أوراق أدبية
المنهوب في تطوان ومنها الناهب
مصطفى منيغ
المغرب/
الأخطاء المُرْتَكبة من المُتعدّدة فيهم الاختصاصات كثيرة متفاوتة الخطورة بين المتوسطة والبسيطة والمُبَسّطَة والفريد زمانها على مُستوى البسيطة ، يعلمون فيجتهدون ورؤساؤهم على إبقاء الحقائق حولهم محيطة ، حتى لا ينكشف سرهم فتذوب مصالحهم داخل “تطوان” البقرة الحلوب النقطة الخضراء في خريطة ، حدودها من صنف خيالي لا يعرفها سوى المتبحرين في المهام اللامصنَّفة ذي المنافع المختلطة ، الموزعة حسب الظهور في القائمة المعلومة وفق اتفاقات ومقاييس مدققة مشروطة . لا يهم أصحابها القلائل أغلبية الشعب الساخطة، ولا مساءلة ذوي الحقوق ولا مؤسسات جعلها المُشَرِّع المغربي مكاناً لألسن ناطقة، بحصانة وبعدم التعرض لها مرتبطة ، إن دافعت بالكلمات الموزونة النائية عن ضرب كل طاولات القاعة بأكثر من مطرقة . لو كان هناك إنصاف لحظيت “تطوان” بتخطيط يجعل منها مركزاً سياحياً وثقافياً دولياً تتقاطر عليه المؤتمرات بمختلف الاهتمامات المبنية عليها كأهداف تخص مستقبل الإنسانية جمعاء حاملة لواء التضامن والتسامح والسلام ، وأيضا الندوات العلمية الصرفة الجامعة شمل علماء الجهات الأربع لتدارس نظريات قادرة على نقل حالة الدول والشعوب من واقع الألم ، إلى فرص التغذية الصحية والألبسة المريحة والتمتع بالاستحمام ، والمشاركة المباشرة في المشاريع المربحة مَنْ للاعتماد التدريجي للذات مانحة على الدوام ، وهنا يكمن الدليل أن البعض يكتفي بجعل المدينة مجرد محطة استجمام ، لمن يستطيع الدفع لفترة معينة وهكذا دواليك بلا أفق مستقبلي ولا تفكير في خلق مناصب شغل لمن وصل سن الإنتاج ولا هم يحزنون لتتحول “تطوان” مقرا لأنشطة “قطتي الصغيرة” بلا مضمون في العنوان ، ولا فائدة فيها وبخاصة على حاملي الشهادات العليا المقذوف بهم جوراً للتشرد مع سبق الإصرار والترصد من طرف مَن يغادر أبناؤهم مدارس وجامعات الوطن إلى مثيلاتها في كندا وأمريكا وفرنسا والمملكة المتحدة لمل ء وظائف سامية في شركات يملكونها مشيدة أصلا بعرق الشعب إن تم التدقيق في الحساب .
الملايين تُنَهب بطرق لها مَن يتدبر تقنياتها لتتبخَّر ، دون أن يذاع عنها خبر، فلا يحس لفقدانها من سَكَنَ المسكينة “تطوان” من عامة البشر ، تُصرف (لدى عينة الأخير قيمة) بعيدا عن الأنظار ، على إضافة مساحة مسبح ليتضمن جناح الصغار ، بأسلوب في التربية لا علاقة لها بحب المغرب ولا بسؤال لم يجد المغاربة منذ ما يقارب العقدين عنه أي جواب ” من أين لهم هذا ؟؟؟” والأغلبية الساحقة من المدافعين عن مكتسبات المغرب من أفقر الفقراء بلغة الصدق ومسؤولية التعبير عن عمق يقين .
… في جولة مُطولة داخل الصحراء انطلاقا من “الطاح ” لغاية الحدود مع موريتانيا العزيزة التي أكن لها دولة وأمة التقدير والإعجاب والاحترام ، تأثرتُ من مناظر وقفتُ مباشرة حيالها بل أخذتُ سلسلة من الدلائل المصورة ما يجعل كل وصف مستقبلي أقدمهُ قائم على أرضية الواقع بمصداقية تُرضِي الضمير واجتهاد الداعي للسلام ، منذ السبعينات وأذن المغاربة قاطبة لا تسمع إلا جملة يتردد عليها أينما كان المقام منزلا أو مقهى أو مدرسة أو حمام :
_ ضحوا بأرواحكم أيها المغاربة في سبيل حبة رمل واحدة.
… سمعنا مثل الكلام ، بعدد لا يُحصى من المرات صُبحاً ومساء وعند الغروب فحفظناه لتمتزج معانيه مع متطلعاتنا ما أبقتنا الأعوام ، إلى أن تشهد حياتنا الختام ، قادرين على تنفيذ المطلوب بما نستطيع وبما لا نستطيع وفاء لمضمون ما عهدناها مضافة لما نتمسك به من قيم .
… في جماعة حضرية شاطئية لا تبعد كثيرا عن مدينة “العيون” رأيتُ العجب شاخص أمامي في ركن من الميناء رست باخرة أجنبية لتتولى نقل الأطنان تلو الأطنان من الرمال الصحراوية ليس هناك عداد للتدقيق في حصر كم حبة رمل رُبينا على التضحية بأرواحنا من أجلها ، تباع من طرف أحد المحظوظين كأن المجهود المبذول منذ 1975 إلى الآن يصب كله في جيب من الجيوب . الخيط ممتد إلى “تطوان” مهما تغيرت الأتربة فالطين واحد ، منه خلق الله سبحانه وتعالى الحي القيوم ذو الجلال والإكرام الإنسان ليكون الفضل بين الأخير وشبيهه مشيد على التقوى وليس ما يبقى في الأرض بعد الرحيل من متاع يتبدَّد كالأوهام.