الاحتلال الصهيوني يواجه مظاهرات يوم الأرض بالقمع والمجازر
عميرة أيسر*
خرج عشرات الآلاف من المتظاهرين العزل إلى الحدود الفاصلة بين غلاف قطاع غزة وبين الأراضي الفلسطينية المحتلة، من طرف الكيان الصهيوني والمحتلة من طرفه منذ سنة 1976م، في يوم الأرض يخرج الفلسطينيون للاحتجاج على الممارسات الإسرائيلية الشنيعة في حق الشعب الفلسطيني، وليذكروا العالم أجمع بأنهم موجدون وبأن قضيتهم محقة، هذه المظاهرات السنوية التي يقوم بها الفلسطينيون منذ 30 آذار/ مارس من سنة 1976م، وهو التاريخ الذي قامت فيه سلطات الاحتلال الصهيوني بمصادرة الآلاف من الدنمات من الأراضي الفلاحية والمشاع، والتي كانت تدخل ضمن نطاق تواجد سكان الأرض الأصليين، لتنطلق بعدها مظاهرات وإضرابات امتدت من منطقة الجليل الأعلى إلى صحراء النقب وقوبلت بقمع وحشي أعمى، من طرف جيش الاحتلال راح ضحيتها 6 فلسطينيين واعتقل المئات منهم في سجون الاحتلال الإسرائيلي، الحكومة الإسرائيلية والتي عملت على قمع واعتقال الناشطين الفلسطينيين منذ نشأة الكيان الصهيوني فوق أرض عربية مقدسة سنة 1948م.
أرادت تل أبيب أن تجعل منه موطناً قاراً ونهائياً لكل يهود العالم المتشبعين بالثقافة والفكر التوراتي ذو النزعة الصهيونية. فقامت بسنّ ما يعرف بقانون العودة سنة 1950م، والذي أرادت من خلال سنّه جعل عودة هؤلاء إلى فلسطين المحتلة عملاً قانونياً دستورياً، وبالمقابل عملت على إجهاض حق العودة للملايين من أبناء الشعب الفلسطيني الذين ولد معظمهم في دول الشتات، وإجهاض القرار الأممي رقم 194 والقاضي بالاعتراف لهم بذلك، مع تعويضهم مادياً، و ضمان حقهم في إعلان دولتهم المستقلة، وتوضع القدس تحت نظام رعاية دولية، كما تنص على ذلك لوائح وقوانين الأمم المتحدة.
وكالعادة لا تزال الممارسات الصهيونية هي نفسها، ولم تتغير منذ أكثر من 70 سنة تقريباً، إذ لا تزال لغة القمع والقتل وسحل جثث الأبرياء العزل في الشوارع هي المتبعة لدى قادة الكيان الصهيوني ، وعلى رأسهم بن يامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، وأفيغدور ليبرمان وزير الدفاع الصهيوني، والجنرال آرييك بن حاييم مبعوثه إلى الشرق الأوسط، فهؤلاء لا تهمهم الأرواح البشرية لغير المواطنين الصهاينة، لذلك هم يتفننون في ابتكار أحدث أساليب القتل الجماعي، ويستمتع جنودهم بذلك كما ذكرت وسائل إعلام عبرية وحتى غربية،و في الذكرى السنوية لإحياء يوم الكرامة والغضب الفلسطيني سقط في ظرف أسبوعين تقريباً أكثر من 33 شهيداً، لا ذنب لهم سوى أنهم طالبوا بالحرية والاستقلال، أمام صمت دولي ورسمي عربي غير مبرر أو مفهوم، فالقضية الفلسطينية التي كانت على رأس الأولوية الأممية والعربية في الستينيات والسبعينات من القرن المنصرم.
أصبحت قضية ثانوية لا قيمة لها عند الكثير من النخب الرسمية العربية التي أصبح التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني هو الوسيلة الوحيدة عندهم، للتقرب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي أعلن القدس عاصمة أبدية للصهاينة، ونسي أن هؤلاء قتلوا أكثر من 100 ألف فلسطيني وهجروا أكثر من 800 ألف، ودمروا أكثر من 20 ألف منزل فوق رؤوس أصحابها منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي حتى السَّاعة.
هذه المظاهرات والاحتجاجات السلمية تعبر رداً على كل دعاة التطبيع والخنوع العربي، وتأكيداً من طرف سكان قطاع غزة ومن انضم إليهم من سكان الضفة الغربية بأن المقاومة الفلسطينية للاحتلال حتى وإن كانت سلمية، فإنها كفيلة بتذكير العالم أجمع بأن هؤلاء صامدون في أرضهم التي ورثوها عن أجدادهم، وأنهم يرفضون كل المؤامرات والدسائس، والصفقات السياسية التي يحاول البعض من أبناء جلدتهم للأسف الشديد تمريرها في الغرف المغلقة، لكي يفرضوها عليهم كأمر واقع لا مناص منه، ورسالة مباشرة للكيان الصهيوني مفادها أن أبناء الأرض من المستحيل أن يتخلوا عنها حتى ولو سقط منهم في كل مرة العشرات بل المئات من الشهداء.
*كاتب جزائري