رحل أحمد سعيد بشرف
د. عادل سمارة
هو المقاتل الإعلامي المشتبك بجدارة. هو الذي خاطب الجماهير العربية جميعها واستمعت إليه أكثر من عبد الناصر نفسه حيث كان يملأ المساحة النهارية والمسائية لها. كان يتكامل مع الزعيم بأكثر من تكامل هيكل. كان يقدم للناس ما تريده الثورة سياسيا طعاما بسيطا كالفول والطعمية. بينما كانهيكل يخاطب المثقفين كان احمد سعيد يخاطب كل الناس. ذاب مثقفوا هيكل في النفط غرق معظمهم واحترق .وبعضهم لحق عصر الأنجزة ونال مالا، وبعضهم حتى ارتبط بدوائر مخابرات الأعداء على تعددهم فكان أن نمى الطابور السادس الثقافي. أحمد سعيد لم يفرِّط بالشارع، بل هي الهزيمة التي فعلت ذلك. في أيام حرب 1967، لم يكن المخدوع أو المأمور بأن يقول ما لم يحصل هو احمد سعيد وحده، بل كانت أيضاً الجيوش التي تخلت عنها قياداتها يوم الزحف! أو التي كانت قياداتها قد تم اختراقها باكراً. وحيث تم رد الاعتبار للجيش المصري في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر للجيشين المصري والسوري، لكن احمد سعيد كان الذبيح للتغطية على من كان يجب أن يُذبحوا، كان القربان.
والسؤال الآن: هل نحن بصدد نعي مرحلة؟ أم بناء مرحلة جديدة من جهة ومرتكزة على الأسس التاريخية للمرحلة المضروبة؟ وهذا الحديث ليس إلى العميان وليس إلى المأجورين وبالتأكيد ليس لإعلام النفط الذي ينبع من تل أبيب ولندن وبتريس وواشنطن وأنقرة، بل هو للجيل الجديد الذي ليس أمامه من خيار سوى أن يدرك أن هذه الأمو مستهدفة منذ بزوغ الراسمالية في الغرب والتي حاولت ولم تتوقف تكرار مشروع العدوان الإقطاعي ضد الأمو العربية.
في سياق كل هذا تظهر شخوص وتختفي شخوصا، ويبقى التحدي ووجوب الصمود. لا خيار غير هذا.
صحيح أن بغاث البشر يهزؤون من أحمد سعيد ومن عبد الناصر، وصحيح أنهم تمتعوا وسكروا بالخمر أو بالفتاوى إثر هزيمة مصر وهزيمة العراق واحتلاله، هم انفسهم لا شك، ولكن الأمم دائما تحتفظ بالشرف وليس بمستدخلي الهزيمة، وهذا أساس النهوض. .