الشيخ ماهر حمود ومحاكمتي واختراق المقاومة
د. عادل سمارة
ماذا وراء إندهاش العرب العروبيون وخاصة محور المقاومة خارج الأر ض المحتلة بكل من يلتقيهم من هذه الأرض! هذا لا يُعادل أبداً إندهاشنا بمن يدخل الأرض المحتلة كفدائي وكلا الدهشتين في تضاد تام.
زمن القديسين، وإن كان قد بقي بعضهم فليس جميع أهل الأرض المحتلة من بين القديسين.
وإذا كان الاحتفاء بمن يخرج إليكم/ن عاطفيُّ السبب، فأنتم في إشكالية تقود، بل قادت ولا تزال، إلى اختراق صفوفكم وخاصة صفوف المقاومة. وإذا كان سبب الاحتضان هو الشعور بعقدة الذنب عن التقصير في التحرير فالخطيئة أشد من فاجعة، لأن لوم الذات على التقصير يجب أن لا تُحوِّل أنفسكم إلى لوًّامة متفجعة لأن هذا يُهيِّىء مهدا خبيثا لجيوب العمالة ويكون ذلك على حساب المقاومة.
تعودتم في محور المقاومة أن تسمعوا من الفقَّاعات سواء فقاعة انغواء المقاومة أو نظام بهذا أو تلك، أو المنصب أو عضوية حزب، أو توصيات وكلاء هم أنفسهم في أقل ما يُقال ليسوا حريصين وطنياً.
شاهدت أمس حديثا لسماحة الشيخ ماهر حمود يلوم على الشيخين السلفيين السُنيَّيْن كمال خطيب ورائد صلاح هجومهما على إسماعيل هنية لأنه أقر بأن سليماني شهيداً. ويبدو أن الشيخ حمود لم تصله أنباء وصور سنوات من وقوف هذين مع الأمريكي والصهيوني والتركي والتروتسكي والإيغوري ضد سوريا، كما أن هنية نفسه فعل ذلك.
وقد يكون طبيعياً أن لا يدري الشيخ حمود بذلك، ذلك لأنه في كثير من الحالات “الرائد يكذب أهله- نقضاً لما قاله الرسول الكريم”.
لقد صدَقْنا أهلنا القول عن “المفكر العربي” عزمي بشارة منذ 1994، ولم تسمعنا لا دمشق ولا الضاحية الجنوبية، وتمكن هذا من تأسيس عرش ثقافي له بينما هو يسير على نغمات وإيقاع الثورة المضادة بأكملها إلى أن أطلق نار إرهاب الدين السياسي ضد الشام. وحتى اليوم لم يصحوا البعض. لكن بشارة لم يصمت، بل يشتغل بجيوش من المستكتبين الذين يندسون حتى في أوساط المقاومة والنقابات والاتحادات والجامعات والنسوة ايضا.
زارني صديق قبل بدء قضية محاكمتي ببضعة اشهر، أي في شتاء 2015 وأخبرني ان بشارة يجهز لي مشكلة كبيرة، وحصل فعلا. ومن الطرافة بمكان أن أحد مَواليه في بيت لحم كان يقول “عادل سمارة مثلي الأعلى” وما أن منحه بشارة بعض المال حتى كتب، خلال مجريات المحاكمة، أن عادل سمارة قبض من سوريا، وجاراه في ذلك عميل مخابرات من عائلة اللبدي في أبو ديس، لا يستحقان ذكر اسميهما ولا تشريفهما بالشكوى ضدهما.
العبرة هنا بأن من جرى اختراقه لا يعتدل.
أما والحديث عن الشهيد سليماني، هل يُعقل أن العين التي كانت تراقبه هي عين زرقاء من بروكلين!
ولكن محور المقاومة لم يغير كثيرا في نهجه في تقديس من يخرج من الأرض المحتلة. ويبدو أن محور المقاومة لم يتعلم الدرس، فهناك مندسين/ات من هنا فيهم وإليهم، وهناك من يُدير هؤلاء من لبنان نفسه، وربما أيضا لا يعرف الشيخ حمود ذلك.
ولكي لا أجانب الصواب، أعتقد أن بعض التقديس هو لتجنيد عملاء، قد يكونوا مزدوجين!
إثر اغتيال الشهيد سليماني، كتب لي صديق يقول: ” اليوم مساء” أي مساء الاغتيال “فإن قناة العالم الإيرانية في بيروت ستستضيف العميل د. يحيى غدار الساعة الثامنة مساء”.
ربما اعتقد الصديق أن هذا سوف يغير موقفي من التضامن مع إيران ضد امريكا! لا يا صديقي، في هذه المواقف الكبيرة لا نميل، ولكن لا ننسى العملاء. ليس من الصعب، ولكن ليس ممتعا، أن نتفهم مصلحة دولة ومقاومة في تجنيد عملاء، ولكن، هذا لا يعني أن العميل ليس قنبلة موقوتة. ولكنني كشخص أكره هذا التكتيك المخابراتي او الإيديولوجي، ربما لأنني عانيت من مخابرات عدة أنظمة وليس الكيان وحده.
وإذا كان حقاً القول بأن “ما بعد الاغتيال ليس كما قبله” فإن المطلوب من محور المقاومة الكثير وليس فقط عدم تقديس من لا زالوا يخترقونه أو يعملون مع مخروقين عرب من طراز د. يحي غدار (أمين عام ما يسمى:التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة) وهو التجمع الذي اصدر أخبث ورقة هي: “نداء وصرخة من الأعماق”تنادي بدولة مع المستوطنين.وعلى موقفي منها أحاكَم.
لا يليق بمحور المقاومة احتضان وتغذية الكيدية والطائفية. إن مرحلة جديدة تشترط تنظيفاً هائلا لاسطبلات الطائفية والمذهبية لأن من يقبل أن يكون أداة تغذية هذه المكاره لا يمكن إلا أن تكون له تغذية راجعة من الكيان أو المخابرات الأمريكية. فالمخابرات دائما تشمُّ رائحة أشباهها وتعرف أن من يبع أصله يكرر بيعه لسيده الجديد. وهنا تجدر الإشارة إلى مسألة محورية:
فإذا غيرت أطراف محور المقاومة من مثالبها، وذهبت باتجاه التصالح وترك مثالب الماضي، فإن من تجند عميلاً لن يتغير لأن الفساد والدس يجريان في دمه وسيبحث عن سيد عدو.
في سياق التجنيد الإيديولوجي والمخابراتي، خدمتني صديقة سابقة في كشف العميل يحيى غدار ومن معه أي في مسألة محكمتي. وهي تكتب باسم Ustada Hayat أو حياة او حياة ربيع، وهي فلسطينية اعلم اسمها الحقيقي.وكم قالت لي انها أهلكت نفسها لتعرف مكاني وتزورني في رام الله. لا بأس، ولكن حين عاتبتها على كتابة “المقبور” عن الشهيد صدام حسين، كشفت لي عن مستور هائل حيث تحولت إلى حالة حقد أعمى فكتبت عني ما يلي:
“Ustada Hayat
53 mins •
فلسطين… بين الشيعة والشيوعية
في نصرتها لفلسطين، تعطي قنوات شيعية قُح كالعالم والمنار منبراً حُرًا لأصوات فلسطينية شيوعية قُح للحديث عن التطبيع تضامناً مع فلسطين ، بينما أبت هذه الأصوات الشيوعية نفسها ان تذكر ولو بمجرد إشارة واحدة مظاهرات يوم القدس العالمي وخروج ملايين الملايين حول العالم نصرة وتضامن مع فلسطين خصوصًا التي جائت مباشرة بعد قرار ترمب المشؤوم !!!
وهذا الفرق بين من يضع فلسطين فوق الإختلافات وذاك الذي يضع أيديولوجيته فوق فلسطين…”
لا تعلم هذه السيدة بأن فلسطين ايضا لا تقبل أن يتحول المرء إلى عميل إيديولوجي سواء لطائفته أو عكسها. كما لا تعلم بأن أية فضائية لا تستضيف اي شخص إلا لأنها تريد استثماره، ولأنها تعلم أنها تكسب من وراء ذلك. ولا تعلم بأن هناك اشخاص لا يقبضون مقابل اللمعان على الشاشات، ولذا يتحدثون بما لا يُعيبهم فلا يتزلفوا، ولكن في المواقف الكبيرة لا يطعنون الحليف.
كتب لي صديق يساري ما أشعرني فالجأة: “لماذا تكتب عن حسن نصر الله السيد؟”
لم اتخيل أن يسألني هذا السؤال. قلت له الرجل هذا وصفه من أهله. ووصف سيد في الطائفة الشيعية لا يحمل معنى طائفيا، ليس تطييفاً. والرجل سيد كمقاوم حتى بعيدا عن الطائفة. ألا يستحق كقائد مقاومة أن يُقال سيدا! وقلت له حينما “ثَقَّل السيد العيار ضد الشهيد صدام حسين، انا وحدي الذي نقدته، وأنا لم أقدس لا صدام ولا اي أحد. ثم، ألم يقم كثير من الشيوعيين بتقديس قادة شيوعيين؟
خلاصة القول، فإن أخطر التقديس في حقلين:
الأول: احتضان الخارج لأي زائر من الأرض المحتلة وخاصة الزائرات لأن استخدام المرأة تجسساً مثمر أكثر وخاصة في أوساط شرقيين يتهالكون أمام تاء التأنيث. أحدهم في المانيا كتب لي أنه سوف يُقدِّم شهادة هامة لصالحي في المحكمة، أعمق من شهادة د. ربحي حلوم، لكن امرأةً أغوته فغاب. ترونه كثيرا على شاشات سوريا للأسف يتعنتر كما لو أنه يقتحم الجليل المحتل.
والثاني: استخدام الأنظمة والأحزاب وحركات بل محور المقاومة لأدوات محشوة طائفياً بالاتجاهين ضد بعضهم البعض. كل هذا إنما يؤكد بأن هذا المحور يحتاج إلى تنظيف يكون تنظيف اسطبلات أوجياس مقارنة به مجرد رياضة إحماء. وإلا، كيف تم الوصول إلى شهداء خلية القيادة في سوريا مع بداية العدوان، والشهيد عماد مغنية وأخيرا الشهيد سليماني!
ملاحظة: جلسة محاكمتي رقم 22 يوم الخميس 16 كانون ثانٍ الجاري الساعة العاشرة صباحا.