الصهاينة يستخدمون معسكرات سياحية للترويج لفكرهم الإرهابي
عملت الآلة الدعائية الصهيونية، وخاصة بعد حربها الأخيرة على قطاع غزة سنة 2014م، على محاولة إقناع الرأي العام الدولي والغربي على وجه التحديد، بأنها دولة سلام ومودة ووئام وبأنها أشبه بالدول الغربية التي تعيش حالة من الفوبيا نتيجة الهجمات التي استهدفت عدَّة عواصم غربية في السنوات الفارطة، وأهمها ربما الأعمال الإرهابية التي استهدفت مدناً رئيسية في أوروبا كالعاصمة الفرنسية باريس ولندن البريطانية ومدريد الاسبانية وغيرها، واستعملت كل الوسائل الإعلامية والدعائية الممكنة لذلك بما فيها الوكالات السِّياحية سواء تلك المملوكة للدولة، أو الوكالات السِّياحية الخاصة، وذلك في محاولة منها لتغيير أنماط التكفير التي بدأت تنتشر لدى الكثير من الشعوب الأوروبية، وخاصة التي تسيطر على الحياة السِّياسية فيها، أحزاب اليسار الاشتراكي، وتوجِّه الرأي العام فيها النخب الشيوعية والليبرالية التي بدأت تضييق ذرعاً بصور المجازر اليومية التي ترتكبها آلة القمع والدمار الصهيونية في الأراضي المحتلة، وكان أشدها تأثيراً في المدة الأخيرة، الصور التي انتشرت عبر الكثير من منصات مواقع التواصل الاجتماعي وتداولتها الكثير من وسائل الإعلام الغربية، والتي تظهر شاباً فلسطينياً مقعداً، ولا يستطيع التنقل إلاَّ بواسطة كرسي كهربائي متحرك، وهو ممدد على الأرض بسبب رصاصة أصابه بها قناص صهيوني في وسط جبينه بالضبط، وهي الصورة التي خلفت الكثير من الاستياء لدى النخب المثقفة في أوروبا فضلاً عن العوام من الناس في العديد من الدول الأوروبية، وطالبت الكثير من منظمات حقوق الإنسان بمحاسبة مرتكبي هذا الفعل المشين، وهناك منظمات أوروبية حقوقية، تضغط على حكوماتها في هذه الآونة، من أجل منع الكثير من قادة الكيان الصهيوني من زيارتها.
فالبروباغندا الإعلامية الصهيونية، عبر لوبياتها المؤثرة والقوية في الدول الغربية، وبالتنسيق مع وزارة السِّياحة الإسرائيلية، عملت وذلك وفق خطة إستراتيجية محكمة، وتمتد لسنوات طويلة قادمة، على العمل وتكثيف الجهود من أجل مضاعفة أعداد السّياح القادمين لزيارتها سنوياً، وذلك عن طريق تقديم إغراءات وأسعار تفضيلية، بالإضافة إلى إقامة معسكرات تدريبية لهم، وإعطائهم الفرصة لإطلاق النار وقتل الإرهابيين مثلما تطلق عليهم الدعاية السَّوداء لصهاينة دائماً، ويقصد بهم أبطال المقاومة الفلسطينية، كعناصر كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس الإسلامية، فالمجسمات المادية والتي تكون على شكل دمى بشرية أو عبارة عن لوحات ومنصات متحركة، تمنح الحقَّ لهؤلاء السّياح الأجانب لتجريب أجواء الحرب الصهيونية الافتراضية المزعومة على هؤلاء المقاومين، مع إضافة المؤثرات الصوتية، واستعمال الأسلحة الأوتوماتيكية و تلقيمها بالرصاص الحي الذي يستعمله الجنود الصهاينة عادة عوض الرصاص المطاطي، وحرص القائمون على هذه المعسكرات على إلباس هؤلاء السّياح بزة الجنود الصهاينة، وكذلك تقديم أسعار تفضيلية ومخفضة لعيش هذه التجربة المثيرة تتراوح ما بين 110 دولار لشخص الواحد، و 85 دولار بالنسبة للأطفال.
وكانت البداية سنة 2009م، واستمر البرنامج منذ ذلك الوقت في استقطاب الآلاف من السّياح القادمين من مختلف دول العالم، كالصين ودول أمريكا الجنوبية، والولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية… الخ، وحسب شركة كاليبر3، وقد سميت بهذا الاسم، تيمناً بسلاح إسرائيلي صنع سنة 2003م، فإن عدد السياح في سنة 2016 م الذين خضعوا لهذا البرنامج وشاركوا في هذه الدورات التدريبية، تزامناً و زيارتهم للاماكن المقدسة في القدس المحتلة، ومناطق الضفة الغربية، قد فاق عددهم 25 ألف سائح في سنة 2006م.
فهذه السِّياسة السياحية الجديدة التي بدأت الحكومة الصهيونية بإتباعها بمباركة وتشجيع من نتنياهو يحاول الصهاينة من خلالها إشراك هؤلاء السّياح ولو معنوياً أو افتراضياً في تقريب وجهة نظر الحكومة الإسرائيلية، التي استنفذت كل الوسائل والسّبل الممكنة، وذلك في محاولة يائسة منها للتغطية على تاريخها الأسود في ممارسة مختلف أنواع الإرهاب الفكري والمادي والمعنوي، على الشعب الفلسطيني، وبالرغم من استنكار الكثير من المنظمات الداعمة للسَّلام في المجتمع الصهيوني لهذه السّياسة الإسرائيلية، ولكن يبدو أن نتنياهو الذي يحظى بدعم وتأييد لا نظير له من إدارة الرئيس دونالد ترامب سيمضي قدماً في استكمال جميع خطواتها، ما دام أن الكثير من النخب والمؤسسات الرسمية العربية، تراقب ما يفعله هؤلاء الصهاينة من أجل تزييف الحقائق، وتشويه الوقائع وتبقى صامتة تتفرج دون أن تقوم بردات فعل مؤثرة. بالإضافة إلى أن بن يامين نتنياهو متيقن بأن الأوضاع الإقليمية والدولية المضطربة، لن تكون عائقاً في سبيل إكماله لمشروعه السِّياحي هذا، والذي يعتبره أحد أهم منجزاته التاريخية التي يحاول من خلالها التملص من المتابعات القضائية، والقضايا المرفوعة ضدَّه في المحاكم الصهيونية، والتي تتهمه بالفساد وسوء استغلال السّلطة واستعمالها لأغراض شخصية، وهي التهم التي يبدو أنها ستكون الشوكة التي ستعلق في حلقه طويلاً، وربما تؤدي بالقضاء الصهيوني إلى إدانته والحكم عليها بالسجن ولسنوات طويلة، وبالتالي إلى إعلان وفاته سياسياً، وخروجه من الحياة الحزبية والسِّياسية في الكيان الصهيوني المُحتل، و من الباب الضيق بالتأكيد.