التخندق في محور المقاومة واجب كبير
د. عادل سمارة
فلسطين المحتلة
داخليا:الأخطر اليوم
لكل مرحلة خطابها وشعاراتها وأهدافها وتحالفاتهاوبالطبع قواها. لكن أخطر فئتين في المرحلة الجارية هما مشايخ الدين السياسي وعملاء الإيديولوجيا وخاصة حين تبدأ ملامح فترة توجب تغيير السياسات والتحالفات لأن مقتضيات منطق مصالح بلد ما تقتضي ذلك.
ذلك لأن كلتيهما ليستا أصيلتين في زعمهما الانتمائي بعكس الثوريين الذين يقوم موقفهم على خدمة الوطن وليس سلطة او منفعة ذاتية.
فيما يخص مشايخ الدين السياسي فهذه فئة استفحلت في الوطن العربي بعد هزيمة 1967 التي حاقت بالأنظمة قومية الاتجاه وبالقوى القومية والشيوعية وذهبت هذه الفئة في دورها الوظيفي متجاوزة خدمة الأنظمة التي احتوتها إلى تخريب الوعي المجتمعي والذهاب في فتاوى تتجاوز الحد الأدنى من العقل البشري سواء الدعوة لهدم الأهرام أو رضاع الزميل والتداوي ببول البعير وجهاد النكاح…الخ. ولا شك أن الأنظمة التي احتوتها كانت سعيدة بهذا الدور كونه يقود إلى تجويف الوعي الجمعي.
واليوم، في أعقاب لجم إرهاب الإمبريالية وانظمة وقوى الدين السياسي، فإن هذه الفئة تشتد سراسة لأنها تدافع عن الحظوة المصلحية التي نالتها، وليس لأنها مخلصة لسادتها وصانعيها: العدو الغربي والصهيونية وأنظمة التبعية ولا للدين طبعاً. وهي تطبق، طبعا دون شبه، مقولة الشاعر الشيوعي التركي ناظم حكمت: “وحينما تنزلق الأرض من تحت قدميك، فإنك تصبح ذئباً”.
وأخطر من هذه الفئة عملاء الأنظمة على أرضية الإيديولوجيا، ونقصد هنا أولئك الذين خدموا أنظمة العرب والفرس في العقود الأخيرة من الصراع سواء على أرضية طائفية أو قومية أو مذهبية …الخ.
ولأن المرحلة الحالية، سواء بتبلور محور المقاومة وخاصة مع التحول الاستراتيجي في القتال ضد الثورة المضادة (الغرب بلاثيته امريكا واوروبا واليابان، والصهيونية وأنظمة التبعية العربية)، تقتضي تصالحات في هذا المحور وتجاوزات على الماضي ، وهو قريب، ووجوب الاصطفاف في القتال الذي لا يقبل المصالحة مع الثورة المضادة، ووجوب الوعي بأن الهزيمة إن ما حصلت بعد اليوم ستطول ضمن ليل بهيم.
لكن عملاء الإيديولوجيا من الطرفين إما لديهم الشعور بأن دورهم قد إنتهى، وبأن المطلوب خطاب آخر وتفكير آخر، أو لأنهم لا يمكنهم تغيير بنيتهم الفكرية الثقافية المؤدلجة أو المبرمجة ببعد واحد، فهم لا ينفكون يمارسون الدور نفسه مما يضعهم في خانة التخريب وهي حالة أدنى من العمالة.
ولأوضح مقصدي أكثر، فإن طبيعة اصطفاف الثورة المضادة تكشف إلى اي حد توجد في محور المقاومة تفتُّكات عيقه أكثر مما تعيقه فيالق من الأعداء.
لعل اعلى التشابه بين هاتين الفئتين أنهما: لا تتوافقان مع قيام نظام هنا او هناك بعقد ما يسمى سلاما مع الكيان أو يرفع شعار أنه بلد لا ينحاز لأي محور في زمن صار التخندق في محور المقاومة واجب كبير.