برنامج مقتدى الاصلاحي ( لو العب لو اخرب الملعب )
د. موسى الحسيني
منذ حوالي اكثر من شهر كنت اتابع و اراجع حوالي 15 مقطع فيديو لمقتدى الصدر ، اولا لفهم هذه الشخصية ثم تحولت هذه الرغبة الى الاستئناس بحثا عن الضحك لسذاجة ما يطرحه بنفس الطريقة التي ابحث فيها عن افلام اسماعيل ياسين ..
ورغم ان الرجل يعترف بانه مشروعه هذا كُتب له ، الا اني متاكد من انه هو نفسه انفعل مع بعض المصطلحات دون ان يفقه معناها ، من اين ياتي العلم لمن لايمتلك شهادة الدراسة الابتدائية .. ثم انه يطرح نفسه هنا كدكتاتور جديد ، يهدد ويوعد مؤسسات الدولة بنفس اللغة الطفولية المراهقة ، بالانسحاب من العملية السياسية اذا لم يؤخذ برايه هو وحده لا راي بعده ، ( ولو انه سبق ان استخدم هذا التهديد مرات عديدة ، ثم يتراجع عنه ، بشكل انفعالي ، كما هو عندما يترك الصلاة او يقطع خطابه بشتم اتباعه واتهامه بانهم جهلة لانهم لم يرفعوا اصواتهم ليكرروا شعار طرحه او لاسباب اخرى تافهة ).
الملاحظات العامة السريعة ، والا فالبرنامج يحتاج لوقفة اطول .:
1 : المهم جداً ما دخل المرجعية بالشأن السياسي ، ليؤكد ان برنامجه يمثل راي المرجعية . العراق دولة متعددة الاديان والطوائف ، وتدخل مرجعية طائفة ما يعني عزل ما يقارب نصف الشعب من طوائف واديان اخرى .المعروف ان المرجعية تعني القدرة على استنباط الحكم الشرعي من الكتاب والسنة وسيرة ائمة الشيعة . ولم نقرأ لها او نسمع ما يثبت انها تمتلك فهماً مميز للسياسة او فقهها . ثم ما الذي قدمته المرجعية للشعب غير جمع اموال فقراء الشيعة وتهريبها الى الخارج ، ان بيت زوج ابنة المرجع وحده كلف فقراء الشيعة وقت شراؤه ما يعادل 6 مليون دولار تضاعف الان مع تصاعد اسعار العقارات. ما يكفي لبناء مئات المدارس المبنية من الطين وقصب البردي في محافظات الجنوب الشيعي التي تفتقد للخدمات والمرافق الصحية . او من يدعي مقتدى انه يمثلهم من الفقراء والمظلومين .لم نسمع يوما ان المرجعية بنت مستشفى او مدرسة او دار ايتام على الاقل من حصتها من اموال النفط التي تنهبها من اموال فقراء العراق .
ثم مالذي قدمته المرجعية وهي ترى ان قوات الاحتلال الاميركي تعيث فسادا في العراق استفز حتى الراي العام الاميركي ولم يستفز المرجع او يحركه .
لقد خانت المرجعية الحالية طيلة ظهورها ( ايام النظام الدكتاتوري ، ما لحقه من احتلال ) فقه ال البيت ، وحذفت من اصول الفقه الشيعي ركن من اركان الاسلام ، الجهاد الدفاعي على الاقل .ما يسقط عنها الاحقية في قدرتها على استنباط الحكم الشرعي من القران والسنة وسيرة ائمة الشيعة .
عموماً يُفهم بعملية حشر المرجعية هنا ترسيخ لحكومات المحاصصة الطائفية التي فرضها المحتل على العراق للامعان في تمزيق الشعب وجره لتناحرات ونزاعات طائفية .
2 : يطرح مقتدى في القضية الامنية مشروع حل كتائب الحشد الشعبي وادماجها بالقوات المسلحة ، ولم يتطرق لمليشاته الخاصة المعروفة بكتائب السلام ، التي كما يظهر من استعراضاتها انها تمتلك اسلحة من مختلف الصنوف (خفيفة ومتوسطة وحتى ثقيلة ) تسليح جيش صغير نظامي كامل .
ما يعني انه يريد ببرنامجه الاصلاحي هذا ان ينفرد في الحق بامتلاك قوات ميليشيا غير نظامية او تابعة للدولة.هذا ما يفسر تهديداته للمؤسسات الرسمية الحكومية بطريقة ( لو العب لو اخرب الملعب ) .
3 : يقول مقتدى بضرورة الخصخصة ، ولايدري الانسان هل فعلا يفهم او يعرف مقتدى معنى الخصخصة ، يعني بيع او تسليم مؤسسات الخدمات الخاصة للراسمالية .
والراسمال عادة يضع الاولوية في اهدافه للربح والكسب السريع . يعرف او يفترض ان هذا المتخلف يعرف ان الراسمالية العراقية في مرحلة ما بعد الاحتلال لم تجمع اموالها بفعل عملية العمل ، بل بالتحايل والنصب ، وسرقة الاموال العامة . اي انها تمثل تكتلات من النصابين والمحتالين الذي يعوزعهم اي مستوى بالشعور بالمسؤولية او الولاء الوطني بتقديم اسؤا الخدمات باعلى الاسعار .وغالبيتهم يتفنن الان في تهريب امواله للخارج تحسبا ليوم مسائلة حقيقية يمكن ان يتعرض لها ، خاصة وان القسم الكبير منهم هم من مزدوجي الجنسية . كل ذلك سيكون على حساب الفقراء والمظلومين الذي يدعي مقتدى انه يمثلهم .
اذا كان مقتدى قد سمع بالخصخصة في بلدان الغرب الراسمالي ، الذي نمت الراسمالية فيها من خلال عملية العمل ومشاركتها الفعالة بالارتقاء بالاقتصاد الوطني وتطوير بلدانها وتطوير بناه التحتية ، اي انها راسمال وطني منضبط بالشعور بالمسؤولية الوطنية .
ان الخصصة في البلدان النامية مشروع غربي يشترطه البنك الدولي لتخريب اقتصاديات الدول النامية وارهاقها بالديون ومنعها من تحقيق تنمية مستقلة حقيقية . ان دعوة مقتدى للخصخصة تكشف مدى خضوعه لسياسات الغرب التخريبية .وتمثل نموذجا جديدا من سلوكيات خروج مقتدى على توجهات ابيه الوطنية الذي كان يردد في كل صلاة ( كلا – كلا – اميركا ) ، بينما يقدم مقتدى كل مقدرات الشعب العراقي لاميركا والغرب .
4 : يقول مشروع مقتدى بضرورة اخضاع تعينات رئاسة الاركان وقادة الفرق لموافقة مجلس النواب . شئ مضحك يثير البكاء ، فالمعروف ان اغلبية النواب هم اما من الجنود الفارين او المتخلفين عن اداء الخدمة العسكرية ( خاصة نواب مقتدى نفسه ) .فمن اين لهكذا مجموعات من الجنود الفارين ان يعرفوا او يستطيعوا تقيم القيادات العسرية ، ليقرروا من يصلح او لايصلح .
5 : الملاحظ في برنامج مقتدى يفتقد اي اشارة لموضوعة حرية الرأي ، فهو يطرح تخريصاته على انها تمثل الحقيقة المطلقة التي لاتحتمل نقاش او مسائلة . هو وحده يختزل عقل وراي اكثر من 25 مليون عراقي .يهدد من لاياخذ برايه بالتهمة بالخيانة الوطنية . السؤال ما الفرق بين هذه التوجهات وتوجهات صدام حسين ، سوى ان صدام لم يكن يلبس عمامة .
6 : ماذا عن الدستور الذي وضعه الاميركي – الاسرائيلي الزدوج الجنسية ، الا يستحق وقفة ولو قصيرة او اشارة ولو بسيطة ممن يدعي انه يعارض الاحتلال . اليس الدستور يعني ترسيخ لاهداف الاحتلال .تيار يدعي انه من اتباع رجل دين مسلم على فقه ال البيت يستظل بدستور من وضع اعداء العروبة والاسلام ، لعل مقتدى يريد بذلك ترجمة صرخات الشهيد اباه ( كلا – كلا – اميركا )
7: مسكين هذا الامام الحسين الذي ضحى بنفسه و70 من اهله واصحابه ليغدو غطاء وحجة للمتخلفين والنصابين والمحتالين ، الذين لايتذكرونه الا عند الحاجة ليخدعوا باسمه ملايين من فقراء الشيعة ، يمثل هذا التافه نفسه بالامام الحسين فيختتم مشرعه التخريبي بقول الامام الحسين ” لم اخرج اشراً ولا بطرا ، انما خرجت لاصلاح دين جدي ” وكل من يخالف راي مقتدى فهو يمثل توجهات يزيد وبطره واستهتاره . اضافة لما يعنيه هذا القول من تهديد مبطن بالخروج على السلطة الرسمية وكتائب السلام ( ميليشيا مقتدى ) جاهزة ، لمن لايسمح له باللعب بالعراق ومستقبله ، سيدمر العراق ويخربه ( لو الب لو اخرب الملعب ) .