استراحة كاتب سياسي .. وللحديث بقية!!
محمود كعوش
يومَ التقيتُها قرَرَتْ أنْ تَسْرُدَ ليَ الحكايةَ مِنَ البدايةِ للنهايةِ فقالتْ:
“حينَ التقيتُهُ بعد طول شوقٍ وعذابِ روحٍ وتَشَظِي قلبٍ كادَ أنْ يَنْفَطِرَ ويَقْتُلُهُ الانتظارُ، لَبسْتُ ثوبيَ البنفسجيَ وتَزينتُ له بأبهى الورودِ والزهورِ وتَطَيَبْتُ بأطيبِ العطورِ والروائحْ ..
ولَمْ تَهْدأ نفسي إلا بعدَ أنْ شَرِبْتُ مِن مُقلَتيهِ زَهْرَ اللَّوزْ ..
وَمِنْ أنْفاسِهِ الدافِئَه احتَرَقَتْ وجنتايَّ باللَّهيبْ ..
وَفَوقَ رُموشِ عَينيهِ أمْطَرَتْ أشلاءُ عِطري ..
بحضورهِ استعدتُ جميعَ اللغاتِ التي كنتً قدْ فَقَدتُ مَعَ بُعْدِهِ عني ..
وبَدَأتْ آلاتُ الأكورْديون وَالكْلارِينْيت وَالفلوتْ وَالجِيتارْ وَالساكْسفونْ وَالكَمانْ تَعْزِفُ لَحْنًا موسيقِيًا تَخرُجُ مِنهُ أنغامٌ وَايقاعاتٌ راقِصَةٌ، مُعَبِرَةٌ ومُؤَثِرَةْ ..
وَدَقّت الطُّبولُ ونَقَرَتْ الدُفوفْ ..
وَعَزَفَتْ المَزاميرُ وَالرَّباباتُ وَالناياتْ ..
وَقَبَلْتُهُ ألْفَ قُبْلَةٍ وقُبلَهْ ..
قَبَلْتُهُ حَتى سَكِرْتُ صمتًا وَحُبًا من ريقِهِ كَما سَكِرَتْ الأناقةُ وَالعُطورْ مِن رِضابِ ثَغرِهْ ..
قَبَلْتُهُ حتى تَجَمّدَ فَوقَ ثَغْرِهِ السُّكرُ وتَراخَت الأوصالُ وانطفأَ الظَّما ..
عندها تَعرَّقتْ زُهورُ العَطاسِ وَالزَّنبقِ الأبيَضْ وَشَقائِقُ النُعمانْ وَزُهورُ الأوركيد وَالقُرُنفُل وَالأُقـحُوان ..
وَازدادَتْ الجَواهِرُ وَالمُرجانُ وَالياقوتُ واللُؤلُؤ وَالعَقيقُ والفَيروزُ وَالذّهَبُ وَالفِضةُ وَالماسُ وَالزُمرُّدُ والزبرجَدُ توهُجاً وبريقاً ولَمَعانًا ..
ثمَ تَنَهَدَتْ وأضافتْ:
“ما أَجْمَلَ أنْ أَموتَ صَمتًا في بَحرِ عَينَيهِ وَهُوَ يُشرِقُ باهِتًا مُلتاعًا أَو أنْ أَكونَ شَهيدةً في مِحْرابِ هَواهْ ..
ما أجملَ ذلكَ قَبلَ أن يَفتَرِسَنا عَصرُ الجُنون ..
وَقَبلَ أن يُصارعَنا التَيارُ والأمواجُ الصّاخبه ..
وَقَبلَ أنْ تَتَغَيَّرَ آرائي وَتَتَبَلوَرَ وَيُقرَضَ الشِّعرْ وَيَتحوّلَ إلى جُثةٍ هامدةْ!!”
هنا عادت وَتَنَهَدَتْ تنهداتٍ مُتلاحِقَةً ومُتَواصِلةً ثم أردفت قائلة:
وللحديثِ بقيةٌ تأتي لاحقاً، إلى أنْ تَكْتَمِلَ الحكايةْ ..!!