كأن السلاح والصواريخ السورية لم تكن تصل إلى حركة حــمــاس
د.إبراهيم علوش
كانت مسلية جداً، في أجواء تمدد الاحتلالين العثماني والصهيوني في الأراضي السورية شمالاً وجنوباً، مزاعم البعض بأن قصف المقدرات العسكرية السورية بَعد، والتركيز على “بَعد”، وصول المجاميع الإرهابية المسلحة إلى مناطق الدولة السورية، “يثبت” أن “إسرائيل” تخشاها!
اللازمة أن تلك المجاميع الإرهابية المسلحة ليست “عميلة” للكيان الصــهــيــوني، بدلالة “خشيته من وقوع المقدرات العسكرية السورية بأيديها”.
في تنويعة إخوانية على ذلك الخطاب، ذهب بيان لـ”جماعة الإخوان” في سورية إلى أن قصف المقدرات العسكرية السورية (بَعد) “تــحــرير سورية” يثبت أن “النظام السابق كان عميلاً”، وإلا فلماذا لم يجرِ مثل هذا القصف من قبلُ، عندما كان الرئيس الأسد ما يزال في الحكم؟، كما تساءل البيان الذي وصلني عبر إحدى مجموعات حركة حــمــاس للأسف…
كأن السلاح والصواريخ السورية لم تكن تصل إلى حركة حــمــاس، بحسب اعتراف خــالــد مشــعل ذاته في فيديوهات معروفة…
ليس جحود حــمــاس هو المشكلة هنا، بل ذاكرة البعض السمكية، وتوهان البوصلة، دعونا نُذَكِّر إذاً:
أ – تلقت العصابات المسلحة في سهل حوران دعماً “إسرائيلياً” مباشراً لا بصورة علاج طبي فحسب، بل بصورة أسلحة ورواتب وتموين، كما كشفت مواقع أمريكية و”إسرائيلية” عام 2018، وثقتُها في أكثر من مادة.
وكانت تلك العصابات هي التي دخلت دمشق، من حوران، قبل وصول الجولاني إليها.
ب – الجهود الحثيثة للوبي الصهــيــوني في الولايات المتحدة وأوروبا لفرض حصار قاهر على سورية، وانتفاضة ذلك اللوبي عندما أراد ترامب الانسحاب منها عام 2019.
جـ – القصف المستمر والمتصاعد للمواقع السورية كلما تقهقر وضع العصابات المسلحة في سورية، حتى لحظات قبل تغلغل المجاميع المسلحة في مناطق الدولة.
من الشمال، أدارت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA عملية تمويل العصابات التكفيرية وتدريبها وتسليحها من غرفة “الموم”، والتي كانت توجد فيها مشاركة “إسرائيلية”، كما في غرفة “الموك” في الجنوب.
أما بعد، لن نسأل لماذا لم ترد العصابات المسلحة التكفيرية على القصف الصــهــيــوني لِمَا باتت تعده “مقدراتها العسكرية”، بل: لماذا لم يقصفها الكيان الصــهــيــوني، أو الأمريكان، وهي تتقدم صوب دمشق إذا لم يعداها “صديقة”؟!
فهي كانت، منذ نشأت، مجموعة أدوات أمريكية-صــهــيــونية وتركية ضد سورية…
الحقيقة هي أن القصف الشامل لم يجرِ من قبلُ، خلال وجود الأسد، لأن ذلك كان سيعني حرباً شاملة. أما بعد مجيء العصابات المسلحة إلى الحكم، بغطاء أمريكي-صــهــيــوني-تركي، فإن “إسرائيل” كانت مطمئنة إلى أن اجتثاث القدرات العسكرية السورية، كمشروع استراتيجي “إسرائيلي”، بغض النظر عن هوية الحاكم، لن يعود عليها بأي ضرر لأن “ضرب الحبيب زبيب”.
بعد ذلك نقول، نعم، تخشى “إسرائيل” وقوع المقدرات العسكرية السورية بأيدي مــقــاومين سوريين حقيقيين لن يأتوا بالتأكيد من عباءة المتعاونين مع المحــتــلين ضد بلادهم.
ربما عندما يستيقظ بعض المحتفلين اليوم من سباتهم…