عن بروتوكولات حكماء 1967 والمشهد الراهن
نواف الزرو
تنطوي الوثائق الصهيونية التي يكشف النقاب عنها بين آونة واخرى على اهمية استراتيجية دائما، اذ تكشف النقاب عن أسرار ومعلومات او قرارات او افكار او مشاريع تتعلق بالصراع ومخططات الاحتلال تجاه القضية والضفة والقدس، وفي هذا السياق كان الكاتب الإسرائيلي روبيك روزنتا قد استحضر في معاريف جانبا من بروتوكولات مداولات الحكومة الاسرائيلية بعد حرب حزيران/67 إزاء مستقبل منا احتل من الأراضي العربية.
يقول الكاتب:”يجدر بالذكر أن الحديث لا يدور عن حكومة يمينية بمقاييس اليوم، فكل الاعضاء فيها، باستثناء مناحيم بيغن، هم ممن يسمون اليوم “يساريين”، ولكن روح النقاش كان يقودها اثنان، لم يكونا منسجمين على نحو ظاهر، يغئال الون وموشيه ديان، أميري البلماخ، وكانت الروح واحدة: كل ما احتل في الحرب هو من الان فصاعدا لنا، سواء لأغراض الاستيطان ام لاغراض الامن، صحراء سيناء، او على الاقل القسم الأكبر منها هي ذخر استراتيجي لا ينبغي التفكير باعادته، قطاع غزة سيكون جزء لا يتجزأ من دولة اسرائيل، وحسب ليفي اشكول فانه “لنا منذ عهد شمشون الجبار”، صحيح أننا لا نزال لا نستوطنه، ولكن حسب الون يمكن البدء بجيوب الاستيطان في الخليل وفي غوش عصيون”، اما مناحيم بيغن فقد عبر عن مواقف حركة حيروت التقليدية بشكل قاطع وواضح، ولكن لا يبدو أن احدا ما تجرأ على الجدال معه علنا. اعضاء الحكومة شعروا بعدم ارتياح من الاثر الدولي لروح المداولات، ولهذا فقد انشغلوا أيضا بصياغة القرارات التي تتلاءم مع مؤسسات الأمم المتحدة، والتي تتحدث عن انسحاب وحدود متفق عليها وآمنة للطرفين، وحسب البروتوكولات، كانت هذه قرارات لاغراض التسويق والدبلوماسية.
وما بين تلك البروتوكولات الموثقة منذ الاحتلال عام/67، واليوم، بعد نحو واحد وخمسين عاما منها، كيف كانت وكيف اصبحت خريطة الأراضي المحتلة…؟!
وكيف كانت وكيف اصبحت الخريطة السياسية الاسرائيلية …؟!
في الجوهر، الواضح ان الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة، اعتمدت ونفذت”كل ما احتل في الحرب هو من الان فصاعدا لنا، سواء لاغراض الاستيطان ام لاغراض الامن”، فالذي يجري في كل انحاء الضفة الغربية والجولان انما هو تكريس لهذه المقولة، بل وذهبت الأمور ابعد من ذلك في القدس والضفة، فهم يجمعون اليوم على “ان القدس مدينة الآباء والأجداد-وخاصة بعد اعتراف ترامب بها عاصمة ابدية لاسرائيل-“، وعلى ان “الضفة جزء لا يتجزأ من أرض اسرائيل”، وبالنسبة لغزة، فهي عمليا ما تزال تحت وطأة الاحتلال ، الذي حولها الى أكبر معسكر اعتقال جماعي على وجه الكرة الارضية، اما سيناء التي انسحبت منها “اسرائيل” بعد معاهدة كامب ديفيد، فقد طوقت بسلسلة من القيود التي تعني في الجوهر أن سيناء ما تزال محتلة، وإذ ليس هناك فيها سيادة مصرية على الاطلاق…!
وما بين بروتوكولات حكماء 67 واليوم، تبلور الوعي السياسي الاسرائيلي على”ان هناك اجماعا في اسرائيل على تخليد الاحتلال للضفة” كما اكد الكاتب والمحلل الاسرائيلي الوف بن في هآرتس ، مضيفا “قد أخذ يتبلور في اسرائيل اجماع على أن الانسحاب من الضفة الغربية لم يعد ممكنا، وقد يمكن إبعاد الفلسطينيين عن الأعين بجدار الفصل، لكن لا يمكن التحرر من السيطرة عليهم، وان الجميع يشتركون في هذا الاستنتاج، في جميع المعسكرات وفي جميع الأطراف السياسية، وان المشترك لهذه المواقف من اليسار واليمين هو أنها تُخلد الوضع القائم، مع عشرات المستوطنات، ومئات الحواجز وآلاف الجنود وراء الجدار”.
وليس ذلك فحسب، فنتنياهو يعلن كلما “دق الكوز بالجرة”: “لا بديل عن استمرار السيطرة الاسرائيلية على الضفة الغربية”، ونقلت اذاعة الجيش الاسرائيلي عن نتنياهو قوله: “لا أحد ولا حتى ابو مازن يستطيع القيام بعملنا، إذا ما خرج جيشنا من المنطقة فإن “حماس” وإيران ستدخلان إليها”.
بل ذهب نتنياهو ابعد وأوضح من ذلك، بان تحدى العالم العربي، قائلاً:” لن تستطيعوا هزيمتنا طالما بقينا فوق جبال الضفة الغربية، ونحن لا يجب علينا أن ننسحب من هضبة الجولان بل علينا البقاء فيها”، وتحدث نتنياهو عن قرار مجلس الأمن الداعي لانسحاب إسرائيل حتى حدود العام 1967م واصفا اياه بالخطير، وقال في تصريحات نقلها عنه موقع صحيفة “يديعوت أحرنوت” على الإنترنت:”إن القرار الداعي لانسحاب إسرائيل لحدود 1967 يعتبر مطلباً ظالماً وغير عادل، كما أنه يشكل خطراً على دولة إسرائيل ، لذا علينا رسم حدود مع الضفة الغربية قابلة للدفاع ، وأنا أريد التوصل لاتفاق مع الأردن ومصر حول هذا الأمر”.
وأوضح نتنياهو “أن الفلسطينيين لا زالوا يطالبون بحق العودة للاجئين” مشيراً “أن مهمتهم يجب أن تكون بإيصال الفلسطينيين إلى وضع لا يطالبون من خلاله بهذا الحق، وأيضاً على إسرائيل شطب موضوع حق العودة من جدول أعمالها وعدم الخوض به”.
وهكذا، هذا غيض من فيض هائل من الادبيات والمواقف الصهيونية التي تبين تلك المخططات والنوايا المبيتة للحروب والاحتلالات والهيمنة على فلسطين بكاملها تحت سطوة القوة والإرهاب…!