ماذا تعني المطالبة بـ”حماية دولية للفلسطينيين”؟
لا يوجد بديل عن التحرير لأي شعب تحت الاحتلال، ولا توجد قيادة سياسية وطنية تطالب بالاستعاضة عن احتلال باحتلالٍ آخر.. ولكن هذا هو بالضبط ما دأبت عليه قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ومن ثم قيادة السلطة الفلسطينية، بإصرارها منذ عقود على المطالبة بما تسميه “حماية دولية للفلسطينيين”، فماذا يعني ذلك العنوان بالضبط؟
“الحماية الدولية للفلسطينيين” تعني وضع الفلسطينيين تحت الوصاية الدولية، وتعني وضع قوات دولية في أجزاء من الأراضي الفلسطينية بذريعة “حماية الفلسطينيين”، كما تعني أن تلك القوات سيكون عليها “وضع حد” للمقاومة المسلحة ضد الاحتلال، وتعني أن الحكم الذاتي المحدود الذي يمكن أن “يتصدق” به الاحتلال على بعض مناطق السلطة الفلسطينية سيدار من قبل جهات دولية، وبالتالي فإن مثل ذلك العنوان، بمقدار ما يتحقق فعلاً، فإنه يمثل عودة للانتداب على (أجزاء من) فلسطين، فهو لا يختلف كثيراً عن الانتداب البريطاني لفلسطين مثلاً، وللعلم، فإن الاحتلال البريطاني الذي جاء بعد الحرب العالمية الأولى إلى فلسطين، وبقي حتى إعلان دولة العدو الصهيوني في 15 أيار 1948، لم يكن اسمه الرسمي احتلالاً، بل كان “انتداباً” اعترفت به عصبة الأمم (السابقة للأمم المتحدة).
نتحدث إذن عن إخضاع أجزاء من الأرض والشعب العربي الفلسطيني، بشكل جزئي، لانتداب جديد، بالتنسيق مع الاحتلال الصهيوني، وبما لا يتناقض مع “حق” ذلك الاحتلال بـ”الأمن والاستقرار”، وعن “حقه” بممارسة التطبيع مع محيطه، وعن وصاية دولية تسهم بتحمل بعضاً من عبء إدارة الاحتلال في أجزاء من فلسطين، تماماً كما تقوم منظمات التمويل الأجنبي، المدعومة غربياً، بتحمل جزء من عبء إدارة الاحتلال الصهيوني في الأراضي المحتلة عام 67.
ولهذا من الطبيعي أن نقول أن الدعوة لـ”وصاية” أو “حماية دولية” على الشعب الفلسطيني لا تمت بصلة، من قريب أو بعيد، لبرنامج تحرير فلسطين، وما هي إلا صيغة تحاول من خلالها بعض النخب الفلسطينية أن تجد لنفسها مواقع أفضل في العلاقة مع الاحتلال الصهيوني تحت “وصاية دولية” لا تهدده ويمكن أن “يتقبلها”.
نكرر، عندما يكون هناك احتلال، فإن البرنامج الوطني الوحيد يكون التحرير، والمنطلق الوحيد يكون التأكيد على هوية الأرض: فلسطين عربية من البحر إلى النهر، وهي لا تحرر إلا بالحرب الشعبية والكفاح المسلح، كما نص الميثاق الوطني الفلسطيني غير المعدل.
“لائحة القومي العربي”