غزة تغير العالم كدرس في التاريخ
د. عادل سماره
الثورات قاطرات التاريخ…قد يُعاق لكنه للإمام ، الحدث حر مستقل إن لم تتوقعه عليك أن تفهمه.
هذا الحديث موجه للكثيرين من العرب والمسلمين أكثر مما هو لبقية العالم وهو الأكثرية.
لقد تحدث وكتب كثيرون أن 7 تشرين أكتوبر سيغير الكثير في العالم ولكن هم أنفسهم لم يلتقطوا بداية التغيير! ربما لأنهم محكومون بعلاقات وارتباطات ما.
المشهد باختصار:
تؤكد حركة التاريخ تحول الثورة المضادة إلى الدفاع ممثلة بالكيان الصهيوني،فللمرة الأولى يتم اقتحام القلعة/القاعدة. صحيح أن حرب اكتوبر 1973 قاربت الحدود لكنها لم تدخل القاعدة لأن كل الغرب وقف ضدها ولأن نظام مصر الكمبرادوري خان جيشه وشعبه والعروبة.
نعم تغاضى البعض عن دور قوى عاكست التاريخ لإعاقة اكتوبر 1973 أي دور البرجوازية العربية التابعة لذا أمعنت في التطبيع.
يوم 7 تشرين 2023 أُعيد التاريخ ليقف على قدميه في موقعة قامت بها غزة عرب ومسلمون ومن موقع صغير بالمطلق.
لكن قوى عديدة وقفت ضد حركة التاريخ فوقفت منذ 8 تشرين ضد غزة حماس ورفاقها الجهاد والشعبية وغيرهن..
هنا اختلط الحابل بالنابل:
عرب ومسلمون اليمن وجزء من لبنان مع غزة وحماس ورفاقها
وعرب ومسلمون ضد حماس وغزة ايضا
أكثرية الأنظمة العربية والإسلامية تدعم الكيان
أكثرية الشعوب العربية والإسلامية تدعم غزة وحماس.
يمكن قراءة هذا التخالط أو رده إلى تجذُر حالة المساكنة سواء بالقوة والقمع والمصلحة مع استطالة الصراع وتحوله إلى إبادة ضد المدنيين إنبرى التاريخ مجدداً فوقف على قدميه فتحركت شعوب العالم وخاصة في الغرب ضد الإبادة وبقي الشعب العربي والشعوب الإسلامية تحت ضغط المساكنة في طنجرة ضغط ليس في غطائها فتحة للتنفيس.
مجدداً وقف التاريخ بشبابه في الجامعات الغربية ضد الثورةالمضادة دافعهم أنهم جيل التاريخ والتاريخ للإنسان وليس ضد أو لهذا الدين أو ذاك بعكس ثرثرة من يأخذون البشرية إلى صراع الأديان. لكن شعوب العالم وشبابه ليسوا عربا ولا مسلمين فما معنى هذا؟
بالطبع، حاول قادة الكيان تخفيف الضغط عنهم بنقل الحرب إلى إيران عبر الاعتداء على قنصليتها في الشام، فردت إيران دفاعياً أي في حركة نصف تاريخية، ولكن كانت المفاجأة إصرار معظم الأنظمة العربية وهي غالباً إسلامية على معاكسة التاريخ بالوقوف ضد إيران المسلمة فشاركت في الدفاع عن الكيان.
لقد أعقب هذا اتضاح الصورة حيث:
الأنظمة اكدت أنها قواعد صهيونية
الشعوب أكدت أنها مع غزة لكنها ملجومة.
جاء الدرس هذه المرة من تركيا، النظام الإسلامي الداعم للكيان بلا حساب. بينما الشارع أخذ يمور بدافع إسلامي ضد الكيان فخسر النظام في البلديات.
أضطر النظام الدينسياسي، ولو شكلانياً، قطع التبادل مع الكيان وهذا ليس بدافع ديني بل بدافع مصلحة البرجوازية التجارية والصناعية التركية.
و في جانب آخر بقي معسكر الثورةالمضادة متماسكا كأنظمة أي داعما للكيان ومقاتلاً إلى جانبه. لكن المحور الاخر لم يرتق إلى الدور المطلوب بعد.
بالمقابل فإن الشعوب وخاصةالشباب أكدوا وقوفهم ضد أنظمتهم مدفوعين بموقف إنساني حضاري. صحيح أنهم لم يرفعوا شعارات ضد راس المال ولكن حراكهم جوهريا ضد الراسمالية والإمبريالية وهذا موقف إيديولوجي جديد وواسع وليس قائما على دافع ديني، نعم إديولوجي كونه موقف إنساني وضد الراسمالية والإمبريالية أي مع الشعوب المضطَهَدة، فليس صحيحاً انتهاء عصر ألإيديولوجيا في جانب الثورة كما لم ينتهي عصر الإيديولوجيا في جانب السوق وراس المال.
رغم تعقيدات اللحظة إلا أن الإمبريالية أصرت على ان لا ترخي اي خيط فتنبهت إلى تعميق الصراع الإسلامي الإسلامي بمنح السعودية اتفاقية حماية ضد شعبها وضد إيران زاعمة خطراً من إيران !
مختصر القول، فإن التاريخ جسم حي، يرفض بالضرورة كما نرى اليوم إيلاج جسمين غريبين فيه:
- في المستوى المحدود يرفض الجسم العربي وجود الكيان ولو أن من يقاتل ذلك هو الفلسطيني واليمني واللبناني فقط وهذا سوف يتسع. إن آخر مشروع استيطاني راسمالي أبيض في حالة الدفاع الأخير. وكل يوم يتضح أنه ليس مشروعا دينيا، فلنقاومه على حقيقته.
- وفي المستوى العالمي تقف شعوب العالم وخاصة الجيل الشاب في الغرب ضد الرأسمالية صانعة الحروب، وهذا يأخذ وقتا، لكن ملامح بدايته تتضح.