لماذا تصاعدت دعوات مقاطعة الحج؟
أدى التناقض بين المكانة الدينية للسعودية وسياستها من حيث تغذيتها للعنف في الدول الإسلامية وتجاهل حقوق الإنسان في الداخل إلى دفع شخصيات دينية بارزة لحث المسلمين على مقاطعة الحج.
في الأشهر الأخيرة، حثت العديد من الشخصيات الدينية البارزة، المسلمين على مقاطعة الحج. لا يمكن تجاهل أهمية وخطورة هذا الطلب، فالحج هو أحد الأركان الخمسة للإسلام، وهو ركن عزيز لدى المسلمين.
ويعتبر الحج حلم بالنسبة لمعظم المسلمين أن يكونوا قادرين على أداء فريضة الحج، التي تحتاج قدرة على عدة مستويات: جسديًا وعاطفيًا وروحيًا وبطبيعة الحال ماليًا. ومع ذلك، فإن الجزاء الروحي وتجديد الإيمان خلال هذه الرحلة المقدسة يفوق بكثير تكاليفها.
لكن هناك جدل كبير حول المشاركة في الحج هذه الأيام، لأن القيام بذلك من الممكن أن يؤدي بشكل غير مباشر إلى إلحاق الأذى بالمسلمين الأبرياء وحتى قتلهم. تستفيد المملكة العربية السعودية مالياً بشكل كبير من ملايين الحجاج الذين يزورون المواقع المقدسة كل عام. وتزيد إيرادات الحج من حجم الأموال التي تملكها الحكومة السعودية ثم تقوم بعد ذلك بتمويل ودعم للمجازر والحروب في الأراضي الإسلامية الأخرى بشكل مباشر وغير مباشر، مثل قصف اليمن، والهجمات غير المباشرة في سوريا، وتونس، والجزائر، وليبيا، والسودان.
علاوة على ذلك، فإن العلاقة المشكوك فيها بين المملكة العربية السعودية و(إسرائيل)، ودعمها للعقوبات الفظيعة ضد إيران والتي تؤذي الشعب الإيراني تؤكد هذه الحجة.
إلى جانب هذه الجرائم البشعة، فإن النظام السعودي يعدم المدنيين بانتظام ويرتكب انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان لا يمكن تجاهلها. وقد تم نشر بعضها على نطاق واسع من قبل وسائل الإعلام، مثل اغتيال الصحفي “جمال خاشقجي”، في إسطنبول؛ لكن العديد من الحالات الأخرى تحدث في السر.
ووفقا للبعض، فإن المشاركة في الحج يعني حتما الاستثمار في انتهاكات حقوق الإنسان والفظائع التي ترتكبها المملكة العربية السعودية ضد المسلمين وغيرهم.
على سبيل المثال، دعا المفتي الليبي الأكبر “صادق الغرياني”، جميع المسلمين إلى مقاطعة الحج ووصل إلى حد القول إن كل من يشرع في الحج الثاني يرتكب خطيئة، وليس عملاً صالحًا. وقد قال نصا “من حج واعتمر مرّةً، فحجّه وعمرته للمرّة الثانية بدفع المال لحُكّام السعوديّة الذين يقتلون بها المُسلمين، إثمهما أكبر من نفعهما، وعليه بدلا من ذلك أن يدفع المال لفصائل المُقاومة في فِلسطين”.
وهذا التصريح استفزازي بلا شك، لكن العديد من العلماء والشيوخ يتفقون وجدانيا مع المفتي “صادق الغرياني” ويعتبرون أنه نظرًا للأوقات التي نعيش فيها، فإن الذهاب إلى المملكة العربية السعودية لأداء هذه العبادة أمر غير مستحسن في ظل الظروف السياسية الحالية.
وبالنظر إلى أوقات التشويش التي نعيش فيها، حيث يتم تشويه الإسلام وشيطنته والهجوم عليه من كل زاوية، من الضروري التذكير بأن السعودية لا تمثل الإسلام ولا يمكنها أن تدعي أنها تمثله. أفعالها مقيتة ومخالفة للقيم الإسلامية. والإسلام يحثنا على فعل الخير، وأداء أعمال الخير في جميع الأوقات.
بالتأكيد، لا شيء يمكن أن يحل محل الحج، ولكن بسبب الوضع الحالي والجرائم التي يرتكبها الحكام السعوديون، يفضل البعض أن ينأى بنفسه عن روايتها عن “الإسلام” والتي تعمل على تحويل المخالفات إلى أفعال إسلامية.
في الواقع، يتجاوز الضرر الذي تسببه المملكة العربية السعودية الأرواح التي تزهقها. إنهم يشوهون الإسلام للعالم بأسوأ الطرق، مما يجعل العالم يعتقد أن هذه الأعمال الوحشية “إسلامية”. وهذا أمر لا يغتفر.
وكالات