت تغطية لمختلف أشكال التطبيع العربي سواء الرسمي أو بعض الثقافوي اوالاقتصادي أو النفسي، او ادنى من كل هذا، فإن على مختلف الفصائل الفلسطينية بما هي مكونات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن تُخرج ممثليها من الأرض المحتلة. فليس من معنى أو قيمة لوجود اللجنة التنفيذية للمنظمة تحت الاحتلال إذا كانت معنية حقا بتسميتها.
خارج الأرض المحتلة فقط يمكن ل م.ت.ف أن تمثل شرف نضال الشعب الفلسطيني من أجل التحرير والعودة.
وعلى هذا الخروج يمكن إحراج مختلف الأنظمة والأحزاب والمتثاقفين العرب الذين يتلطون وراء التهالك الرسمي ل م.ت.ف.
إن الموقع الطبيعي الذي على هذه اللجنة أن تنضم إليه هو موقع المقاومة بغض النظر عن اية جغرافيا من طهران إلى دمشق إلى الضاحية الجنوبية.
يتسائل كثيرون عن مصير سلطة الحكم الذاتي في حال خروج م.ت.ف. ونعتقد بأن هذا من قبيل توفر فائض الوقت لهؤلاء. فالكيان لن يقوم بحل سلطة الحكم الذاتي طالما مسالك التنسيق الأمني مفتوحة. وهنا يمكن حصول أحد تطورين:
- إما إزاحة السلطة الحالية وإحلال زمرة عسكرية محلها تقبل بأكثر أي اسوأ مما تقبل به السلطة الحالية
- أو يُعيد الاحتلال إنتشاره العسكري الواسع مجددا في المحتل 1967، وفي هذا الحال يعود الصدام مباشرا بدون منطقة عازلة ويعود الاحتلال مرغما على التعامل مع الحياة اليومية للناس وهو العبء الذي ألقاه عن كاهله منذ 1993.
من المؤكد أن ضغوطاً مالية أكثر سوف تُمارس على سلطة الحكم الذاتي في رام الله وسلطة حماس في غزة للحصول على تنازلات أكثر، لم نعد ندري إن كان بقي في الجعبة ما يُعطى، ولذا، فإن خروج اللجنة التنفيذية للمنظمة سوف يعفيها من كافة هذه الضغوطات.
قد يلجأ العدو لفرز (م.ت.ف) صفراء داخل الأرض المحتلة بحيث تضم متعاونين من بقايا الفصائل ومثقفين/ات ونقابيين ورجال ونساء الأنجزة…الخ كبديل للجنة التنفيذية الفعلية ولكن هذا لن يصمد أمام وعي شعبنا واستمرار كفاحه.
وفي حال ارتقاء قيادات الفصائل إلى الخروج إلى محور المقاومة، فإن المهمة العاجلة التي عليها الاضطلاع بها هي:
- إعادة التواصل بين المقاومة وبين الشارع العربي لاستعادة الشارع من أيدي قوى إرهاب الدين السياسي والأنظمة العربية التطبيعية.
- وتمتين التواصل النضالي مع فلسطينيي الشتات الذين هم بالضرورة ذوي دور مفصلي في هذه المرحلة.
لعل هذا هو الحد الأدنى ولكن الضروري لبداية متجددة تقوم على اساس التحرير والعودة بعيدا عن مختلف “آيات” الركوع التطبيعي لكثير من المثقفين/ات الذين ينادون بحل الدولتين أو الدولة الواحدة ناهيك عن أدنى طبعات التصفية ذلك االنداء المسمى “الصرخة” التي/الذي ينادي بدولة مع المستوطنين، او التفكير الثقافوي الذي ينادي بتفكير جديد، لتصفية وطن قديم عتيق.
الحلقة الأولى
الحلقة الثانية
الحلقة الثالثة
الحلقة الرابعة
الحلقة الخامسة