حرب الاستدوال أكدت شطب التحرير
د. عادل سماره
منذ أن توجهت م.ت.ف صوب دولة في الضفة والقطاع وأدخلتنا ورطة أوسلو أو ما اسميه الاستدوال ولحقتها من ثم حركة حماس في منافسة استلحامية بين الطرفين على “الدولة” بدل التحرير بات واضحاً أن القضية قد انتقلت إلى مربع آخر تماما، اي خارج التحرير. وبالتالي انتهى المشروع الوطني الفصائلي إلى مشاريع لكل فصيل مشروعه وبقي المشروع الوطني الشعبي يبحث عن طريقه في منطقة رمادية وصار عرضة للاستلاب سواء من الأنجزة، أو الحكومات العربية التابعة والعدوة حقيقة، او مجموعات السلام والانضمام في دولة واحدة تحت نعل العدو، أو “النضال السلمي” بالورود والعتاب وعنتريات الفضائيات، او المقاطعة في مجال والتورط في آخر…الخ واحتضنت الثورة المضادة كل هذا البدائل المشوهة.
لكن الروح الشعبي بقي على حاله متجليا في هذا الشهيد او تلك بين الفينة والأخرى لكنه لم يتسع بعد للوصول إلى حالة الرفض التام للتطبيع والمقاطعة المستدامة بأوسع نطاق ممكن لأن هذا فقط هو ما يُعيد العجلة إلى سكتها ويعيد فلسطين إلى صدارة الروح العروبية وعالم التقدم والثورة والتغيير ضد راس المال.
وكان الانقسام، بل الانفصال الذي اساسا لم تكن له اسس وحدة حقيقية لا في الجغرافيا ولا في القناعات، فكان سهلا لأنه أتى في مرحلة الاستدوال وكان أحد استحقاقاتها. ورغم التورط في الاستدوال، عجز الاستدواليون عن تداول السلطة لأن البنية اساسا أعجز ثقافيا وتجرية وقدرة على التعدد ومن ثم التداول. هذا من جهة ومن جهة ثانية، فإن استدوال يعتاش على مصادر ريعية متنافسة من جهة ولكن متفقة ضد القضية لا بد أن يُحكم بقراراتها.
لقد تلت الانقسام بكائيات على الوحدة ورفض الانقسام، دون أن يحصل اي تقدم حقيقي.
أذكر بعد الانقسام بأقل من شهر كنت من بين مدعوين إلى مؤسسة “باسيا” في رام الله مع مجموعة من منتسبي او قيادات الحركة الوطنية، وكان رأيي بعكس الجميع، أن الانقسام حصل ولن يتغير، ولا داع أن أكرر الأسباب الآن.
وأما اليوم، فأعتقد أن علينا رمي كل هذا وراء ظهرنا والاهتمام فلسطينيا بأمرين:
الأول: متابعة والمساهمة كل بطريقته في المقاومة
والثاني: متابعة الجبهة السورية خاصة كمركز محور المقاومة.
في هذين المستويين يكون الحدث والتاريخ والتغيير.