إسرائيل تهاجم سورية بحجة مواجهة إيران
إسرائيل تريد حربها الخاصة في سورية
بقلم: ميكو بيليد
ترجمة: وصال صالح
يصعب علي التصديق، أنه في لحظة كتابتي لهذه الكلمات، وبينما أنا في المطار على وشك المضي في رحلة سينتهي بها المطاف في مدينة مشهد الإيرانية، تأتي تصريحات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن عشرين صاروخاً أطلقتها كتائب القدس الإيرانية المتمركزة في سورية قد تم اعتراضها من قبل “القبة الحديدية” الإسرائيلية. كما يزعم جيش الدفاع الإسرائيلي، فإن هذه الصواريخ كانت تستهدف مواقع جيش الدفاع الإسرائيلي في مرتفعات الجولان وأطلقت صفارات الإنذار لتنبيه الناس الذين يعيشون هناك للذهاب إلى الملاجئ. يبدو أن إسرائيل حصلت مرة أخرى على ما تريد: حربها الخاصة في سورية.
الصدمة التي انتشرت في جيع أنحاء العالم عندما وقف الرئيس الأميركي وأعلن أنه سيضطر إلى سحب الولايات المتحدة من خطة العمل المشتركة الشاملة المعروفة باسم الاتفاق النووي الإيراني، وتعززت هذه الصدمة من خلال حقيقة أنه عبر اتخاذه لهذا القرار اختار تجاهل إرادة المجتمع الدولي، والمعلومات المقدمة من قبل الوكالات الدولية والخبراء والاعتماد فقط على كلمة رجل واحد، بنيامين نتنياهو قد يكون إعلان ترامب قد كتبه نتنياهو نفسه. على الرغم من أنه تم إملاءه من قبل مستشار الأمن القومي لترامب، جون بولتون. ويعد هذا القرار حلقة أخرى من سلسلسة القرارات المتهورة غير المتبصرة التي اتخذها ترامب. وكان هذا أيضاً بمثابة تفضيل شخصي سياسي آخر من ترامب لنتنياهو وضوء أخضر لإسرائيل لمهاجمة سورية.
في أيلول من عام 2017 نشرت مقالة بقلم عاموس هرئيل في هاآرتس بعنوان “التهديد الإيراني غير مواقعه” زعم هرئيل في مقالته أن إسرائيل ستجد نفسها في المستقبل في مواجهة “محتومة” مع إيران. على الرغم من أن إسرائيل ما زالت تعتقد أن زعيم حزب الله حسن نصر الله هو العدو، وكتب هرئيل أن العدو الحقيقي هو الجنرال قاسم سليماني –قائد قوة القدس الإيرانية- وهي شعبة مسؤولة في المقام الأول عن العمليات العسكرية والعمليات السرية خارج الحدود الإقليمية، بعبارة أخرى الحرب مع إيران أمر لا مفر منه.
لقد مرت الآن أشهر عدة على ضرب الصحافة العبرية التي تصدر من تل أبيب لطبول الحرب، مقال آخر نشر في تشرين الثاني 2017 في موقع يديعوت أحرونت بقلم رون بن يشاي، وهو خبير عسكري إسرائيلي بارز، يصف سيناريو يتم بموجبه تمركز القوات الإيرانية في سورية كما حزب الله المتمركز في لبنان. وهكذا ستواجه إسرائيل تهديداً إيرانياً على جبهتين، سورية ولبنان، وستجبر على مهاجمة وتدمير كليهما. مما لا شك فيه أن الوجود الإيراني على الأراضي السورية واللبنانية سيشكل تهديداً استراتيجياً لإسرائيل وسيرغم إسرائيل على بدء حرب، ويُذكر بن يشاي القراء أن إسرائيل دائماً تفعل حسناً بتهديداتها وتبعا لذلك فإن الروس والإيرانيين سيفعلون حسناً في حساب تحركاتهم في سورية.
مقالة افتتاحية في هاآرتس تزعم أن التهديد الحقيقي من إيران سيكون من خلال شن القوات الإيرانية في سورية هجوماً باستخدام الأسلحة التقليدية. يجب على إسرائيل الدخول في حرب شاملة ضد إيران من أجل إحباط محاولاتها لترسيخ نفسها عسكرياً في سورية وتشكل تهديداً استراتيجياً لإسرائيل. في آذار 2018 نشر رون بن يشاي مقالاً في موقع يديعوت أحرونوت بعنوان : “خطر يلوح في الشمال، على نتنياهو أن يضغط على ترامب” إن الواقع الجديد في سورية يتطلب تفكيراً استراتيجياً وتكتيكياً جديداً، من أجل تحديد كيفية منع سورية من أن تصبح فضاءً إيرانياً”.
في 5 أيار 2018 نشرموقع يديعوت أحرونوت تقريراً بعنوان “توترات في الشمال، إسرائيل هاجمت صواريخ إيرانية تم إعدادها للإطلاق” وتابع التقرير أن الجيش الإسرائيلي رصد “حركة إيرانية غير تقليدية” وأصدر تعليمات للمستوطنين الإسرائيليين، الذين يعيشون في مرتفعات الجولان المحتلة لتحضير الملاجئ. كما ادعت قوات الدفاع الإسرائيلية أن دوي انفجارات سمعت جنوب دمشق. ومضت بالقول إن المرء قد يستنتج أن القوات الإيرانية تقوم بمحاولات لإطلاق الصواريخ باتجاه الأهداف الإسرائيلية.
وتفيد تقارير القناة العاشرة الإسرائيلية بأن إسرائيل تتوقع الانتقام لمقتل عسكريين إيرانيين خلال الهجوم الإسرائيلي على قاعدة تي فور في سورية في وقت سابق من هذا الشهر. وبحسب المصادر التي ذكرتها القناة العاشرة فقد قتل 14 شخصاً في هذا الهجوم من بينهم إيرانيون. وتزعم إسرائيل أن القاعدة كانت تشغل طائرات بدون طيار “درونز” وتسيطر عليها إيران.
يشار إلى أن المطلب المشترك من قبل طيف واسع من المنافذ الإخبارية الإسرائيلية هو الدعوة لحرب في سورية من
المفترض أن تحبط التهديد الإيراني.
خلال مقابلة كريس كومو على شبكة ال سي إن إن، سأل نتنياهو عما إذا كان سيؤكد أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية. هو لم يؤكد ولم ينكر وجود أسلحة نووية في الترسانات الإسرائيلية لكنه تابع القول أن إيران كذبت وأنها تهدد بإبادة دولة إسرائيل. للحظة سندع جانباً عبثية وسحافة نتنياهو التي تدعو الآخرين بالكذب بينما حملته ضد إيران بأكملها كذبة. بدلاً من ذلك سنركز على مزاعم خشية إسرائيل من تهديد إيران لها بالإبادة. إيران لم تهاجم أحداً حتى الآن لكن إسرائيل لم تهدد بل هي مارست إبادة في بلد آخر، فلسطين، وهي في خضم حملة للقضاء على الثقافة والتاريخ ووجود الشعب الفلسطيني ذاته. إسرائيل انخرطت في الإبادة الفعلية، وليس التهديد، وإنما الإبادة العرقية والتطهير العرقي، لكنها تنشر شائعات عن تعرضها نفسها للتهديد من إيران.
ليس من الواضح كيف ستتطور الأمور. لكنني آمل بأن زيارة لإيران ستساعد على تبديد الأساطير المحيطة بها وستسمح لي بالإدلاء بشهادتي رداً على سخافة الإدعاءات الإسرائيلية والأميركية بأن ثمانية ملايين شخصاً من إيران يستحقون العقاب، بينما يُسمح لإسرائيل بالفرار، ليس فقط من القتل، ولكن إبادة شعب بأكمله.
*ميكو بيليد: كاتب وناشط في مجال حقوق الإنسان، وهو متحدث دولي ومؤلف كتاب “ابن الجنرال، رحلة إسرائيلي في فلسطين”.
الجمل