حرروا العقل الخداج !
د. عادل سماره
أن تبحث الناس عن معبود في السماء، فذلك أمر طبيعي امتد من الإنسان الأول عبر جلجامش وحتى كبار الفلاسفة وصولاً إلى اليوم. ولا أعتقد أن هذه تشكل معضلة أو مثلبة للإنسان لأنه يبحث عن الخلود والذي لم يتحقق منه سوى رفع متوسط العمر. كانت الأهرام أقرب محاولة للخلود على شكل تاريخ للراحلين، لكنهم راحلون.
قد يصح تقسيم العقل البشري إلى ثلاثة فئات:
• العقل الثوري العلمي المشتبك الذي يبحث عن تغيير العالم من أجل البشرية
• والعقل الإيماني العادي أو الطبيعي الذي يبحث عن حياة فردية سعيدة ورحمة من الله، وهذا أقرب للاستكانة.
• والعقل الخداج الذي يقع في منطقة وسطى بين الإثنين يزعم المعرفة ويروج لمعبود من.
العقل الأول عملي وجماعي يشتغل على الأرض ويترك الغيب للغيب وقد لا يناقشه قط لأنه يعرف أن ما يمكنه عمله هو المساهمة في حياة أفضل للناس.
والعقل الثاني ينشغل في كل من الحياة الخاصة والعبادة، وهذا أمر طبيعي.
لكن العقل الثالث هو عقل متعِب ومُتعبٌ. هو عقل يخلق آلهة في الأرض إلى جانب إله السماء فيغدو مشركا موزَّعاً وداعية خطيرة. هو عقل يحاول تنزيل الله إلى الأرض أو رفع رموز معينة من الأرض إلى السماء.
وهؤلاء على العموم فئتين :
• فئة مثقفي السلاطين، بمختلف انواع السلاطين حيث يكون همهم بل دورهم إعلاء ملك او امير او رئيس او شيخ إلى مرتبة المعبودية.
• وفئة اشباه مثقفي السلاطين، وهؤلاء يعيشون على فتاة الفئة الأولى مما يجعلهم في حالة رجراجة جدا يوم معك ويوم عليك. يرتعبون من نقد معبودهم
استطاعت السياسة والإعلام والأكاديميا والإيديولوجيا الرأسمالية الغربية المتوحشة تصنيع ستالين ك “معبود” للشيوعية عموما والسوفييتية خاصة. لم يكن ذلك سوى تصنيع من المخيال المريض والخبيث للغرب الرأسمالي. لكن ستالين كان قيمة ما. تكفي شهادة الضارية الراسمالي ونستون تشرشل فيه: “هو الرجل الذي نقل الاتحاد السوفييتي من المحراث الخشبي إلى التكنولوجيا النووية”.
فأية آلهة يعبدها العقل الخداج وهو بعشرات الملايين في الوطن العربي؟ حاكم تابع هنا، وشيخ هناك، ومحطة فضائية ، ولاعب كرة قدم، ومقاول لم يكن إلا لصاً، ومحلل يستقي معلوماته من عدة مخابرات…الخ.
وسيبقى العقل العلمي المشتبك شقياً، ما لم يحرر العقل الخداج كعثرة في طريق تحرير الوطن والمجتمع.