دول الخليج وتطبيع العلاقات مع العدو الإسرائيلي
د. غازي حسين
تتطور العلاقات السعودية والإماراتية مع العدو الإسرائيلي بشكل علني ومتسارع، ويتعزز الوجود الإسرائيلي في دول الخليج يوماً بعد يوم والموافقة على صفقة القرن وتهويد كل القدس وبقاء المستعمرات اليهودية وشطب حق عودة اللاجئين إلى ديارهم وتطبيع العلاقات وتصفية القضية وإنهاء الصراع والتحالف مع العدو لمواجهة حركات المقاومة والتحرر الوطنى ومحور المقاومة.
وافقت الإمارات العربية على فتح مكتب تمثيل دبلوماسي لإسرائيل في العاصمة أبو ظبي تحت اسم “وكالة الطاقة المتجددة إيرينا”، كما وافقت العاصمة الإماراتية في ظل استمرار الاحتلال لكل فلسطين بما فيها المسجد الأقصى المبارك وتهويد وضم القدس والجولان السوري ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا في جنوب لبنان وتصاعد الاستعمار الاستيطاني والعنصرية والتمييز العنصري والإرهاب واستمرار النكبة و الهولوكوست الإسرائيلي والتطهير العرقي وذبح الشعب الفلسطيني وترحيله من وطنه ومصادرة أراضيه وتهويدها، وفي ظل تهويد الأماكن الإسلامية المقدّسة في الخليل والقدس وبيت لحم ونابلس، وفي ظل فشل المفاوضات الكارثية فتحت إسرائيل الممثلية الدبلوماسية الإسرائيلية في أبوظبي على حساب الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني والحقوق القومية والدينية للعرب من مسلمين ومسيحيين والمسلمين في جميع أنحاء العالم.ويشكل التطبيع الإماراتي خيانة وطنية وقومية ودينية وقانونية للشعب الفلسطيني و للأمتين العربية والإسلامية.
جاء الربيع العربي المشؤوم الذي فجّرته الولايات المتحدة لتغيير أولويات بلدان الشرق الأوسط وتفتيتها، وتحويل بوصلة العداء عن إسرائيل وتوجيهها إلى حزب الله والمقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة وتصفية قضية فلسطين، وتسليم مقاليد الحكم في مصر ودول عربية أخرى لجماعة الإخوان المسلمين عن طريق الانتخابات التي موّلتها دول الخليج النفطية، كما عملت واشنطن وتل أبيب (توصيات مؤتمر هرتسليا) على تأجيج الفتن والحروب الطائفية والعرقية. وجاء تشكيل المخابرات المركزية والسعودية للقاعدة وداعش والنصرة والمجموعات التكفيرية الأخرى لتدمير واحتلال أفغانستان والعراق وسورية وليبيا والصومال واليمن في هذا السياق.
شكّلت السعودية التحالف الإسلامي العسكري بإقامة أكبر تحالف عسكري سنّي في العالم، وتُوجهه واشنطن والرياض ضد محور المقاومة وحركات التحرر الوطني و لقتل المسلمين وتحقيق الاستراتيجيتين الامريكية والاسرائيلية.
ويتعزز يوماً بعد يوم الوجود الإسرائيلي في بلدان الخليج وأخرجته السعودية عام 2016 من السرية إلى العلنية، انطلاقاً من الدور الوظيفي للإمارات والممالك العربية في الخليج في خدمة الاستراتيجية الأمريكية الشاملة في العالم وبالأخص في بلدان الشرق الأوسط والتوجّه إلى و لتطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل التوصّل إلى حل عادل لقضية فلسطين يعيد اللاجئ الفلسطيني إلى أرضه ودياره، ويحرر القدس والمسجد الأقصى المبارك من الاحتلال والاستعمار الاستيطاني اليهودي البغيض.
تتوجّه دول الخليج إلى إقامة علاقات علنية مع إسرائيل وصولاً إلى تطبيع العلاقات رسميّاً معها.
نجحت اللوبيات اليهودية في حمل الولايات المتحدة على توجيه الحروب والعقوبات الاقتصادية والفوضى “الخلّاقة”والفتن الطائفية والعرقية باستغلال السعودية وقطر والإمارات وأموالهم لتدمير العراق وسورية وليبيا واليمن ولكسر إرادة القيادة الفلسطينية وتهويدوضم القدس والجولان وبقية فلسطين وإنهاء الصراع ودور العرب في العصر الحديث، فالشغل الشاغل للمخابرات المركزية والسعودية والموساد واسرائيل وإدارة ترامب اليهودية إضعاف حركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية والعراقية والإطاحة بالأنظمة الوطنية وتدمير جيوشها ومنجزاتها والهرولة في التطبيع .
دمّر التحالف العربي بقيادة السعودية اليمن ومنجزاته، كما انطلقت السفن والطائرات والدبابات التي دمرت العراق من الأراضي والمياه والأجواء السعودية والقطرية والكويتية والإماراتية، وانطلقت المجموعات الوهابية والتكفيرية الأخرى من عرسال وطرابلس والأردن وتركيا بتمويل وتسليح سعودي قطري للإطاحة بالدولة السورية وتدمير منجزاتها وطاقاتها البشرية والاقتصادية .
رفعت السعودية إنتاج النفط من /8/ ملايين برميل إلى /10/وحالياً إلى 12 مليون برميل لكي يهبط سعر النفط من /120$/ إلى حوالي /30$/ لمجرد أن تلحق المملكة السعودية الضرر والخسائر بالدول الرافضة للهيمنة الأمريكية ومنها روسيا وإيران والعراق والجزائر ونيجيريا وفنزويلا، وألحقت السعودية بذلك أضراراً هائلة باقتصاديات البلدان المنتجة للنفط وخطط ومشاريع التنمية فيها.وحققت الأهداف العسكرية والاقتصادية لاستراتيجية ترامب التدميرية للدول المنتجة للنفط ومحور المقاومة.
وجنت وتجني السعودية حصاد سياساتها المدمرة والخطيرة على شعبها وأمتها وبقية البلدان الاسلامية.
تتدخّل السعودية بعنجهية في الشؤون الداخلية للدول العربية والإسلامية، وتصدير الإرهاب الوهابي والمجموعات التكفيرية الأخرى لتدمير سورية وبقية بلدان الشرق الأوسط والهيمنة عليها وقيادتها والتحكّم بقراراتها لتمرير الحل الصهيوني لقضية فلسطين.
وأصبحت الرياض في عهد محمد بن سلمان أكثر تبعية لإدارة ترامب اليهودية، وعليها أن تستعد لنتائج سياسة ترامب الهوجاء والخطيرة في منطقة الشرق الأوسط وبقية بلدان العالم.
قضى آل سعود على الوحدة العربية، وتسببوا بضياع فلسطين والتنازل العربي الرسمي عن عروبتها، وفي ويتحمّلون مسؤولية الخراب والدمار والقتل الذي حلّ بمنطقتنا سياساً واقتصادياً واجتماعياً.
وحوّلوا التطرّف الديني والفكر الوهابي الذي نشروه في العالم إلى إسلام أمريكي لخدمة الاستراتيجيتين الأمريكية والصهيونية، وبنشر التكفير والإقصاء والكراهية بدلاً من نشر أفكار التسامح والأخوة والمحبة والتعاون، وتحوّلت قضية فلسطين بسببهم وتبعيتهم لأمريكا والصهيونية العالمية إلى قضية ثانوية، ويعملون على تصفيتها بتمرير تهويد وصفقة القرن لها على حساب حقوق الشعب العربي الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية، وأصبحت الرياض أكثر تبعية لأمريكا والصهيونية، وعليها أن تستعد لنتائج السياسة الأمريكية في عهد إدارة ترامب اليهودية التي ستؤدي إلى إفلاس دول الخليج وبيع فلسطين لليهودية العالمية ولأمريكا لقاء حماية المملكة.
وانطلاقاً من العلاقات المتنامية بين مملكة آل سعود وبقية دول الخليج وبين العدو الإسرائيلي تعتقد إسرائيل أنها لم تعد بحاجة إلى تسوية قضية فلسطين بسبب العلاقات التي نسجتها و تنسجها مع المملكتين السعودية والهاشمية ودول الخليج، حيث حققت التطبيع معهم ووصلت إلى مستوى التحالف الاستراتيجي على حساب الأقصى والقدس وبقية فلسطين.
وتسير السعودية وبقية دول الخليج وإسرائيل إلى تفجير الصراع والمواجهة مع إيران لعشرات السنين بإشعال الفتن والحروب الطائفية والعرقية لتفتيت بلدان الشرق الأوسط وإعادة تركيبها ورسم (سايكس_بيكو2) والاعتراف بيهودية الدولة وإقامة الدول على أسس دينية و إسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال مشروع الشرق الاوسط الجديد.وانطلاقاً من هذه السياسة و احتلال السعودية للبحرين . واعترف محمد بن سلمان بأن فلسطين هي ارض التوراة
أعلن وزير خارجية مملكة البحرين ” أنّ إيران تهدد الخليج والاستقرار في الشرق الأوسط أكثر من إسرائيل”
وكرر الدبلوماسي السعودي عبد الله الشمّار نفس التصريح وأضاف قائلاً: ” لو كنت أنا من يتخذ القرارات لما ترددت للحظة بالتعاون مع إسرائيل في كل ما يتعلّق بالنووي الإيراني والمسألة السورية”.
أدّى تنازل السعودية عن عروبة فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق عودة اللاجئين إلى ديارهم إلى تبنّي النظام العربي الرسمي الرواية الصهيونية الكاذبة والاستعمارية والعنصرية حول فلسطين العربية.
كيف تقيم المملكة السعودية وقطر والإمارات والمملكة الهاشمية العلاقات الاستراتيجية والتطبيع مع العدو الإسرائيلي الذي ارتكب النكبة المستمرة واغتصب فلسطين بما فيها القدس بشطريها المحتلين، وطرد الشعب الفلسطيني من وطنه فلسطين وأشعل عدة حروب عدوانية على البلدان العربية؟.
باعت هذه الممالك والإمارات والطاغية المخلوع مبارك الوحدة العربية وفلسطين وحركات المقاومة والإسلام الصحيح مقابل تأسيسها وحمايتها لكسب ود الإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية والكيان الصهيوني، وتمكّنت بعد وفاة القائد العربي الكبير جمال عبد الناصر من التحكّم بالقرار العربي الرسمي وجامعة الدول العربية، وأصبحت إسرائيل ليست عدواً حيث استبدلت العدو الإسرائيلي بعدو مزعوم هو إيران الحليف الاستراتيجي للشعب الفلسطيني وبقية الشعوب في البلدان العربية والإسلامية.
وتبريراً للاستسلام العربي الرسمي تحدّث حمد بن جاسم في مقر الجامعة العربية إبّان الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة عام 2014 واصفاً نفسه والقيادات العربية الأخرى بالنعاج لتبرير الاستسلام العربي الرسمي لإسرائيل، وبيع فلسطين وقال حرفيّاً: ” نحن نعاج ولا نستطيع مواجهة إسرائيل”.
الأمركة والصهينة وفقدان الإرادة والكرامة الوطنية والدينية جعلت معظم الحكّام العرب يتنازلون عن عروبة فلسطين وحقوق الشعب والأمة، ويعني أنّ النظام العربي الرسمي المؤلّف من قادة معظمهم من النعاج يوافق على الحل الصهيوني لقضية فلسطين وتطبيع العلاقات وصفقة القرن وإنهاء الصراع والموافقة على هيمنة إسرائيل على جميع بلدان الشرق الأوسط.
وانطلاقاً من هيمنة أمير قطر على نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية آنذاك وموافقة السعودية سمح الأمير لنفسه أن يعلن في واشنطن تعديلاً خطيراً على المبادرة العربية اشترطته إسرائيل وسوقّته الإدارة الأمريكية في ذروة انتفاضة الأقصى لإجهاضها و لإضعاف المقاومة الفلسطينية و لإدخال المزيد من اليأس في نفس المواطن العربي تضمن موافقة النظام العربي الرسمي على تبادل الأراضي، وكان الرد الإسرائيلي على المبادرة التي صاغها اليهودي فريدمان و تبنتها السعودية ووافقت عليها قمة بيروت العربية اجتياح السفاح شارون بعد ساعات من إعلانها للضفة الغربية.
وارتكبت إسرائيل مجزرة مخيم جنين، ودمّرت حتى مؤسسات السلطة التي ابتكرتها بموجب اتفاق الإذعان في أوسلو، وحاصرت عرفات في المقاطعة برام الله.
وتجلّت روح الانهزام والاستسلام والتبعية والصهينة والعمالة لدى معظم قادة الدول العربية بأجلى مظاهرها.
معظم القادة العرب مهزومون وعبيد للإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية والكراسي التي يجلسون عليها، ووصفوا المقاومة الفلسطينية لأوحش وأخطر استعمار استيطاني و أبارتايد في تاريخ البشرية بالإرهاب، و أدانوا حركات المقاومة في فلسطين ولبنان.
أدّى تدخل الدول الغربية في الشؤون الداخلية للدول العربية والإسلامية وانحيازها الأعمى والمطلق لإسرائيل وضد الشعب الفلسطيني المظلوم وتأسيسهم للمنظمات الإرهابية واستثمار الإرهاب وتوظيفه لخدمة مصالحهم ومصالح ومخططات إسرائيل إلى انتشار ظاهرة إرهاب التطرّف الديني للأديان الثلاثة، فانتشر الإرهاب الصهيوني والوهابي وإرهاب المنظمات التكفيرية الأخرى والأفكار والمواقف الإرهابية لمعتنقي المسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية.
وأدّى ذلك إلى انتشار ظاهرة الإرهاب العالمي وإرهاب الدولة والإرهاب الدولي والإرهاب التكفيري الراجع إلى الدول التي غذّته مما أدّى إلى انتشار الفوضى وعدم الاستقرار وتصاعد العنصرية والكراهية والاستعمار الاستيطاني واندلاع الفتن والحروب الطائفية والعرقية في بلدان الشرق الأوسط، لتفتيت دول المنطقة وإعادة تركيبها ورسم خرائط حدودية جديدة وإقامة التحالف السعودي الإسرائيلي كمقدمة لإقامة إسرائيل العظمى من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد بالتعاون والتنسيق الكاملين مع الولايات المتحدة الأمريكية وإدارة ترامب اليهودية وبدعم من السعودية وبقية دول الخليج وعلى حساب النظام العربي.