وعودٌ وعهودٌ وأمالٌ مؤجلة !!
قال لها:
صحيح أنني كنت ولم أزل من المعجبين بإبداعات الشاعر الكبير نزار قباني النثرية والشعرية وحتى بسلوكه الدبلوماسي الذي لم يعرف المجاملة والمحاباة، إلا أنني لا أدري لِمَّ خطرَ ببالي هذه المرة أن أستهلَ مخاطبتكِ بقصيدته “رسالة حب صغيرة” قبل أن أنتقلَ إلى بيت قصيد رسالتي الخاص بما كنت قد حدثتك عنه إبان سهرتنا في ليلة رأس السنة الميلادية الأخيرة من وعودٍ وعهودٍ وآمالٍ تخصُ العامَ الجديدَ ومستقبلنا. ربما لأن هذه القصيدة برغم صغرها حملت في طياتها حباً كبيراً وصادقاً واختزنت مضموناً رومنسياً رائعاً واتسمت بجمالية خاصة، إلى جانب أن أقل ما يمكن أن يُقال في حروفها ومفرداتها البسيطة أنها واضحة المعالم والمعاني، وأنها دررٌ وداناتٌ حقيقيةٌ تُحاكي مشاعر وأحاسيس العشاق والمُحبين وتراقص قلوبهم وتعزف على شغافها لحونَ وأناشيدَ الوجد!!
“حبيبتي، لدي شيء كثير أقوله
لدي شيء كثير
من أين ؟ يا غاليتي أبتدي
وكل ما فيك
أمير .. أمير
يا أنت يا جاعلة أحرفي
مما بها شرانقاً للحرير
هذي أغاني وهذا أنا
يضمنا هذا الكتاب الصغير
غداً .. اذا قلبت أوراقه
واشتاق مصباح وغنى سرير
واخضوضرت من شوقها، أحرف
وأوشكت فواصل أن تطير
فلا تقولي : يا لهذا الفتى
أخبر عني المنحنى والغدير ..
واللوز والتوليب حتى أنا
تسير بي الدنيا إذا ما أسير
وقال ما قال فلا نجمة
إلا عليها من عبيري عبير
غداً يراني الناس في شعره
فماً نبيذياً وشعراً قصير
دعي حكاية الناس .. لن تصبحي كبيرة
إلا بحبي الكبير
ماذا تصير الأرض لو لم نكن
لو لم تكن عيناك
ماذا تصير ؟”
حبيبتي،
بعد السلام والتحيات وفيض التمنيات لك بالصحة والسعادة والهناء، أرغب في طرح استفسارٌ يستدعي التصريح والتوضيح ليطمئن قلبي ويسعد بكِ ويستريح، وليطمئنَ قلبُكِ ويسعدَ بي ويستريح.
مضت أيامٌ وأسابيع دون أن أسمعَ منك رأياً أو تعليقاً أو لوماً حولَ وعود وعهودٍ قطعتها لك وآمالٍ كنت قد تمنيتها لكلينا، وهمستُ بها في أُذنكِ في أثناء حديثنا الحالِمِ ليلة رأس السنةِ الميلادية الأخيرة.
لم أسمع منكِ، لا مباشرةً ولا مواربةْ!!
تُرى ما الخبرْ؟
وهل يا تُرى قد حان الوقتُ الآن لتقولي ما يجب قوله في هذا الخصوص؟
أجابتهُ قائلةً:
حين حدثتني في تلك الليلة التي عادةً ما تكونُ غير كل أخواتها من الليالي، عن وعود وعهود وآمال مؤجلة كان يُفترض أن تكون واضحة المعالم ومحددة التوقيت والتنفيذِ، تألمتُ وحزنتُ وانتابتني حالةٌ من الغضب والشكِ والريبة.
حين حدثتني في تلك الليلة المعهودة بطريقة مغايرة لما ألِفناهُ وألِفَهُ العشاقُ والمحبون الذين عادةً ما يستبشرون بالسنة الجديدة ويرجون أن تكون سنة خير وتفاؤل تتحقق خلالها أمنياتُهم وأحلامُهم ويأملون بأن تكون أفضل من السنة التي سبقتها، بحثت من فرط حيرتي وارتباكي وثقل هواجسي ومخاوفي والرعب الذي أصابني والقلق الذي تملكني عن ملجأ هادئ أو مكان آمن أهرعُ إليه لأختلي بنفسي وأكون وحيدة لِيُقَدَرَ لي مراجعة تفاصيل شريط تلك الليلة الليلاء بتأنٍ وهدوء وصفاء ذهن!!
فقد فاجأني حديثك الذي داهمني على حين غرة وجاء بلا مقدمات تمهيدية وافتقر لأبسط مظاهر الكياسة والرقة واللطف وافتقد أبسط مشاعر المودة والعطف والحنان.
نعم ليلتها بحثت عن ملجأ هادئ أو مكان آمن أهرعُ إليه لألجم مشاعري وأستخلصُ العبرة من مغزى ذلك الحديث في تلك الليلة.
وقتها تاهت مراكبي في آهاتٍ شريدَه
واشتد سواد ليلي وبِتُ بمنأى عن أي رجاءٍ بأحلامٍ سعيدَة
أو تفاؤلٍ بلحونِ وجدٍ أشتافُ نشيدَه
أو أملٍ بأيامٍ جديدةٍ وأغاريدَ وليدَه
حتى لو كانت بعيدَةً بعيدَةً بعيدَه!!
أعذرني وسامحني حبيبي لأني على غير عادتي لم أعبر لك هذه المرة عن لواعج قلبي ومقدار حبي واشتياقي لك ولم أسألك عن أحوالك وآخر نشاطاتك الإبداعية على صعيدي النثر والشعر والفكر في معرض ردي على سلامك وتحياتك وإبدائك فيض التمنيات لي بالصحة والسعادة والهناء.
لكن لا بأس يا حبيبي إن جاءت كل هذه المجاملات كما الوعودِ والعهودِ والآمالِ هي الأخرى مؤجلة ومغايرة لِمّا ألفناه سابقاً ولِما ألِفَهُ العشاقُ والمُحبون، كما أسلفت الذكر!!
مساؤكَ باقاتُ وردٍ جوريٍ وحفناتُ فلٍ وياسمينَ وأكثر،
ودُمْ بخيرٍ يا وجهَ الخير.