أقلام الوطن
“كيف إخترق التكفيريون الدول العربية!”
رفعت سيد أحمد
من يراقب ما يجري في بلادنا العربية المركزية (مصر- سوريا – العراق – ليبيا ) و التي إبتليت منذ العام 2012 وحتى اليوم 2022 بهذا الارهاب المسلح ،يستغربون من إستمراره رغم سلسلة التضحيات و العمليات الناجحة للجيوش الوطنية بتلك الدول ،إلا أن المتأمل بعمق سيجد أن ثمة بيئة حاضنة هي السبب الرئيسي في قوة تلك التنظيمات الارهابية ،و هي سر بقاءها حية ومؤثرة طيلة السنوات الماضية ،وتلك البيئة ليست فحسب بعض القوي القبلية و الشعبية كما ذهب البعض أو تلك الجغرافيا الصعبة التي لايعلم مسالكها وأسرارها الا هؤلاء الدواعش القتلة ،الامر أبعد من ذلك في تقديرنا وهو الذي يجعلنا ننبه وبقوة الي أن ثمة بيئة حاضنة آخري لتلك التنظيمات الارهابية ولذلك الفكر الداعشي التكفيري ونقصد بها بيئة الفكر السلفي التكفيري بمؤسساته ومساجده ودعاته وقنواته التليفزيونية والتي تلقى جميعا _وياللغرابة _دعما وموافقة ورضاء من بعض الشيوخ والسياسين والاداريين ربما جهلا بالخطرأو استخفافا به .
*********
إن ما نود أن نلفت الانظار له أن هذا الفكر الداعشي التكفيري له حوامل ومنصات وبيئة حاضنة ،إذا لم نقاومها هي ونتصدى لها أولا ؛فإن الارهاب سيظل حاضرا ومنتشرا في تلك البلاد المركزية وفي غيرها من البلاد العربية مترافقا ومستغلا –في ذات الوقت- للازمات الاقتصادية المتصاعدة والتي إزدات وضوحا مع الحرب الروسية الاوكرانية 2022.
وفي المواجهة الجادة لهؤلاء التكفيريين (داخل مصر تحديد )،دائما ما ننصح بأن نبدأ بتجفيف المنابع وحصار الابواب التي نفذوا منها وفي هذا السياق نشير لبعضها على سبيل المثال لا الحصر:
أولا:جاء هذا الفكر التكفيري بدعم من مؤسسات خارجية نفطية منذا السبعينات حيث تدفقت الاموال لبناء آلاف المساجد من خلال تمويل أنصارها الذين جندتهم وربتهم في كنف جامعاتها المعروفة وخاصة ما تسمى بجماعة انصار السنة المحمدية والجمعية الشرعية والكثير من الاخوان والجماعة الاسلامية وغيرها من التنظيمات والافراد وصنعت بعض الرموز من المصريين ممن يعتنقون الفكر السلفي وسلمتهم مساجد بنيت بأفخم وأحدث الامكانات في كل المحافظات وخاصة الاسكندرية والقاهرة وزودت تلك المساجد بالمطابع واجهزة الاستنساخ وصناعة المواد الاعلامية التكفيرية شديدة التأثير وزهيدة الثمن في نفس الوقت.
*********
ثانيا: قامت المؤسسات الخارجية النفطية الراعية لهذا الاختراق بإعادة المئات من اساتذة الجامعات والمدرسين والموظفين الذين سبق لهم العمل في في تلك البلاد ذات الفكر الديني المتشدد الفكر الى مصر خلال حقبتي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي ،كي يقوموا بالدور المسنود لهم واغدقت الاموال على العديد من أئمة بعض المساجد وادخلت الكثير من عناصرها الى بعض المراكز الحساسة كالجامعات والاوقاف والازهر و مجمع البحوث الاسلامية.
ثم قامت تلك المؤسسات الخارجية بإنشاء المكتبات ودور النشر والتوزيع وشراء معظم الاكشاك التي تنتشر في مدن مصر وقراها وزودتها بالملايين من الكتب ذات الفكر التكفيري المتشدد والنشرات و اشرطة الكاسيت و مواقع الانترنت و التى تولى التكفيريون نقلها الى ارجاء مصر ومنها سيناء و الحدود مع ليبيا.
*********
ثالثا :أنشئت تلك الدول ومولت قرابة ال35 فضائية تبث الفكر التكفيري و تسهم بشكل فعال في خلق ثقافة معادية لمفهوم الدولة الوطنية وداعمة للفكر الداعشي وكان أكثر الناس تأثرا هم أولئك الذين يعيشون بالقرى والمناطق الفقيرة خاصة في سيناء ،حين إجتمع الفقر مع ثقافة التكفير ورفض الاخر.. مع غياب الدولة و الازهر بإسلامه الوسطي المعتدل ،فكانت النتيجة حضور داعش والقاعدة والاخوان و معهم حضر الارهاب المسلح الذي قاتله الجيش والشرطة و الشعب الواعي ولايزال يقاتله
*********
رابعا:بالاضافة الى إنشاء جمعيات السنة المحمدية بالمال الخارجي قامت بعض الدول الاقليمية التي يسود بها الفكر التكفيري بالدخول الى مصر عبر إنشاء معاهد لتخريج الدعاة في غفلة من الزمن، فسرقت دور الأزهر القانوني لتخريج الدعاة وأنشئت ما يسمى ب ( معاهد إعداد الدعاة ) التي تقوم بتدريس الفكر السلفي التكفيري الخالص كل ذلك للأسف تحت الإشراف الأسمى للأزهر والأوقاف و بعد دراسة سنتين أو أربع يكون فيها الشاب قد تشرب هذا الفكر يتم منحه ترخيص للخطابة على المنابر و يقوم بدوره لنشر تلك الثقافة والفكر التكفيري في مصر بترخيص من الأزهر و الأوقاف(!!).
هذة الوسائل وغيرها ساهمت و لاتزال في خلق بيئة تكفيرية حاضنة لاؤلئك الارهابيين في مصر (وخارجها في بلدان الشرق العربي)، وهي بيئة نتصورها أخطر في فعلها من الرصاصة التي يطلقها الارهابي ،وإذا لم تتنبه الدولة في مصر وفي باقي بلادنا العربية التي أبتليت بهكذا فكر ،لذلك الخطر الذي تحمله البيئة الحاضنة للارهابيين ؛فإن كل المحاولات والبطولات التي تتم بها والمقاومة له ،سيكون تأثيرها وقتي وضعيف ،لان الاصل في النبع لا في السقاة أو الشاربين ،و النبع للاسف الشديد لايزال ينتج مآءه السام ،فإنتبهوا يا أولي الالباب . .