النصر النهائي يطرق ابواب الغوطة
الدكتور خيام الزعبي
أعلن الجيش السوري نتائج عملياته العسكرية في غوطة دمشق الشرقية وقائمة البلدات المحررة هناك، مؤكداً استعادة أكثر من 70 % من أراضي الغوطة التي كانت خاضعة للمسلحين، وما تبق مجرد جيوب، وهي بحكم الساقطة عسكرياً، ويمكن معالجتها إما عسكرياً أو سياسياً، وحتى لحظات كتابة هذا المقال تنهال صفعات الانكسار والهزائم على وجوه المسلحين وحلفائهم، وهنا فإن المؤشرات تؤكد أن تنظيم “جبهة النصرة” وأخواته على عتبة النهايات خاصة بعد صمود الجيش السوري في مواجهة عدوان كان ولا زال من أعقد و أشرس حروب التاريخ الذي استهدف الوطن والمواطن السوري.
في إطار ذلك لا نقف اليوم لنحصي جوانب النصر، بل سنتركه للمحللين العسكريين والاستراتيجيين لكننا سنقف عند المعنى الأبرز للنصر، وهو صورة التكاتف السوري هذا هو إنجازنا الأعظم الذي سيصبح الخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه بأي شكل من الاشكال، وبطبيعة الأمر، تمكن الجيش السوري من تحقيق تقدم واختراق على محاور الغوطة الشرقية وسيطر على مساحات ومواقع جديدة كانت تحت سيطرة المسلحين، وهناك انهيارات وفرار بشكل جماعي لإرهابيو “النصرة” بالتزامن مع تقدم الجيش السوري على الأرض وتقسيمه الغوطة لثلاث مناطق عسكرية: دوما شمالا وحرستا في الوسط وحمورية جنوبا ، كما تقدم انطلاقاً من مواقعه في بلدة جسرين باتجاه بلدة كفربطنا بعد مواجهات مع المجموعات المسلحة المنتشرة هناك، ونجد هنا إن كل هذه الانتصارات للجيش السوري يضّيق الخناق على مسلحي دوما ويكسر دفاعات المسلحين الأمامية ، ويغلق الباب كلياً في وجه الجماعات المسلحة بإيجاد أي ثغرة تمكنها من التنفيس على حلفائها في الجبهة والذين هم على وشك لفظ أنفاسهم الأخيرة.
في حال حسم الجيش السوري معركته سيشكل ذلك انتكاسة كبيرة للجماعات المسلحة وحلفائها سواء على الصعيد العسكري أو الإستراتيجي أو المعنوي، كما ستسقط ورقة الضغط التي كانت بيد أمريكا وحلفائها تجاه سورية، وستمكن سورية بأن تكون بوضع أفضل من أي وقت آخر فيما يتعلق بأي عملية تفاوض سياسي مستقبلاً ، كما تعطيها قوة عسكرية كبيرة ، فالقوات المحتشدة منذ سنوات لحماية العاصمة من أي هجوم مباغت من الخاصرة الشرقية ، ستسلك طريقها إلى الجبهات المتبقية وهذا سيسرع من حسم تلك الجبهات، لأن الجيش السوري استطاع وحلفاءه أن يحرزوا النصر في معارك مشابهة ولا تقل صعوبة عنها مثل دير الزور والشرق السوري وحلب و…
بذلك بدأت نهاية تنظيم جبهة النصرة ودقت ساعة الهروب لآلاف الإرهابيين باحثين عن فرصة للعودة الى بلدانهم بعد التقدم والنصر الكبير الذي حققه الجيش السوري في جبهات القتال المختلفة وخاصة في ريف دمشق ، وبخسارة التنظيم لهذه المناطق، يكون قد تلقى هزيمة كبيرة تجعل الجيش السوري أكثر شجاعة وقوة، فزوال هذا التنظيم حتمية لأنه يحمل في طياته كل أسباب إنهياره، ويبدو جلياً أن سورية قد عقدت العزم على تأكيد سطوة الدولة وقدرتها على فرض الأمن وحصار جماعات العنف في الغوطة لتحرير مناطق كانت في يوم ما تعتبر من المعاقل الصعبة والمهمة للمسلحين والتي لا يمكن حتى التفكير بالإقتراب منها، ليتمكن الجيش السوري من قلب موازين المعادلة ويبدأ بالزحف والتحرك المعاكس لتسقط معاقل وحصون هذه الجماعات في معظم المناطق السورية.
مجملاً….أن معركة الغوطة قد أوشكت بالفعل على الحسم لصالح الجيش السوري وباتت تقترب من فرصتها التاريخية وصولاً إلى احراز النصر المأمول الذي ظلت تحلم به طويلاً وبدأت تباشيره تلوح في الأفق من خلال الانتصارات المتتالية في جبهات النار المشتعلة ومطاردة فلول التنظيم وأدواته. وبإختصار شديد إن المعركة التي يقودها الجيش السوري هي معركة حاسمة ومهمة، في وقت وضع لها خطة عسكرية علمية ويديرها القادة من غرفة عمليات خاصة، ما يؤشر إلى مرحلة مفصلية سوف يشهدها الميدان السوري هذه الأيام. وهنا نقول بالفم الملآن لا يمكن إركاع وخنوع سورية من خلال تحالفات مميتة بين دول ورؤساء لا يربط بينهم سوى الحقد على سورية ومواقفها وإنجازاتها لإنهاء دورها في المنطقة.