أقلام الوطن

من يهن يسهل الهوان عليه

د. خير الدين عبد الرحمن
عندما طلب الرئيس المصري جمال عبد الناصر قطع العلاقات الدبلوماسية مع ألمانيا لدى إغداقها الأموال على كيان الغزاة الإرهابيين العنصريين الصهاينة مغتصبي فلسطين استجابت أكثر الدول العربية .
وعندما تواطأت الولايات المتحدة مع العدو الصهيوني في الخامس من حزيران 1967مما مكن جيشه من احتلال سيناء وغزة والقدس وباقي الأرض الفلسطينية ومرتفعات الجولان السورية في حرب خاطفة من طرف واحد تقريباً استجابت أكثر الدول العربية الهامة وقطعت علاقاتها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة ..
ولدى استشراء تشتت أطراف النظام العربي في أعقاب الردة التي دشنها أنور السادات باستسلامه للعدو واستباحة الصهاينة مصر والهيمنة عليها تحت قناع (سلام )، واستعار الخلافات البينية بين معظم الأنظمة العربية ورضوخ بعضها لقرار الرئيس الأمريكي ريغان شبه المعلن منح ضوء أخضر لاجتياح جيش الغزاة الصهاينة لبنان وإنهاء وجود الثورة الفلسطينية فيه ، بعدما أنهكتها سنوات الحرب الداخلية اللبنانية، بينما كان العراق وإيران يخوضان حربهما الشرسة المدمرة ، أعلنت عدة دول في العام 1981 أنها سوف تنقل سفاراتها لدى الكيان الصهيوني إلى القدس ! هنا طار الرئيس العراقي صدام حسين إلى الرياض على الرغم من استعار القتال الشرس شرقي البصرة والتقى الملك خالد في المطار ، حيث ـ بعد تبادل التحية ـ طلب صدام حسين ورقة وكتب :
اجتمع ملك المملكة العربية السعودية ورئيس الجمهورية العراقية وتباحثا في موضوع نية بعض الدول نقل سفاراتها الى القدس وقرر البلدان ما يأتي :
١. قطع العلاقات الدبلوماسية فورا مع اية دولة تنقل سفارتها إلى القدس
٢. ايقاف امدادات النفط فورا والغاء كل العقود المبرمه وطرد كل رعايا تلك الدول العاملين في المنشآت النفطية في البلدين
٣. تجميد كل العقود الاقتصادية مع تلك الدول
٤. سحب كل الاموال المودعه في بنوك تلك الدول
رحب الملك خالد بالبيان على الفور، وتم بثه من التلفزيون الرسمي في الرياض ووكالة الانباء السعودية بينما كانت طائرة الرئيس العراقي تغادر إلى بغداد عقب الزيارة التي استغرقت نحو ربع ساعة فقط . وسرعان ما تلاحق خلال ساعات إعلان نفي الدول المقصودة نيتها نقل سفاراتها إلى القدس أو تراجعها عما كانت قد أعلنته رسمياً بهذاا الخصوص .
أما اليوم ، فلا تكتفي الولايات المتحدة وحكومات متصهينة أو تابعة أخرى بنقل سفاراتها إلى القدس وزعمها عاصمة (أبدية) لكيان الغزاة العنصريين الصهاينة ، وإنما تفرض ( الجزية )على النظام الرسمي العربي المستسلم فيرضخ صاغراً ، وتجاهر أنها سوف تأخذ من عرب النفط كل ثرواتهم !

د. خير الدين عبد الرحمن

يحمل د. خير الدين عبد الرحمن درجتي الماجستير والدكتوراه في العلاقات الدولية. عمل مديراً لمكتب صحيفة "الأحرار"، ورئيساً لتحرير "فتح" اليومية، ورئيساً لتحرير مجلتي "المسيرة" و"الأشبال" خلال الفترة 1963-1973، وكان مفوضاً سياسياً عاماً لقوات الثورة الفلسطينية، ورئيس دائرة التعبئة الفكرية والتوجيه السياسي في الثورة الفلسطينية خلال الفترة (1971-1973). عمل سفيراً لدى السودان وإثيوبيا والباكستان وسريلانكا وكينيا خلال الفترة (1973-1989)، ومندوباً دائماً لدى منظمة الوحدة الأفريقية، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومركز الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية حتى عام 1989. وهو مستشار جامعة الباسفيك الجنوبية في لوس أنجلوس،كاليفورنيا للشؤون الدولية منذ عام 1985. شارك في رئاسة أو عضوية وفود إلى مؤتمرات القمة العربية أو مؤتمرات وزراء منظمة دول عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الوحدة الأفريقية وجامعة الدول العربية، وكذلك في العديد من المؤتمرات والندوات الفكرية الدولية في أوربا وآسيا وأفريقيا. نشر عدداً من الكتب باللغتين العربية والإنجليزية أبرزها: "الثورة الفلسطينية" (1971)، و"الصخرة والبحر" (1980)، و"الوجيز" في علم السياسة (1986)، و"القوى الفاعلة في القرن الحادي والعشرين" (1996)، و"أسلحة القرن الحادي والعشرين" (1996)، "فلسطين" (1981)، و"السمات السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية" (1983). صدر له اثنا عشر كتاباً بعد نشر هذا التعريف ، ومجموع ما تم نشره 24 كتابا وأكثر من 1300 دراسة وبحث ومقالة . استقال من عمله سفيرا امطلع العام 1989 اعتراضا على نهج التسوية مع العدو ، كما سحب ترشيحه للجنة المركزية لحركة فتح في مؤتمرها العام الخامس في نفس العام لنفس السبب ، وتفرغ للدعوة إلى تيار يوحد ما بين الديني والقومي والوطني و يتشبث بتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *