أقلام الوطن

في استشهاد ذو العمامة السوداء

حذارِ أن يبقى الرثاء السياسي الصادق عاطفياً لأنه يورث الذُّل لا الثورة،

د.عادل سمارة
د.عادل سمارة

د. عادل سماره

“ألَّذي في الرجال إبينعَدْ”/قوْل شعبي،  أي  من حقهم أن يُذكر

اعظم من تضحيته بنفسه وأهله فقداننا دوره لأن للفرد دور في التاريخ، و لكن دون الانحصار عاطفياً حتى في حالة الاستشهاد على يد عدوان معولم. في تاريخها تضع  كل أُمةٍ مولودا عظيما كل نصف قرن، هي اللحظة الزمنية بين ناصر و ذو العمامة السوداء. لذا أُغتيل الأول  خبثاً و تآمراً و اغتيل الثاني على يد وبأشد أسلحة الرأسمالية/الإمبريالية الأمريكية فتكاً بالأرض و الجسد، و نُسبت الجريمة للكيان التابع.

و لكن، هل نكتفي بالحزن والأسى والتأسي حدَّ الشعور باليُتم! أم نسأل حتى في لحظة الدم:

هل أنجز أيَّاً منهما و أكمل طريقه و ما بدأه بحركة ثورية عروبية! بالطبع:لا، و هذا نقد لنا جميعاً في تقصيرنا عن إنجاز ذلك.

إنه في غياب حركة عروبية ثورية يُمكن للرمز التقاط الأزمة الدورية للرأسمالية و خاصة الغربية من عنقها و قتلها و الإبحار بالأمة في طريق الحرية والتحرير، و بالمناسبة فالأزمة الدورية للرأسمالية هي خمسينية أيضاً. لكننا لم نصل لإنجاز هذا التحدي.

هذا مع أن كليهما توصَّل إلى الإقرار بحقيقة تفوُّق معسكر الأعداء من حيث القوة و التقنية و الثروة، و لذا كان لا بد لهما أن يركزا على استعادة الشارع العربي كظهير ضرورته حتمية لدعم حركة التحرر العربية و المقاومة. لكن ناصر،و قد كرَّس العروبة، عجز عن الإقرار بحرية الأحزاب و لم يستثمر احتفاء و دعم معظم الأمة العربية له ، كما أن ذي العمامة  أصرَّ على الولاء لولي الفقيه ما جعل عروبته مجتزئة أو ملجومة، فهل نرتق هذه الفجوة لمواصلة المشروع العروبي؟

و إذا كان لا بد للإمبريالية من إغتيالهما، صار لا بد، و الآن لا بد،  لنا أن نذهب في الطريق بأبعد مما بدأ كليهما.

و لكي لا نقع في اليأس أو الشعور باليُتم نقول: لكل عظيم هفوته  فلنحُل دون هفوات الأمة.

حذارِ أن يبقى الرثاء السياسي الصادق عاطفياً لأنه يورث الذُّل لا الثورة، ويغطي على أن عدوهما الداخلي كان الأخطر و هو عدونا في كل يوم وناح.

فلتكن ذكراهما دافع أملٍ و إكمال المهمة التاريخية. لهما السلام و عليهما السلام.

ملاحظة:أيليق النقد مع النعي؟ عموماً لا، و لكن المرء مسؤول عمَّا يكتب، لذا فالمديح المحض يوم النعي يُعيق النقد في المعالجة التاريخية لاحقاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *